ان منهج الاسلام اليقيني الحق هو: مقاومة (التشدد) كله بصراحة سافرة، وصراحة تامة، لا يعتريهما غموض، ولا مهادنة.
ان من مقاصد الاسلام الكبرى، ومن المهام العظمى التي كلف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ اداءها: كسر اغلال التشدد، وتحرير الناس ـ في الاعتقاد والفكر والعمل ـ منها: تحريرا يردهم الى الفطرة المريحة، والى سعة اليسر والرفق والرحمة وبحبوحة الحياة.
والبراهين على هذه الحقيقة اسطع من ان يخفيها احد، وأكثر من ان يحصيها محص.. ومن هذه البراهين:
أولا: في القرآن:
1 ـ «الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم».
ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم.. ومن مفاهيم (الاصر) ـ المقصود هنا ـ: الحمل الثقيل الذي يؤود الانسان ولا يستطيع حمله من الواجبات والتكاليف والاعمال ولذلك كان من دعاء المؤمنين: «ربنا لا تحمل علينا اصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به».. والاغلال هي التي تغل الانسان وتقيده وتمنعه من طلاقة الحركة والتصرف بمقتضى تقاليد عرفية جامدة، او تشدد ديني مبتدع.
2 ـ «طه. ما انزلنا عليك القرآن لتشقى».. ولا شك: ان التشدد من اقسى وجوه الشقوة. واذ ينفي الله ـ جل ثناؤه ـ: ان يكون من مقاصد القرآن: شقوة النبي بالتشدد عليه، فإن النفي ينتظم الامة الاسلامية، بمعنى: ان شقوة التشدد مرفوعة عنها.
ثانيا: في السنة.
من عزائم السنة النبوية ـ كذلك ـ: كسر التشدد وتحرير الناس من سجنه المظلم المعنت المدمر. فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال:
1 ـ «هلك المتنطعون.. هلك المتنطعون.. هلك المتنطعون» والمتنطعون هم (المتشددون) وفق شرح الامام النووي في رياض الصالحين.. وكلمة (هلك) في الحديث ليست وصفا مجردا لهم، بل هي دعاء عليهم. وبذلك ينبئ المنهج عن السوء العظيم في التشدد والمتشددين، وعن مصائرهم البائسة.
2 ـ «ليس لي تحريم ما أحل الله».. ومن مفاهيم هذا الحديث ان دائرة الحلال المباح الواسعة يجب ان تظل على سعتها، وانه لا يحل لاحد ـ حتى ولو كان نبيا رسولا ـ ان يضيقها ـ ولو سنتيمترا واحدا ـ: ابتغاء التشدد على نفسه، وعلى الآخرين: بالكلمة، او بالسلوك العنيف.
3 ـ «ان الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه».
4 ـ «فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين»
ولكن بعض الناس يحب يحرم على الناس ويحب التشدد اذا كان في غير مصلحته
|