لا زلت أؤمن من شكٍ ومن عجبٍ أن إعلامنا الذي يسمى (إسلامي) (والمصطلح خطأ لكن شُبه لهم) لا زلت أؤمن بأنه ليس مراهق فحسب ، ولكنه في مرحلة الطفولة، بل وُلد مشوهاً متوحداً ، يمكنني أن أسميه (إعلام ذوي الاحتياجات الخاصة)!قناة بداية، أو ما كانت تسمى بقناة (زواج)! بدأت بدية متخبطة لا تعرف لها هوية ولا منهج ثم تغيّر اسمها، وتغيرت برامجها، وأصبحت تحاكي ما يسمى بـ (برامج الواقع) وأيضاً هذه المرة (الإسلامي) (من باب الفكرة الخاطئة في محاولة أسلمة كل شيء حتى شرب الخمر!) تقليداً للغرب في كل ما يبدعوه، لإن الإبداع اختفى من قاموسنا العربي منذ زمن طويل جداً. فنحن مقلدون على طول الخط، ونحن أصحاب (جحر الضب الإسلامي) من باب الحكمة الرائجة: (هما نوعان : نوع لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، ونوع: لو دخلوا جحر ضب، لجاءوا وحفروا بجنبه جحر ضب آخر وسموه “جحر الضب الإسلامي”!!)لن ألتفت كثيراً إلى برامج القناة وأسلوبها ومن يظهر فيها ولن أنقدهم فلهذا حديث طويل ومكان آخر، لكن استوقفني في القناة إعلان يتكرر كثيراً وينبئك عن عقلية المجتمع العربي وكيف ورث أشيائا من مئات السنين وألصقها بالدين وهو منها براء ولا ينبئك مثل خبير.!صدقاً في البداية لم يستوقفني الإعلان ولم ألاحظ أي شيء غريب فيه (بحكم كوني جزء من هذا المجتمع وهذا هو قدري لا محالة) ! ومرة ثانية كذلك وثالثة أيضاً لكن مع كثرة التكرار حتى الحمار سيلاحظ! فمالِ بني البشر لا يعقلون ولا ينتبهون؟! تابع معي الإعلان على اليوتيوب وقل لي ماذا ستلاحظ:
هل انتهيت؟
…….
…..
وضح الآن.. مشهد تمثيلي لفتيات أربع وشاب يتحادثون عبر المسنجر على الإنترنت ، ويتغزلون ببعض وهو يوعدهم جميعا بالزواج وبين كل لقطة وأخرى هناك تعليق من القناة على حرمة الفعل هذا والسخرية من المحادثة والوعود.ما يثير الإزعاج والكراهية والقرف والنفور وينبئك بحالتنا العقلية المثالية! هو تسمية المشهد للفتيات بـ(الغبية1 والغبية2 والغبية3 والغبية4) أم الشاب فهو (ملك الحب) !!وعلى هذا فالفتاة هي الجانية وهي سبب المصائب وهي مصيبة بحد ذاتها وهي الغبية إن كانت ظالمة أو مظلومة وهي من تتحمل وزر هذا الشاب بل هي الشيطان التي أغوته، وهي من تتحمل المسؤولية إن انتهك عرضها من (ملك الحب)!!إعلان كهذا يرسخ الكثير من الصفات والمفاهيم السابقة ويصب في مصلحة ظلم المرأة (ولست معنياً بالدفاع عنها أبدا) وزيادة الاعتداء عليها (وحالات الضرب في مجتمعاتنا تزداد يوما بعد يوم) صحيح أن الفعل السابق من محادثة وهمية هو أمر شائن بطبيعة الحال، لكن الطرفين هما من يتحمل وزره لا الفتاة فقط التي توصف بكل وقاحة وتطرف وانغلاق بـ (الغبية) كل هذا لإن غريبا (ذكراً) أغواها واستغل عاطفتها بمعسول الكلام ورقيقه، ثم يسمى بعد ذلك بـ (ملك الحب) بدلا من الحقير أو التافه.