منصة توقيع
(6)
معرض الكتاب بمجمله يحتوي على أربع منصات توقيع، منصتين في منتصف المعرض والداخل للمعرض يراهما بشكلٍ واضح وهي مخصصة لتواقيع المؤلفين الرجال، والمنصتين قريبتان من منصة قناة الثقافية التي تحدثنا عنها سابقاً، ومنصتين في قسم الطفل وهي مخصصة لتواقيع المؤلفات النساء وهي في الجهة الجنوبيه من المعرض.
أما الجمهور من الرجال والنساء فبإمكانهم الذهاب لأي منصةٍ يريدونها ولا مشكلة في ذلك، فالمجال مفتوح للجميع بما أننا في مجتمعٍ ثقافي متحضر، وبإمكانك كرجل أن تطلب من إحدى المؤلفات أن توقع لك على كتابها!!!!
وفي الحقيقة قد يتساءل البعض عن سبب هذه المنصات وما الذي تهدف إليه؟ والواقع أن هذه المنصات ما وضعت إلا لتسويق كتاب مؤلفٍ ما.
فهذا المؤلف إن أراد التسويق لكتابه فكل ما عليه إلا أن يطلب التوقيع على كتابه وسيحظى بساعةٍ يستطيع وقتها أن يوقع على كتابه لكل الجمهور.
وهذا يعني أنه يجب على المؤلف إن أراد التوقيع على كتابه أن يكون توقيعه مجاني للزوار حتى يكون التسويق فعالاً أو أقل القليل يكون السعر رمزي.
في إحدى المرات كان التوقيع على كتاب لفنان تشكيلي وقيمة هذا الكتاب في المكتبات تصل إلى 150 ريال إلا أنه وفي منصةِ التوقيع كان سعره فقط 20 ريال، والهدف من وضع هذا السعر ليس أنهم يريدون مالاً عليه أو ربحاً مادياً!
وإنما لكي لا يأخذ الكتاب كل من هبّ ودب ثم يلقونه بالخارج لأن تكلفة الكتاب عالية جداً، ولن يدفع هذا المبلغ إلا شخص فعلاً يريد الكتاب والاستفادة منه.
وهذه فكرة جميلة للتسويق للكتاب لكي لا يكون في سلّة المهملات، طبعاً نحن نتحدث بأنه هذا هو الذي يجب أن يكون الأصل، إلا أن الغالب أنه في منصة التوقيع لا يوجد أي تخفيض.
طبعاً منصات التوقيع تبدأ بعملها من الساعة الرابعة عصراً وكل ساعة يتغير المؤلف فقد تُشغل جميع المنصات وقد لا يكون فيها أي توقيع، ومن المهم جداً أن يكون الكتاب من إصدار السنةِ الجديدة فإن كان قديماً فلا يسمح له بالتوقيع أو الدخول للمنصة.
أغلب التواقيع في المقام الأول هي الروايات وهي الأكثر ثم تأتي الدوواين الشعرية في المقام الثاني وهذين النوعين نستطيع أن نقول بأنهما الأكثرية، أما ما عدا ذلك من مؤلفات فهي تعد على الأصابع ولا يمكنها الدخول في المنافسة، هذه باختصار فكرة منصات التوقيع.
نأتي الآن إلى ما يحصل في منصات التوقيع لاشك بأن المغزلجية هم أكثر من يفرح بوجود مؤلفة توقع على كتابٍ لها (ألا تلاحظون بأن هؤلاء قد أخذوا راحتهم كثيراً!!) وقد تتساءلون ما السبب؟
أقول لكم ما رأيته من أكثر من شخص من هذه العينات وماذا يقومون به جعلني أؤمن بأنهم قد أخذوا راحتهم فعلاً، فأحدهم عندما سمع بوجود مؤلفة توقع على كتابها، جاء مسرعاً لمنصة التوقيع ثم اشترى كتابها ولا يهمه السعر أو مادة الكتاب بقدر ما يهمه أن يشتري الكتاب!!
عندما وصل للمؤلفة ألقى بالتحية وأعطى المؤلفة الكتاب ثم بدأت المؤلفة بكتابة الإهداء وقبل أن تسلم له الكتاب طلب منها أن تضع بريدها الإلكتروني لكي يرسل لها ملاحظاته بعد قراءة الرواية ثم سيلقط صورة معها للذكرى!!!!!!!
انحرجت المؤلفة ثم تبسمت ووافقت على إعطائه بريدها الإلكتروني إلا أنها رفضت على التقاط الصورة معه...
هالمغزلجي هذا كالذي يقول بنفسه: (إن مشت أموري وإلا ماراح أخسر شيء)، والحقيقة أن النظام يحفظ له حقه فهو لم يتحرش بها، وهي مؤلفة ومن الطبيعي أن تتواصل المؤلفة مع جمهورها!!!
نفس هذا الشخص انتظر حضور مؤلفة أخرى وفعل معها مثلما فعل بالمؤلفة الأولى، إلا أنها رفضت كلا طلبيه وهو في الحقيقة لم ينصدم من هذا الفعل لأنه مثلما قلت لن يخسر شيئاً.
طرحت هذا الأمر على أحدهم وقلت له ما رأيته وما تحدثت به إلا أنه أجابني: بأن مثل هذا يحصل كثيراً، فمن الطبيعي أن يتواصل المؤلف مع معجبيه وجمهوره، وهذا أمر مكفول ومحفوظ للجميع!!!!!
قلت: وقد يحصل بعض الأمور التي لا نريدها؟ من تحرش وابتزاز وعلاقة؟
قال: نحن لسنا مسئولين عن ذلك، وكل ما يهمنا هو ما يحصل في المعرض؟
قلت: ولماذا بعض المؤلفين نراه يهشّ الذباب من أمام كتابه فلا جمهور ولا معجبين؟
أجابني: لو كان امرأة جميلة لرأيت الجميع يتقدم لها ويطلب توقيعها حتى لو كان كتابها سيئاً للغاية!
أو لو كان رجلاً مشهوراً لرأيت الكل يطلب رضاه ويسأله التوقيع حتى وإن كان الكتاب قبيحاً جداً....
قلت: إذن أفهم من ذلك بأن أغلب من يأتي لمنصات التوقيع لطلب التوقيع نعتبرهم من العوام الذين يبحثون عن اسم الشخص لا عن ما المادة العلمية التي نريدها!! وقد يأتون مجاملةً للمؤلف أو المؤلفة!!
أومأ لي بالإيجاب وأن هذا ما قد يحصل كثيراً، انصرفت وأنا أقلب المسألة في رأسي كثيراً.
روايات يتم توقيعها واستعراض من مؤلفين ومؤلفات، فأحدهم يأتي بباقتي ورود تزيد قيمتها عن ألف ريال، والأخرى تأتي بمجموعة شوكولاته من Patchi ، وآخر يدفع للإعلاميين لكي يتم تصويره بالكاميرات وعلى هذا المنوال، كل مؤلف يستخدم قوته ونفوذه لدعم توقيعه ومنصته، وكلها من أجل ساعةِ توقيع.
أصبحت المسألة تجارية أكثر من أنها ثقافية وعلمية، وعلى هذا فإنني أقول بأن كثيراً من الأشخاص تم قتلهم ودفن إنتاجهم الثقافي والمعرفي والسبب بأنهم لا يملكون مالاً ونفوذاً أو معارف....
هذه بعض الشروط التي أنصح كل شخصٍ إن أراد توقيعاً ناجحاً لكتابه فيجب أن يعمل بها:
أولاً: يجب عليك أن تدفع لرجلين أو ثلاثة من رجال الصحافة وتطلب منهم أن يكتبوا تقريراً عن كتابتك وأنه معجزة العصر ويسوقوا له ويضعوا اقتباسات منه.
ثانياً: يجب أن تضبط علاقاتك مع مراسلي القنوات حتى يغطوا حدث توقيع الكتاب ويجعلوا منه حدثاً تاريخياً وإن حصل يقوموا بمقابلة معك بعد التوقيع فهذا حسن.
ثالثاً: إن استطعت أن تحضر عدد من الأشخاص وتطلب منهم أن يصرخوا طلباً لتوقيعك حتى يحس العامة بأنك كتابتك مهم للغاية.
رابعاً: حاول أن توحي للجمهور بأنك خفضت سعر الكتاب حباً لجمهورك ولعشاقك ولا يهمك المال بقدر ما يهمك إيصال الكتاب لكل بيت.
حاول أيها المؤلف أن تعمل ببعض هذه الأمور وصدقني ستجد صداً ونجاحاً واسعاً لكتابك، وستشكرني حينها وتدعو لي بالتوفيق.
مذكرتي القادمة ستتحدث عن الكتب وأسعارها وتعامل إدارة المعرض مع المتلاعبين، فكونوا بالقرب.