[قاهر الروس]

.
.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيمْ

أُسْتَاذنَا المُشْرِف الكَريمُ ، مَعْذِرَةً وَلَعلَّكَ تَعْذُرنيْ فإنَّ مَا بجُعْبَتيَ شيءٌ لِزَاماً عَليَّ قوْلُه وَشَيءٌ وَاجِبٌ عَليَّ أَنْ أَسْتَشْهد به .

اقتباس يا أخي الكريم ، لسنا في موضع نقاش التصوير وأدلته ، ومن حرمه ومن أباحه ، فقد كـُتب في ذلك بحوث مطوّلة ، بل لسنا أهل لأن نناقش الأدلة ونفندها ، إنما أنا قارئ لأقوال أهل العلم ، وأقتنع بما يمليه عليه عقلي ويقنتع به ، الذي وهبنيه الله عز وجل ، فلك اقتناعك ولي اقتناعي ، لكم دينكم ولي دين ، وأنت كما تفهم الأدلة على ظاهرها ، نحن نفهم الأدلة على غير ما تفهم ، وغير ما تدرك ، أفلا تحترم عقول غيرك؟ أم أن عقلك فقط هو الصحيح وسواه غبي ؟! أنا مقتنع بالإباحة تمام الاقتناع ، وأنت مقتنع بالحرمة ، وتمارس الحرام ، بل وتجاهر بالحرام ، مما جعل الجميع يضحك على هذا التناقض العجيب ، ينكر على شخص [ مقتنع بالإباحة ] ولا ينكر على نفسه التي [ تقتنع بالحرام ] .

كُلُّ شَيءٍ أُحَاولُ القَبُولَ بهِ إلا التَّلبيسُ عَلى النَّاسِ ، ولا يضيرُني أَنَّ فُلانَاً مِنْ النَّاس يُلاحِقُنيْ فَو الله لا مَقَامَ أَحْسُبُهُ لِمَنْ لا أعرِفُهُ سوى إلقَاء السَّلام عَلى كُلِّ مَنْ أُقَابِله .
وَ بمَا أنَّكَ أَقْنَعْتَ الرَّجُلَ بِكلامٍ نَسبْتُهُ لابْنَ عُثيْمينَ رَحمَهُ اللهُ تَعَالى ، فَإنيء قَدْ أَرْدفْتُ إليْكَ كَلامَاً منْ الشَّيخِ نَفْسُهُ وَقُلْت عَنْ النّبي صَلى الله عَليْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جاءَ صَحيحَاً غَيْر مَا تَقُول .

أَمَّا ضَحِكُ الجَميعِ أَوْ بُكَاؤُهم فَلا يَزيدُني سِوَى رِفْعَةً وعِزَّة ، وَلَمْ نُخْلَقْ لِيَضْحَكَ عَليْنَا النَّاس أو يَبكوا ، فمَن يُمَارِسُ الحَرَامَ وَيُقِرُّ بِتَحريمِهِ ، أَهْونُ مِمّن لا يُمارسهُ ويَتجَاهَلُ حُكْمُهُ ، وَإنْ كُان المُقِرُّ بِحكْمِ الدِّينِ وَإن كَانَ مُتَمرِّدا عَلى ذَاتِهِ مُتَنَاقِضَاً فَلَعَلَّكَ تَرُدَّ على بَابٍ بَوَّبَهُ ابنُ حَزمٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى عَنْ إنكَارِ المسْلمُ المُقَصِّرْ ، و تَرُدَ على مَنْ قَالَ على شَارِب الخَمر أنْ يُنْكِر عَلى مَنْ مَعَهُ بَلْ وَقَبْل ذَلِك قَوْلهِ تَعَالى عَن بَنوا اسرائيلَ حِينمَا لمْ يَكونوا يَتَنَاهونَ عَلى بَعْضِهمْ ، وَلَم يقُلِ اللهِ بِأنَّ صَالحيهِمْ يُنكِرُوا عَلى الطالحينَ مِنهُم ، والنَّبي صَلى اللهُ عليه وَسَلَّم قدْ قَالَ في الحَديثِ انَّ العَبْدَ يُذنبُ فَيستَغْفِرُ وَيُذنبُ وَيَسْتَغفر ولَمْ أَجِدُ عَنْهُ بِقوْلٍ عَن العبْدِ أنَّهُ مُتَنَاقضْ ، وَذاَكَ صَحابيٌّ خَاضَ حَرْبَاً وَهُو مُقَيَّدٌ بسببِ سُكْرٍ فَلَمْ يُمْنعُ لتَنَاقضِه .
أيْ أيُّها الفَاهمُ العَاقِلُ الكَبيرُ الوَاعي الشَّيخُ العَلامة الدِّينُ لَم يَجْعله اللهُ سُبحَانه للصَالحينَ ، وَالنبيٌّ صَلى اللهُ عَليهِ وسلَّم قَدْ قَالَ بَلِّغُوا عني وَلو آية ولم يَقُل لا يُبَلِّغُ عني إلا الصَّالحُ الطاهر المُطَهَّر .

اقتباس وأما أنك تتوهم أني أبحث عن زلاتك ، وأدقق في هفواتك ، فمن يقول ؟ أبدًا أنتَ أتيت لتنكر علي التصوير ، وأنا أرى أنه مباح تمام الإباحة ، ولم تنكر على نفسك وأنت مقتنع بالحرمة ، يا سلام ! ثم قلت يا ألله ما أجمل هذا الحماس في هذا الرجل ، وما أروع قوة غيرته على الدين ، كيف لهذا المتحمس الذي ينكر على على [ من هو مقتنع بالإباحة ] يحلق لحيته ويجاهر بذلك أمام الملأ نسأل الله السلامة والعافية ، يعني تناقض مضحك .

سَوَاءًا حَلَقْتُ لِحَيْتيْ أَو شَربتُ خَمْرَاً أو دَخَّنتُ سيجَارَةً سَأقُولُ بِحُكْمِ الدِّينِ فيهَا لأنَّ مَا بِالشَّريعَةُ حَقٌّ للهِ ومَا يَفْعَلهُ العَبدُ شَيءٌ لِنَفْسِهِ يَجِبُ أَنْ يَقُولَ مَا للَّه لا مَا تَعْمَلُه نَفْسهُ ، وَ كَوْني أُنْكِرُ عَلى فُلانٍ حَالِقَ لِحيَةٍ هو تَأنيبٌ لضميريَ إنْ شَاءَ اللهَ وَإنْكَارَاً عليْهَا مَعْ أنِّيَ عَلى يَقينٍ أنَّكَ تُريدُ برنتَاً كَامِلاً عَنْ هَذا الضَّمير كمَا أَنَّكَ منذُ سنينَ تَحْتفِظُ بِتَواقيعيْ وَشَكليْ ، فَا اللهُمَّ لَكَ الحَمدُ ولكَ الشَّكر .
أَمَّا تَنَاقضيْ المُضْحِكُ فَلمْ أَجِد النَّبي صلى اللهُ عَليْهِ وَسَلَّمَ يَرى العَبْدَ الذي يُذنب فَيستَغفر وَيُتَابُ عَليْهِ فَيرجِعُ وَيذنبُ وَيَسْتَغفِرُ تَنَاقُضاً مُضْحِكَاً ، فَدَاوي جِرَاحَ الألَمِ بِالضّحك .

اقتباس وكلنا ذو خطأ وهفوة وزلة وذنوب ، لكن حينما تريد أن تعاقر ذنبًا فعلى الأقل حينما تريد أن تنكر على من يشابهك بمعاقرة هذا الذنب أن تتأدب في الإنكار وتأتي بأسلوب جميل رائع لين حتى يُقبل منك ، وابدأ بنفسك وانهها عن غيها .

أَحْمَدُ اللهَ حَمْداً كَثيراً طَيِّبَاً مُبَاركَاً بِأنَّيْ لَسْتُ مِمَّنْ إذَا قيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أخَذَتْهُ العِزَّةُ بِالاثمْ ، و مَا للهِ يُقَالَ فيهِ وَلو عَلى النَّفسِ كَريهٌ مُر ، والأسْلُوبُ لَسْتُ بِحَاجَةٍ لِمَنْ يُعلمني إيَّاهـُ مَا دَامَ أنَّ حُروفَنَا لَيْسَتْ بِحِذَاءٍ وَعُصيَّ .

اقتباس وحاول في قابل الأيام أن يتسع صدرك للآراء الأخرى ، فالناس لهم معتقدات واقناعات مثلك ، لكنهم يحترمون الآراء الأخرى ولا يشنعون عليها ، وإذا كنت تحترق لما تعتقد بهِ ، فعلى الأقل لا تجعل الناس تضحك عليك ، حينما تمارس ضد ما تعتقد بهِ جهاراً نهارًا .

الحَمْدُ للهِ لا آتيَ هُنَا إلا حِينمَا أريدُ لِصَدريَ أنْ يَتَّسِعَ مَعَ بَعضِ النَّاسِ ، وَإنْ احْتَرَقْت لِشَيءٍ للهِ وَرَسُولهِ فَاللهُم زدنيْ في دينِكَ غَيْرَةً ، وَأمَّا ضَحكُ النَّاسِ فَالحَمْدُ للهِ عَلى ذَلِكَ ، مَقَام نُفوس البَشَريَّةٍ لَيْسَت بِمَن يَمدَّ رجليه وَيضْحَكَ أو يَْبْكيْ وَإن أَوْهَمَ أَحَدٌ نَفسَهُ بِذَلِكَ ولا تَثريبض عَليْهِ فَحالهُ التي تُؤلِمُهُ تُصورُ لَهُ ذَلِكَ و المَثَلُ يقول ، كلٌّ يَرَى النَّاسَ كَما يَرَاهـُ بِنَفْسِهِ فإنْ ضَحِكَ مَنْ حَوْلَكَ عَليْكَ لا يَعني بِذَلِكَ أبَدا أنَّ كُلَّ النَاسِ منْ حولهُم يَضحكونَ عَليهم .

اقتباس أنا لا أحب الجدال ، بل لا يحبه الله عز وجل ولا رسوله ، ولذا هذا هو آخر رد على هذا الجدال الذي لن يثمر بشيء . وأعتذر بشدة إذا كنت أسأت إليك ، أنا آسف جدًا ، ولك مني السلام والتحية .

صَدقنيْ لَسْتُ أَنْتَظِرُ مِنْ أحدٍ الاْعتِذَارَ ، و كُلَّ مَا ليَ آخذٌ بهِ إنْ شَاءَ الله

للمَعْلوميَّةِ والتَّذكير بِأنَكَ ذَكَرْتَ إبَاحَة ابنُ عُثيمينَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى لِفعْلِكَ وَهو مُحَرِّمٌ لَه فلا يَجِبُ أَنْ يُنْقَلَ عَنْ مَيِّتٍ خَطأ
وَأنْتَ مُجَاهِرٌ حَسَبَ قول الشَّيخ بن عُثيمينَ وَإجَابَتِهِ

.
.