.
.
***
سَمِعْتُ صُرَاخَاً فِيْ لَيْلٍ مُتَأخْر ، وَكُنْتُ مُسْنِدَاً رَأسيْ عَلَى رَصيفِ بَيْتٍ مَهْجورٍ وَجَسَديْ مِنْ البَرْدِ تَقَشْعَرْ ..!!
فَخَرَجَتْ امْرَأةً مُلفْلِفَةٍ وَجْهِهَا تَحْمِلُ بَيْنَ أحْضَانِهَا طِفْلَهَا .. تَهُزُّهـُ مُحَاوِلَةً إسْكَاتُهُ حَافيَةَ القَدَميْنِ رَثَّةَ الثِّيَابْ ، فَلْم يَلْبَثْ طِفْلَهَا سِوى بِضْعَ دَقَائقٍ حَتَّى سَكَنَ قَلْبُهْ ..!!
حَيَاةُ تَمْلئُهَا صِرَاعُ الأيَّامِ ، وَظُروفٌ قَاسِيَةٌ تَضْرِبُ بِكَفِّهَا بِلا رَحْمَة ، وَتَتَجَرَّحُ أَجْسَادٌ بَريئَةٌ نَاعِمَةٌ بِخُشونَةِ أَيَّامُهَا ، وَتَتَحَجَّرُ المَدَامِعُ في عُيونٌ صَغيرَةٌ كَحِيلَةٌ مِنْ مَآسيَ هُمومُهَا ..!!
تَعَالَ يَا أيُّهَا الفَقْرُ لِمَحْكَمَةِ الأيَّامْ .!!
لِمَاذَا أَخَفَيْتَ خَلْفَ قُضْبَانِكَ سَعَادَتُنَا ..!!
وَشَنَقْتَ الإبْتِسَامَةَ فَوْقَ قُلوبِنَا ..!!
كُنَّا نُسَايِرُ حَيَاتَنَا ، والزَّمَنُ نُطَاوِعُهُ
وَ مَنَظْرُ الحَيَاةِ كَيبٌ وَخُضْرَتُهَا مَيِّتَةْ ..!
الأُنْسُ طَعْمَاً لَمْ نَتَذوَّقْ يَوْمَاً طَعْمه
و مَلْمَسُ الأيَّامِ عَليْنَا كَـ يَدِ فَلاَّحٍ تَمْلؤُهَا الخُشُونَةْ ..!
هَذا حَالٌ يَعيشُهُ الفَقيرُ ، وَنَفْسُهُ عَلى الدُّنيَا ثَقيلَةْ
وَغَيْرُهـُ يَصُدُّ عَنْهُ ، وَكأنَّ حَيَاةَ الفَقيرِ تُنْقِصُ مِنْ عُمْرِهـِ أَوْ تَزيدُهـُ
الشَّعْرُ أَشْعَثَ والوُجُوهـُ غَابِرَةْ ..!!

***
سَأعُودُ لأُكْمِلَ إنْ يَسَّرَ الله
.
.