::: [ خواطر حول الأُبوّة ، و البنوّة ] :::
بسم الله الرحمن الرحيم

الأنفاس الأبوية مليئة بالدف و الحنان ، يشعر بها الإنسان فتكون له إشراقة حياة ، و ضياء أمل و جلاء ألم ، و تميهداً لمستقبل مشع بنور الإنجاز . هكذا يشعر الابن وهو في أول سنيه يتقلب في حضن والده فيقبل أباه تاره و يقبله أبوه تارة أخرى .
ثم يكبر الابن و يظن أنه سينفرد بنفسه و يستقل بذاته و لكن الحقيقة أنه يبقى في أمان في ظل وجود أبيه بجواره ، حتى و إن كان الأب ضعيفا هزيلا مع تقادم السنين ، مع هذا الضعف يبقى الابن بحاجة إلى الأمان بجوار والده ليساعده بالرأي و الفكر ، و ليرسم له طريق المستقبل من خلال تجربة الأب التي يُهديها إلى أغلى الناس لديه و أحبهم إليه ..
كيف لا يكون هذا وهما روحان امتزجتا فكانت شيئا واحداً يشتركان في الجوعة و اللقمة ، بل إن الأب ينتزعها من عينه و قلبه ليظفر بها حبيبه ..!
و بعد ما يرتحل الأب عن هذه الحياة يبقى حبيبه في غربة يحتار في كثير من شأنه ، و يشعر بجوعة نفسية تفقده الأمان في كثير من أحواله فيعلم حينها يقينًا أن الراحل قد كان هو العماد ، و أنه لا بد و أن يكافح بروح ناقصة علها تكتمل يومًا ليكون بهذا عصاميًا ينجز و يتقدم بنصف روح ..
كنت أظن الأبوة لا تتحقق إلا عن طريق النسب و لا عوض لها إن فقدت ، إلا أن الحياة تُعلم و التجربة تؤكد أمراً آخر .. أعملت فكري ذات مرة في قول العرب ( رب أخ لك لم تلده أمك ) فنظرت فإذا هذا النوع من الأخوة متحقق و رأيناه رأي العين ، و نظرت أيضا في حال هذا المثل و أنزلته في الأبوة فقلتُ : ( رُبَّ أبٍ لك لم تكن من صُلبه ) .. !
ربما كان هذا جديداً أو مُضحكًا إلى حدٍ ما ، و لكنه يعني لي حقيقة عايشتها من آباء كرام كانوا لي نِعم المرشدين المربين ، ألتمس من كلماتهم كلمات أبي الذي أعياني رحيله و هزني فقده ، لقد فقدتُ أباً حنونًا انذعرتُ بعده ، و لكن لا تزال بقايا أبوة أحتاجها لألحظها بعد ذلك في نظرات آباء آخرين فتهيم النفس في استعراض صور و مشاعر و كلمات للأب الأول رحمه الله تعالى .. لم يعد لي أمان إلا بقايا أبوة أتلقاها من أساتذتي و مشايخي و أقاربي و أصدقاء والدي - رحمه الله -
أخوكم / عبدالله[/center]
آخر من قام بالتعديل الـصـمـصـام; بتاريخ 04-01-2010 الساعة 04:16 PM.
|