*
*
لقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من أكابر العلماء المجاهدين في سبيل الله الذين قاوموا المعتدين بسيوفهم وألسنتهم وأيديهم
بل ذكر بعض من كتب في التاريخ كابن كثير في البداية والنهاية وابن عبدالهادي في العقود الدرية وغيرهم أن شيخ الإسلام كان يشارك بنفسه في القتال وتحريض الجيوش الاسلامية بل كان رحمه الله يتنقل بسرعة على دواب البريد بين مصر والشام لملاقاة السلاطين وحثهم على تجميع الجيوش للقتال ضد الحشود التترية الغاشمة ،
ولما سمع حكام الشام بقدوم التتار وقصدهم لدمشق وما حولها فر أكثر هؤلاء الحكام إن لم يكونوا كلهم وحملوا معهم أهاليهم وذراريهم ولحقوا بمصر ، وفر معهم الكثير من العوام بنسائهم وأطفالهم حتى خلت دمشق أو كادت تخلو وتحصن من بقي منهم داخل الحصون المنيعة وتزودوا بالمؤن ،
وقل المصلون في الجمع والجماعات فكان شيخ الإسلام يتبع هؤلاء الفارين عن مقاومة العدو ويحثهم على الرجوع والقتال ولقد تعجب الحكام والأعيان من جرأة الشيخ عليهم ، وهذا والله دور العالم الرباني الذي يعرف الواجب المنوط به في مثل هذه الأحداث الكبيرة .
ويذكر المؤرخون أن الشيخ رحمه الله حضر موقعة " شقحب " الشهيرة التي كسر الله فيها الجيوش التترية كسرة كبيرة وكان يجول بين الصفوف ويحرض المجاهدين على الصمود وكان يشد من أزر أمراء الجيش ويحلف لهم بالله العظيم أن النصر لهم فيقولون له قل " إن شاء الله " فيقول " إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا " لثقته الكاملة في نصر الله وكان يتأول في ذلك قوله تعالى " ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ "
وكان من نتائج هذا الجهاد المقدس الذي قاده شيخ الإسلام رحمه الله أن الله هزم التتار في موقعة شقحب هزيمة كبيرة وقتل منهم آلاف الرجال وفر من نجى من التتار في الجبال والأودية فتتبعهم المسلمون وأعملوا السيوف في رقابهم حتى استأصلوا شافتهم وكسروا شوكتهم وهزموهم شر هزيمة فلله الحمد والمنة على نصر الاسلام وأهله .
.