الدليل الأول :
ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه (((((( يبعد )))))) النساء عن الرجال في المصليات سواء في المسجد النبوي أو في مصلى العيد لا يمازجنهم ولا يقربن منهم .
إذن ها هو صلى الله عليه وسلم قد منع الاختلاط حتى في المسجد النبوي الحرام مع وجود عوامل كثيرة تخفف ضرر الاختلاط منها :
1- أن المكان مسجد من بيوت الله له حرمته ومقامه في نفوس المسلمين والمسلمات.
2- أنه واقع في أرض حرام .
3- انه لا يزيد عنه قداسة من الأرض سوى المسجد الحرام .
4- أن اجتماع الرجال والنساء في مسجده صلى الله عليه وسلم جاء لأداء عبادة هي أعظم شعائر الإسلام بعد الشهادتين .
5- أن المجتمعين هم الصحابة الكرام خير القرون وأزكى البشر , والذين نال كثير منهم البشارة بالجنة وهم أحياء .
ومع هذا فرَق صلى الله عليه وسلم النساء عن الرجال ! ولم يسمح يوما بتداخل الجنسين .
ومن لم يدرك بعدُ كيف أن هذا العزل ليس من باب الجواز , فتوضيح ذلك من وجهين :
الوجه الأول :
المتقرر أنه لا يجوز لمسلم أن يحمل نفسه العناء تعبدا لله بترك مباح غير مكروه .
فكيف به إذا حمّل غيره العناء ((( تعبدا لله ))) بترك هذا المباح غير المكروه ؟!
إنّ إلحاقه العنت بنفسه أو بالناس تعبدا لله بترك المباح حرام بالإجماع .
وبما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كثـُـرت جموع المصلين في المصلى يوم العيد حمّل نفسه , وحمّل صحابته والصحابيات المصلين معه والمصليات زيادة من تعب سببه إبعاد صفوف النساء عن الرجال .
إذ قد قد اضطر لأن يلقي أولا خطبة بالرجال , ثم ترك الرجال ينتظرون وذهب أمام صفوف النساء ( البعيدات خلفهم ) وخصهن بخطبة أخرى
وبه قد تحمّل صلى الله عليه وسلم عناء الاتنقال إلى النساء وتكرار شيء من كلامه , ومعه أيضا زاد وقت الانتظار على الناس رجالهم ونسائهم .
فلو كان الاختلاط جائزا لما احتاج صلى الله عليه وسلم إلى هذا العناء , بل كان جمع الرجال والنساء معا متمازجين أو حتى متراصّي الصفوف ليسمعوا جميعا في وقت واحد .
كيف لا يفعل هذا وهو الحريص على التيسير على أمته حتى إنه نهى المرأة التي نذرت أن تحج بين المشاعر ماشية بقوله : " إن الله لغني عن مشيها , لتركب ولتهد بدنة " وغضب من الثلاثة الذين حمّلوا أنفسهم عناء بأن عزم أحدهم على صيام الدهر والثاني على قيام الليل دوما كله والثالث على عدم الزواج . وقال لهم صلى الله عليه وسلم : ( ..... فمن رغب عن شنتي فليس منـّـي )
فكونه قد أبعد صفوف النساء خلف الرجال وتحمل مزيد التعب وحمّل المصلين ذلك دليل على أن تفريقه صلى الله عليه وسلم بين الرجال والنساء محال أن يكون من باب الجواز .
إذن :
فلن يكلّف صلى الله عليه وسلم نفسه ذلك العناء ويكلف معه المسلمين لولا وجود مصلحة شرعية , وهي هنا واضحة لا غبش دونها : إنها منع امتزاج النساء بالرجال وأو مزاحمتهن لهم .
الوجه الثاني :
أنه لو كان الاختلاط وتركه جائزان على السواء , لكان تصرف الناس بدءا برسول الله صلى الله عليه وسلم ومرورا بالقرون المفضلة تصرّفا على السجية والأصل , فليس من العقل أن يكون الاختلاط ومنعه جائزان على السواء , ثم يعمد صلى الله عليه وسلم وصحابته إلى عزل النساء عن الرجال في المصليات !
فالمتحتم عقلا أن يتصرف الناس على السجية وهي أن يجتمعوا للصلاة ويصفـّـوا الأول فالأول قدوما سواء كان رجلا أو امرأة فتجد المرأة بجانب الرجل لكونها جاءت بعده وهكذا , كما يحصل في صفوف الرجال إلى اليوم .
فكون إبعاد النساء عن الرجال جاء بأمر وترتيب مقصود , فهذا دليل أن هناك حكم طارئ أدى إلى هذا الترتيب والخروج عن التصرف الفطري
هذا الدليل الذي هو عزله صلى الله عليه وسلم وإبعاده النساء عن الرجال في المسجد والمصلى , ومن بعده أصحابه والتابعون . ردّ صريح على من يزعم أن الاختلاط جائز ! وأن منع الاختلاط أمر دخيل على الفقه الإسلامي
ولو كانوا زعموا أن منع الاختلاط مستحب وأن الاختلاط مكروه لكانوا يقابَـلون بكلام آخر , لكنهم يزعمون أن منع الاختلاط ليس ولا مستحب !!!
****
ولا أدري كيف يحتاج أحد إلى البحث في حرمة الاختلاط وهذا التطبيق النبوي أمامه ؟!
أو حتى يبحث عن دليل غير هذا !
ففيه وحده كفاية وغنية عن مزيد .
فالحمد لله
لكن لتظافرالأدلة النصية والفطرية والعقلية , فسأواصل إيرادها إن شاء الله تعالى .
ولأني أطلت فأترك الدليل الثاني لتعقيب آخر إن شاء الله تعالى رغم صلته بهذا الدليل .
__________________
إذا قرأت توقيعي فقل :
لا إله إلا الله
هي خير ما يقال , وبها تكسب أجرا وتطمئن نفسا
***
في حياتي
سبرت الناس
فلقيت عند قلـّة معنى الوفاء
وقرأت في سلوك الكثيرين تعريف الدهاء
وامرأة وحدها , وحدها فقط , علّمتني معنى الثبات على المبدأ وبذل النفس له