مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 22-02-2004, 10:08 AM   #2
العمود
عـضـو
 
صورة العمود الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2003
البلد: alamod640@live.com
المشاركات: 3,413
وهنا مقال عبد الرحمن الراشد ..

مخيمات بريئة أم مجتمع بريء؟



عبد الرحمن الراشد
الشرق الاوسط - الاحد 8 فبراير 2004



أمر مؤسف ان تكون نسبة العرب هي الغالبة الساحقة بين معتقلي غوانتانامو، ومؤسف أكثر ان ربعهم من المملكة العربية السعودية. ففيها دلالة على حجم المشكلة التي لا نعرف بشكل واضح ابعادها عددا وعمقا، لكن الرقم في حد ذاته يكفي لقرع اجراس الانذار خاصة في مجتمع عرف اربعين عاما بأنه مسالم حتى تسربت اليه افكار دعاة التبغيض ومروجي الأضاحي البشرية.
ويزداد الخوف من المظاهر العامة التي قد تكون بريئة لكنها في اسلوبها وعملها دخيلة على المجتمع السعودي مثل المخيم الضخم الذي اقيم على شاطئ جدة واستهدف الكثير من الشباب بأنه مخيم دعوي، ودعوي كما لو كانت جدة تقع في احد بلدان افريقيا أو آسيا الوثنية. ومع اننا نتفهم حماس الدعاة لنشر رسالتهم الا انهم يتجاوزون حقائق مهمة مرتبطة بنشاطهم. فالمخيمات هي ممارسات سياسية ضمن اعمال التنظيم الشعبي، حتى لو كانت عناوينها دينية. ومن الحقائق المستجدة ان الساحة السعودية في حالة استنفار لا تحتمل مثل هذه النشاطات تفرضها التفجيرات الاخيرة. وهي ساحة بلا شك مستهدفة بالتنظيم والتجنيد وجمع الاموال. وهذه التجمعات، التي ظاهرها الايمان، تدعو الى القلق لأنه ثبت خلال السنوات الطويلة الماضية ان الجمعيات الخيرية السعودية اخترقت واستخدمت وسيست نشاطاتها. وما وجود 160 سعوديا، هم اكبر عدد من المسجونين في غوانتانامو التقطوا من افغانستان الا دليل قاطع على صحة هذه المخاوف. فقد تحول بعض ابناء هذا المجتمع، بسبب الجماعات الدخيلة، من مخلوقات مسالمة الى وحوش كاسرة. وجدة ربما مدينة تعج دائما بالحركة والنشاطات الفكرية المختلفة لكنها لم تكن تستهدف بهذه التنظيمات الاستعراضية الشعبية كما حدث هذه المرة. وجدة ليست الوحيدة، فواحدة من المحافظات الريفية الجنوبية في السعودية كانت مرتعا لهذا الحماس. ذكر مسؤول التنظيم الدعوي ارقاما خيالية هدفها دعوة الناس للاسلام فأفلحت في اسلام 128 شخصا، حسب قوله، موضحا انه تم توزيع نحو ربع مليون شريط دعوي ونحو مائتي الف نشرة على المواطنين!
ان اغراق اي مكان بربع مليون شريط، مهما كانت محتوياته، خاصة ان المنطقة مكتفية بالمساجد والدعاة والمصاحف والمدارس، يثير الاستغراب في حجمها ونوعها وغرضها، ويظهر بوضوح لماذا تحولت القرى والأرياف الى مرتع لهذه النشاطات المسماة بالخيرية. ثم لماذا تنفق اموال المحسنين على اشرطة ومخيمات ومواقع الكترونية ولم تمنح اطعمة وملابس للفقراء ورعاية اليتامى، كما وعد المحسنون وضللوا؟
ومهما ثبت ان هذه النشاطات بريئة فان بلدا يعيش حالة استنفار يبحث عن خلايا نائمة وأخرى هاربة ويجيش وسائل الاعلام للقبض على المتطرفين المسلحين ويفتش السيارات ويحشد حراسات الخراسانات لحماية الاماكن العامة والخاصة لا يمكن ان يفرط في مجتمعه لمثل هؤلاء. وعندما نرى محطة «الجزيرة» تمعن في الدعاية لشباب تنظيم القاعدة وتمجدهم كأبطال فإننا لا نستطيع ان نغضب وبيننا من يقيم المآدب والمخيمات والمحطات والكتيبات والمطويات والأشرطة والمواقع الالكترونية التي يمكن ان تنتج اشرطة وجنودا وأسلحة اليس كذلك؟
ان واجب العاملين في النشاطات الدينية ان يحموا مؤسساتهم ومجتمعهم من الفئات الدينية المسيسة التي جاءتنا بأساليبها وحماسها ومشاريعها، فهذه الجماعات خربت بلدانها بأيديها وهي تريد تخريب بلدكم بأيديكم.

--------------------------------------------------------------------------------




المصدر ...
http://www.alwatan.com.sa/daily/200...s/writers06.htm
العمود غير متصل