بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأخوة الكرام أما وقد ماج الناس في حديث لا ينقطع عن الشيخ البراك ، و كان ذلك من تبعات فتواه الأخيرة ، و لكن شكراً لمن نشر علم الشيخ من حيث لا يشعر ، فالأعداء و إن كانوا نقمة إلا أنهم في بعض الأحيان نعمة ، و لا يُعرف قدر المرء إلا بالنظر إلى أعدائه .
أذكر أنني ذهبت ذات يوم إلى جامع الراجحي بالرياض لأنال أجر الصلاة على أموات المسلمين و الدعاء لهم أسأل الله أن يتقبل منا و من الجميع ،
و قبل الصلاة على الأموات تقدم على غير العادة فضيلة الشيخ عبدالرحمن البراك ليؤم الناس ، و كان السر في ذلك أن أمه رحمها الله في عداد هؤلاء الأموات ..
و قد كنت سمعت أن الشيخ عبدالرحمن البراك من أشد الناس براً بأمه ، و من القلائل الذين أتوا بما يعجب منه الإنسان و يعجز عنه ،
لا سيما إذا علمنا أن الشيخ كفيف البصر كبير السن ، و لكنه مع ذلك يستصغر نفسه عند أمه ..
و أنا أسمع القصص عن الشيخ مع أمه كنت آمل بمن يأتي ليروي لنا تلك المواقف التي تزيد الإيمان و تجعلنا نعيد النظر في تعاملنا مع أمهاتنا ، حتى وقفت على شيء مما سطره الدكتور علي الصياح وهو من طلاب الشيخ حيث ذكر مما عرفه عنت مواقف الشيخ عبدالرحمن البراك مع أمه :
-
الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله عُرف عنه قلة الحج ، وما ذاك إلاّ لعدم موافقة والدته رحمها الله ، وما بدأ يتابع الحج إلا بعد أن ضعفت ذاكرتها واختلطت بعض الشيء فأصبحت تسمح له بالحج .
- الشيخ في سفره إلى مكة في الإجازة الصيفية لا يقطع الاتصال بوالدته يومياً ، بل لا تقل اتصالاته عن الاتصالين يومياً ،
بل إنه ليقطع الدرس ونحن نقرأ عليه في الدور الثاني من الحرم فيتصل عليها ثم يعود لإكمال الدرس .
- والدة الشيخ ليست مقيمة عنده بشكل دائم ، وإنما تتنقل بين بيت الشيخ ، وبين بيت أخيه ، وعندما تكون رحمها الله عند الشيخ ،
فإنه يترك النوم مع زوجه ، وينام مع أمه في غرفتها ، ليلبي لها طلباتها .
- ومن قبيل هذا النوع ، وهو تلبيته مطالب والدته رحمها الله :
أنه وفقه الله يقوم بمسك يديها ، حيث إنها بطيئة المشي ، فيقوم بإيصالها إلى الحمام ، ووضعها على الكرسي الخاص بها ، ثم ينتظر حتى تفرغ من حاجتها ، ثم يعود بها إلى مكانها ، مع وجود بنات الشيخ وزوجته .
- كما أن من بر الشيخ حفظه الله لوالدته رحمها الله أنه لا يقطع لها عادة اعتادت عليها ؛ ومن ذلك أني كنت أقرأ عليه في يومٍ جميل في ساحة المنزل عند باب الرجال - وكان الدرس لا ينتهي إلا مع أذان المغرب دائماً – وفي ذلك اليوم لاحظت أن الشيخ يستعجل علي في الخروج بأسلوب لطيف خفي ولما قرُب أذان المغرب أمرني الشيخ حفظه الله بالخروج من المنزل ، ولم تكن هذه عادته وفقه الله ، ولما كان بعد العشاء من ذلك اليوم فوجئت باتصال الشيخ وفقه الله علي في المنزل ،ويعتذر عما بدا منه ذلك اليوم ، ويخبر أنه فعل ذلك لأن والدته لها عادة أنها تتوضأ المغرب من حنفية كانت في حوض النخلة التي عند الباب ،
وأنه لا يريد قطع عادتها تلك .
- لما اشتد عليها المرض رحمها الله ، كانت عند شيخنا ( البراكـ ) حفظه الله ، وكان يقوم بتطبيبها ، وينام معها ويقوم بإطعامها وسقيها ،
بل إن شيخنا حفظه الله كان إذا صلى الفجر خرج من المسجد وقام بإصلاح الشاهي ، ثم يقوم بسقيها ، وأحياناً يبرده لها ، ويقوم بسقيها من خلال المصاص ، كل هذا وهو أعمى وفقه الله ، ثم يرجع بعد ذلك للمسجد ليلقي درس الفجر .
فلله هو من عالم رفيع القدر يعرف حق الله عليه و حق والديه ..
أما والده فقد توفي وهو لم يبلغ الحلم بعد .
::: أخيراً :::
أدخلت مساء أمس والدتي شفاها الله إلى المستشفى لإجراء عملية القلب المفتوح
من حقها علي أن أسأل الله لها الشفاء و من كرمكم أن تشاركوني بالدعاء لها بالشفاء و تمام العملية و نجاحها ..
أخوكم / عبدالله