
الأسهم الحقيقية
سنين عجاف تمضي ، وشقاء يمر ببطء شديد، و نون صابرةٌ على أموالها في بورصة الحياة ، تكد وتجتهد في تحليل القيم والمبادئ ، تعالج الأخطاء من خلال المؤشرات ،و تضخ بالمزيد من الجهد والتعب إن تعثر سهم من أسهمها ،وتحاول بقدر المستطاع، جعله دوماً في خانة الأخضر، حتى تضمن عند الحصاد، ناتج ربحي جيد ، ينسيها ذلك الشقاء ، وتلك السنين العجاف التي عاشتها بكل مرارة . الاستثمار في الأبناء لا يعلوه أي استثمار، فمهمها بلغت فواتير الصرفيات ، ومهما انكمشت الوجوه من شدة التعب والسهر ، ومهما فتئت الأعين ، كونوا على ثقة بأنكم ستجنون ثمار ذلك الاستثمار عاجلاً أم آجلاً ،فإن أُصبتم بالملل والتعب ، وقلة الهمة لبلوغ المجد بأسهمكم ،حتماً ستعيشون عيشة ضنكا في ظل تزايد الحاجة للمادة ، وذلك هو رزقكم العاجل لقلة هممكم ، أمَّا إن صبرتم على الشقاء، وصرفتم جُل ما تملكون من مال ، وجهد ، ووقت ، على أسهمكم ، فإنكم ستجنون ثمرة ذلك الجهد وذلك التعب بكل تأكيد آجلاً.كثيراً ما نشاهد أمهات، سخَّروا جهدهم ووقتهم من أجل أبنائهم ، وكثيراً ما سمعنا قصصاً تحكى عن فلانه وعلانه كيف كافحن وصبرن من أجل أبنائهم ، في ظل غياب المكوِّن الأساسي للمعادلة الأب ، وكثيراً ما شاهدنا أمهات ، تخلَيْن عن فلذات أكبادهم ، فتركوهم للحياة ، تفعل بهم ماتشاء ، فكان مصير أحدهم أن امتهن تجارة المخدرات والمسكرات ،بعد أن كانت أمنيته ، ضابط تتلئلئ نجومه ، وتتباهى به أمه أمام المجتمع ، وآخر أصبح في الحراسات، راتبه بالكاد يغطي مصاريف السجائر ، وآخرون ضاعوا في الحياة فلا شر يذكرهم ولا خير يحن على ذكراهم.أنحني احتراماً وتقديراً وأقبل قدم كل أم أو مربية ثابرت من أجل المحافظة على أسهمها في بورصة لا ترحم الضعفاء .
العباس الشنقيطي
®