بعد أن انتهت محاولتي في تغيير المدرسة التي عُينت فيها إلى مدرسة أخرى بالفشل ، ولاقيتُ من أمري عسرا ، قررتُ الذهاب إلى المدرسة التي عُينت فيها ، متوكلاً على الله ، وما يدريك لعل في الأمر خيرة وفلاح ، ولعل في هذه المدرسة ما يسرك ويسعدك ، فلا تأس ولا تحزن ، هكذا كنتُ أحدث نفسي وأنا أشق الطريق ذاهباً إلى هذه المدرسة التي تدعى بمدرسة [ ..... ] .
كانت التخيلات تحوم في رأسي حول المدرسة وشكلها ، وماذا سيكون شكل المدير ، وأشكال المعلمين ، ونظرة الطلاب إليّ ، وهل سأكون شخصية مقبولة محببة ، أم غير ذلك !
لم أكن أعرف موقع المدرسة بالتحديد ، سألت أحدهم ، فعرّفني بها ، وانطلقتُ متشوقًا لمرأى هذه المدرسة ، شعورٌ بالارتياح وإحساسٌ بالانشراح يخفق بين جنبيّ لا أدري ما سره .
كانت الطريق ضيقة ، السيّارات مصفوفة بشكل لا بأس بهِ ، وصلتُ إلى البوابة الرئيسية ، المدرسة تقتطن في [ بيت ] عاديّ كما لو كان لأسرة ، وليس مبنىً حكوميًا مخصصاً للتدريس ، انشرح صدري أكثر ، وانفرجت أسارير خشتي ، ذلك أن لدي قناعة أخذتها من تجربة ، أن المدارس التي تكون في المنشئات الحكومية المخصصة والجديدة ، يكون فيها النظام صارمًا ودقيقا ، بينما المدارس التي تكون في البيوت المستأجرة ، يكون فيها النظام مرناً يسيراً ، لما تضفيه أجواء البيت والأسياب والمطبخ ودورات المياه من بساطة .
دلفتُ إلى المدرسة بعدما تأكدتُ من هندامي من خلال نافذة الجيب المتوقف بجوار الباب ، كنتُ مبتسماً واثقاً ، وصلتُ إلى غرفة المدير فوجدتها فارغة إلا من وجهٍ طيّب ليس بغريبٍ عليّ ! أوه .. تذكرتهُ إنه الشاب الطيّب الذي جالستهُ مرة في شقة [ راكان عارف ] الثائر الأحمر وزمرته الرائعون الرفحاويون ، سلّمتُ عليه بحرارة ، سررت لرؤيته لما أعرف عنه من طيبة وخلق ونبل تعامل وعظيم كرم ، وهكذا هم أهل رفحاء .
كان قد سبقني إلى الحضور بيوم ، انتهزت الفرصة لسؤاله عن ما حصل أثناء غيابي بالأمس ، كان كل شيء يسير على ما يرام ، سلم علينا بعض المدرسين ، حضر المدير ، يبدو على محياه الرسميّة البحته ، فيما بعد تبيّن لي كم أن الرجل طيّب وطريف كذلك .
انتقلنا إلى الوكيل ، وكان محياه هو الآخر عليه آثار الصرامة والنظام ، لكن في داخله تجد الطيبة والسماحة ( واحد خايف يجون يقرون هاليوميات ويتورط .. ) .
في غرفة الوكيل كان المعلمون يدخلون فرداً فردا ، فنسلم على كل واحد منهم ، كان الجميع حريص على إبداء البشاشة والترحيب ، فكل من يحضر يسكب لنا القهوة والشاي ، حتى أخذتنا الأحاديث مع بعضهم ، كما لو كنا نعرفهم منذ زمن طويل ، بيد أن مدرس البدنية شيء آخر ، إنسانٌ آخر ، من أطيب من رأيتُ من البشر ، بشاشة وطيبة وخلقاً ومحبة للغير ، أخذنا في جولة على المدرسة ، كان يثني على الجميع ، ما أجمل روحه وما أعذب محياه ، كان يكرر بين الفينة والأخرى [ تبي تستانسون إن شاءالله ] وأبشروا بالدرجات ، مالكم إلا الي يرضيكم !
مررنا على المكتبة ، كنتُ متشوق لرؤية ما تحتويه من الكتب ، تفاجأت بأنها خاوية على عروشها إلا من طاولاتٍ طويلة وبروجكتر وشاشة ، وشويّة كتيبات [ وليس ] كتب ، مصفوفة في الزاوية البعيدة !
تجولنا بين الصفوف حتى وصلنا إلى غرفة [ الفنية ] ، كانت هذه الغرفة في أصلها [ مشب ] يستدفء بها أهل البيت في البرد القارس .. ،
بدت تفاصيل البناية قديمة للغاية ، بشرونا أنهم سينتقلون في غضون أسبوعين إلى مبنى حكومي جديد على مقربة من المدرسة .
عدنا إلى غرفة الوكيل وجلسنا شيئاً من الوقت ،حتى ذهب الجميع إلى اجتماع يقررون فيه الجداول والمواد والآلية التي سنسيرُ عليها ، بينما نحن أخذنا نتحدث في مواضيع شتى ، دخل أحدهم فجأة ، كان بشوشًا ذا ابتسامة رائعة ، ظننتهُ كبقيّة المعلمين ، تبيّن لي أنه زميل تطبيقٍ معنا من أهل [ حفر الباطن ] ، قرأتُ في محياه الكثير من الطيبة والسماحة والإيثار .
كان كل شيء يبشر بالخير ، حمدتُ الله وشكرتهُ ، وقعنا على ورقة الحضور والانصراف ومضينا بوجوه متفائلة ، على أن يكون يوم غدٍ الأربعاء ، هو اليوم الأوّل للتطبيق الفعلي .
دعواتكم بالتوفيق والنجاح ..
__________________
[POEM="type=0 color=#000000 font="bold medium 'Simplified Arabic', Arial, Helvetica, sans-serif""]لمتابعتي عبر التويتر أو الانستغرام: @ibradob[/POEM]
|