مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 05-04-2010, 07:33 PM   #97
الــنــهــيــم
عـضـو
 
صورة الــنــهــيــم الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2003
البلد: بين دفات الكتب !
المشاركات: 11,880
[ 6 ]


كنتُ في السابق أظن شكوى المعلمين نوعٌ من الدلع والترف لا أكثر ، بيد أنه تبيّن لي أن المعلمون يعانون معاناة كبيرة ، وبعد أن كان التدريس هو أحد أهدافي الأولى ، أخذت أعيد النظر أكثر وأكثر في الأمر .

دلفَ أحد المُطبقين إلى المدير وقال له : رواتبكم حلال حلال ، رغم التسيب والإهمال ! وبالفعل ما أشقى معلمي الصبيان ، وما أنكد أساتذة الغلمان ، سيما أنك في هذا الوقت لا تستطيع أن تضرب ولا أن تعاقب ، إلا إن كنتَ مستعدًا لمجابهة ولاة الأمر وشكاويهم .




هاهم يحملون أغراضهم راحلين إلى المبنى الجديد ، مودعين هذا المبنى العتيق ، ولسان حالهم يقول :

ما ذا الوَداعُ وَداعُ الوامِقِ الكَمِدِ .. هذا الوَداعُ وَداعُ الرّوحِ للجَسَدِ
ويا فِراقَ الدارس الرّحْبِ مَنْزِلُهُ .. إنْ أنْتَ فارَقْتَنَا يَوْماً فلا تَعُدِ !

ذهبتُ لأوّل مرة إلى المبنى الجديد ، متشوٌقًا كما كنتُ في البداية ، لرؤية المبنى الجديد ، وبالفعل هو جديد وجميل ، الطاولات والكراسي لا يزال الكثير منها بأكياسه ، كما أن المبنى فسيح جدًا ، ولذا تندرتُ بالوكيل حين قلت له : أبشر ، وزنك سينخفض نصفهُ !


شيءٌ من الشجن بدأ يغمر قلبي وأنا أدخل المبنى ، ذلكَ أنه مشابهُ لحدٍ كبيرٍ جدًا للمبنى الذي درستُ فيه بثانوية عمرو بن العاص ، سقى الله أيامها بهتون المطر والخير ، لقد كانت أجمل أيّام عمري .


دورات المياه تحتوي على صابون ، وأدركُ جيدًا أن كل هذا سيزول عما قريب ، حين يعبث الطلاب بكل شيء هنا ، فيفسدون جديد الطاولات بالشخاميط والكتابات والذكريات ، وللأسف هو نتاج التربية والبيئة ، لا أكثر .


كنتُ في فصل سادس أ ، وفي منتصف الدرس وصلتني "مساحة" جديدة ، فككت قراطيسها بنفسي ، بعدها بدأت طلبات الطلاب ولأوّل مرة ، ممكن أمسح السبورة يا أستاذ ؟ لا ! يا أستاذ ممكن أجرّب وأمسح السبورة ؟ لا ! يا أستاذ خلّص الدرس ، أبمسح السبورة تكفى !


كان كل فصلٍ يحتوي على مكيفين [ اسبيلت ] جديد ، دوّن عليهِ [ وزارة التربية والتعليم ] ، تذكرتُ حينما كنا نضع الطاولات تحت المكيّف ، لنصعد عليها ونضبط درجة البرودة كما نحب ، بيد أن هذه المكيفات تخلو من أي أزرار ، ولذا يُتحكم بها عن طريق الريموت وحسب .


ذهبتُ إلى قاعة المعلمين ، ودعوني أقول هذه المرة [ قاعة ] فهي فسيحة للغاية ، ويتفرّع منها غرفة خاصة للمطبخ ، أرجو ألا يقلبوها جلسة هي الأخرى ، بالإضافة إلى دورة مياه خاصة بالمعلمين ، كانت جميلة ونظيفة للغاية ، وستظل كذلك ما دامت بعيدة عن الطلاب وعبثهم .




لأوّل مرّة أخرجُ من المدرسة بهذا الصداع ، تركتُ ورائي الحصة السادسة ، دون أي استئذان ، لقد كان الأمر فوق التحمل ، وصلتُ إلى البيتِ ودفنتُ رأسي في النوم ، واستيقظتُ ولا يزال الصداع يجثم فوق رأسي ، حتى قتلتهُ برصاصتين من البنادول الرائع .

لا يؤنب ضميري شيءٌ كما يؤنبهُ إهمالي لدفتر التحضير ، فهو فارغ إلا من ورقتين تحاملتُ على نفسي وبمساعدة زوجتي على كتابتهما ، أرجو أن يعينني الله على إتمامه ، وأرجو أن يكون التقييم خارج الدفتر على كل حال .

لا نزال أنا [ وخالد ] محافظين على الحضور ، منتظمين عليه ، أما الآخران ، فمهملان للغاية ، ما جعلني أغضب منهما في هذا اليوم ، فلو كانا معنا ، لما كنتُ آخذ حصص الانتظار كلها .

خرجتُ من المدرسة ، فوجدتُ أحدهما بالصدفة يسيرُ برفقة صاحبهِ في السيّارة ويتضاحكان ، بينما أنا أدافع الصداع الذي ألم برأسي ، بعد إزعاجٍ طويلٍ من هؤلاء الصبية المشاغبون .



__________________
[POEM="type=0 color=#000000 font="bold medium 'Simplified Arabic', Arial, Helvetica, sans-serif""]لمتابعتي عبر التويتر أو الانستغرام: @ibradob[/POEM]
الــنــهــيــم غير متصل