السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
كل عام وأنتم بالعيد أسعد ..
قد يكون هذا الموضوع ليس بجديدٍ على هذه الساحة ، ولكن قد يكون طرحي له من نواحٍ أخرى لم توضع تحت مجهر النقد قبلُ .
أصبح مجتمعنا مرتهنًا لعادات تقدس المظاهر والشكليات دون اعتبار للجوهر والمخبر ، وهذا الأمر جليٌّ لكل ذي عين بصيرة .
وتتجلى هذه العادات في صورٍ شتى ، فأصغِ لأحد المتحدثين في المجالس تجد كلامه مرتكزًا على أمورٍ مظهرية قد تنبئك عن عكس ما أراد ، وكل حديثه من باب الإحساس بالنقص ، فقد يحاول أن يفتعل أمورًا تبدو مضحكةً مبكيةً لمن منحه الله عقلاً يدرك به الغث و السمين .
فاهتمامه بحسن المظهر أمام الآخرين دون اعتبار لأي قيم داخلية تدفعه نحو الأفضل تربيةٌ اكتسبها من عادات هذا المجتمع .
ومن المضحك أن تسمع أسئلة أولياء البنت المخطوبة عن الشاب المتقدم لهم ، فالمعيار هو التدين ، ولست أخالف في ذلك فذا أمر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه " ، ولكني أعجب من معيار التدين ، فالسؤال تجده عن اللحية وطول الثوب – مثلاً – دون اهتمام بأمور جوهرية تكون محدِّدةً لهويته وشخصيته الدينية والاجتماعية كمحافظته على الصلاة وتعامله مع والديه وأخلاقه في تعامله مع الآخرين .
فاللحية والثوب – مثلاً – مظهران من مظاهر التدين ، ولكنهما لا يحددان تلك الشخصية بتفاصيلها الدقيقة ، فكم من ملتحٍ يغش في تعاملاته التجارية ، وكم من ملتحٍ يكذب في حديثه ، وكم من ملتحٍ يمشي بالغيبة ، وكم من ملتحٍ تفوته صلاة الجماعة ، وهؤلاء الأصناف غير المحافظين لا يشكلون نسبة كبيرة من الملتحين ، بل هم – إن شاء الله – شاذون لا يقاس عليهم .
فأنعم برجل معفٍ لحيته مقصرٍ ثوبه ملتزمٍ بتعاليم ديننا ، وأقبح به معفٍ لحيته مقصرٍ ثوبه عاقٍ لوالديه فظةٍ أخلاقه .
ما أرجوه أن تكون نظرتنا أعمق وأدق ، وذلك بالتركيز على الجوانب السلوكية دون اعتبار كبير للأمور الشكلية .
ومن مظاهر ذلك أن تجد المرء يتبسط في الحديث مع – زوجته أو أخته أو حتى والدته – بحضور غيرها ليرسل رسالة للآخرين " أنا حبوب مع أهلي " ، فإن خلا بها قلب لها ظهر المجن ، وخلع عنه رداء الأدب والخلق !! والمؤسف في مثل هذا الموقف أنه يعلم بخطأ تصرفه ، ولولا ذاك لما تغيرت مواقفه بوجود الآخرين .
فهذه الشواهد التي سقتها على سبيل التمثيل لا الحصر تعطيني الحق في إصدار هذا الحكم على مجتمعنا المحلي ، فهو مجتمع يغرس الاهتمام بالمظاهر والشكليات في نفوس الناشئة ، فمن قادة المجتمع ومربي الأجيال يكون بداية التغيير ؛ لنلمس هذا التغير على الصغار الذين يتشربون تصرفات آبائهم وأمهاتهم وإخوانهم .
ولكل القراء خالص محبتي وتقديري ،،