محمد بن حامد آل عثمان
كناطح صخرة يوما ليوهنها *** فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
هذا هو حال العصابة الليبرالية مع الأعلام الشامخة من العلماء والدعاة والمحتسبين .. نطاح وصراخ وفوضى كلامية، وتهم ملفقة، وعبارات سمجة، يخرج كثير منها عن حدود الأدب، لو أطلقها صبية في الطرقات لاستحقوا عليها التأديب.
تأمل حال هذه العصابة الصحفية تجد أكثرهم من خريجي المقاهي، ومن المتسكعين على أرصفة الحدائق في مدن الغرب أو الشرق، ممن لا قيمة لهم في بلادهم وبين أهليهم، تشهد على ذلك مقالاتهم التي يقصون فيها مواقف من تبذلهم وتسكعهم في تلك الديار يندى لها الجبين، يوردونها في سياق من التبجح والفخر .. وربما قصدوا إملاءها على شبابنا الذين لايعرفون إلا الأخلاق الكريمة والعادات الرصينة، فيزينون لهم الأفعال المشينة على أنها تقدم وتحضر، فعل إمامهم وقائدهم إبليس الذي قصه الله علينا في قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ).
هؤلاء يتحدثون دائما بمنطق السفه الشوارعي الذي لا تحكمه آداب، ولا يلجمه حياء ، فيتحدثون عن علماء الأمة، وفضلاء الرجال ، وقضاة العدالة، وحماة الفضيلة، بمثل هذا المنطق السمج، والوجوه الصفيقة، لا يستشعرون هذه المعاني ولا يحفلون بها، لأن استشعار هذه الآداب والأخلاق إنما يأتي عن طريق الديانة والمروءة، وأكثرهم قد انسلخ منها والعياذ بالله بعد أن ذبحوها بسكين الشهوة وسيوف التغريب.
وليس ببعيد عنا شغبهم على العلامة الشيخ عبد الرحمن البراك في فتواه المباركة بكفر من استحل الموبقات التي يفضي إليها الاختلاط، وقد أيدها العلماء الربانيون ووافقوا على كل ما نصت عليه .
وهاهم اليوم يحملون حملة شعواء، يختلط فيها النباح بالصياح، والزور بالغرور، والكذب بالبهتان، كعادتهم، يتناوبون الخسة، ويتوزعون الأدوار، على طريقة عصابات المافيا .. وحملتهم هذه المرة على جبل أشم من جبال الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الشيخ يوسف الأحمد حفظه الله .
وسبب الحملة الشيطانية على شيخنا الفاضل، أنه أدلى في مداخلة له بإحدى القنوات باقتراح لحل مشكلة فتنة الاختلاط في المسجد الحرام - التي يعاني منها اليوم كل من دخل المسجد- بإعادة بنائه على أدوار متعددة، بعضها يخص الرجال وبعضها يخص النساء فتزول الفتنة، ويحصل أداء الطواف والسعي والصلاة على وجه من السكينة، والبعد عما يشوش على الرجال والنساء معا من فتنة الاختلاط .
مجرد اقتراح، قابل للدراسة والتأمل من النواحي الشرعية والهندسية وغيرها . المفروض أن يرحب به، ويشكر عليه الشيخ يوسف، لما فيه من سعي لحل مشكلة الزحام، والاختلاط، والانشغال عن العبادة، ثم بعد ذلك يمكن أن يعدل بالزيادة عليه أو الاكتفاء بشيء منه، أو حتى رفضه . فهو اقتراح وليس بفتوى، ورأي وليس بحكم شرعي، وفكرة وليس بنص محكم .
فلماذا الشوشرة والتشغيب إذن ؟
أليس هؤلاء الذين يشغبون على العلماء الأجلاء، ولا يقبلون لهم قولا ولا رأيا، هم الذين ينادون كذبا وزورا بالدعوة إلى الحوار، وقبول الآخر، والتعايش السلمي، وحرية الرأي، وما إلى ذلك من دجلهم وسفسطتهم التي أول من يرفضها وينقضها هم أنفسهم ؟.
أين رفضهم للإقصاء، ومطالبتهم بالتنوع، وشكواهم من التفرد بالقول الواحد ؟
ألا يستحي هؤلاء من أنفسهم ومن تناقضهم وهم يفتضحون في كل يوم من على صفحات الجرائد ؟
أيبقى هؤلاء السفهاء يتطاولون على العلماء، ويثيرون الفتن، ويشيعون التوتر والقلق في مجتمع ينعم بالأمن والأمان، والمحبة والالتحام بين أفراده وعلمائه وولاته ؟
إننا نطالب ولاة أمرنا حفظهم الله أن لا يدعوا لمثل هؤلاء السفهاء فرصة الحط من شأن علمائنا، والعبث بقيمنا وأخلاقنا، وتمزيق لحمتنا . وأن يولوا منابر التحرير في صحفنا من يعرف أمانة الخبر، ومسؤولية الكلمة، ويملك من العلم والفهم والأدب، وتقدير المصالح العامة، وتوجيه المجتمع إلى بر الأمان والسلامة، وما فيه خيري الدنيا والآخرة . وأن يعيدوا هؤلاء السفهاء إلى أحجامهم الطبيعية، التي لا تزيد عن أحجام الديدان والجرذان والزواحف الضارة .
أما أعلام هذه الأمة الشامخة، ورجالها الأفذاذ، فينبغي أن يعرف لهم قدرهم، وينزلوا منازلهم، وتصان أعراضهم عن سفه السفهاء، ورعونة الأشقياء .
والشيخ يوسف الأحمد – نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا – من خيرة العلماء الذين لهم قدم راسخة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر احتسابا، في وقت قل فيه من يقوم هذا المقام ويحمل فيه هذه الأمانة، ولذلك فقد شرق به، وبجهوده المباركة، منافقونا على اختلاف أطيافهم ومشاربهم .
وهذا ليس بمستغرب فقد قال الله تعالى فيهم : (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ).
كما قال تعالى في المؤمنين: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) .
فلا غرابة إذن في أن يكون الآمرون بالمنكر الناهون عن المعروف أعداء متربصين بالآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون.
__________________
الصفحه شخصيه
http://www.facebook.com/pages/hyyt-alamr-balmrwf-walnhy-n-almnkr/177107028996316?v=wall
|