بسم الله الرحمن الرحيم
أشكر كاتب الموضوع على إثراء مثل هذه المواضيع النافعة بإذن الله ..
وأما بخصوص وصول القمر فهي مسألة شرعية قبل أن تكون مسألة متداولة بين علماء الفلك ..
وأنا هنا أنقل لكم شرحاً للشيخ محمد بن عثيمين عليه رحمة الله لأحد الأحاديث وقد ذكر كلاماً جميلاً في بابه ..
[ قوله: (وعن ابن مسعود). هذا الحديث موقوف على ابن مسعود، لكنه من الأشياء التي لا مجال للرأي فيها، فيكون له حكم الرفع، لأن ابن مسعود رضى الله عنه لم يعرف بالأخذ عن الإسرائيلات.
قوله (بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام). وعلى هذا تكون المسافة بين السماء الدنيا والماء أربعة آلاف سنة، وفي حديث آخر: (إن كثف كل سماء خمسمائة عام))، وعلى هذا يكون بين السماء الدنيا والماء سبعة آلاف وخمسمائة، وإن صح الحديث، فمعناه أن علو الله 0 عز وجل - بعيد جدا.
فإن قيل: يرد على هذا ما ذكره المعاصرون اليوم من أن بيننا وبين بعض النجوم والمجرات مسافات عظيمة؟
يقال في الجواب: إنه إذا صحت الأحاديث عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنا نضرب بما عارضها عرض الحيط، لكن إذا قدر أننا رأينا الشيء بأعيننا، وأدركنا بأبصارنا وحواسنا، ففي هذه الحال يجب أن نسلك أحد الأمرين:
الأول: محاولة الجمع بين النص والواقع إن أمكن الجمع بينهما بأي طريق من طرق الجمع.
الثاني: إن لم يمكن الجمع تبين ضعف الحديث، لأنه لا يمكن للأحاديث الصحيحة أن تخالف شيئا حسيا واقعا أبدا، كما قال شيءخ الإسلام في كتابه (العقل والنقل): (لا يمكن للدليلين القطعيين أن يتعارضا أبدا، لأن تعارضهما يقتضي إما رفع النقيضين أو جمع النقيضين، وهذا مستحيل، فإن ظن التعارض بينهما، فإما أن لا يكون تعارض ويكون الخطأ من الفهم، وأما أن يكون أحدهما ظنيا والآخر قطعيا).
فإذا جاء الأمر الواقع الذي لا إشكال فيه مخالفا لظاهر شيء من الكتاب أو السنة، فإن ظاهر الكتاب يؤول حتى يكون مطابقا للواقع، مثال ذلك قوله تعالى: {تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا} [الفرقان:61] وقال تعالى: {وجعل القمر فيهن نورا} [نوح: 16]، أي في السموات.
والآية الثانية أشد إشكالا من الآية الأولى، لأن الآية الأولى يمكن أن نقول: المراد بالسماء العلو، ولكن الآية الثانية هي المشكلة جدا، والمعلوم بالحس المشاهد أن القمر ليس في السماء نفسها، بل هو في فلك بين السماء والأرض.
والجواب أن يقال: إن كان القرآن يدل على أن القمر مرصع في السماء كما يرصع المسمار في الخشبة دلاله قطعية، فإن قولهم: إننا وصلنا القمر ليس صحيحا، بل وصلوا جرما في الجو ظنوه القمر.
لكن القرآن ليس صريحا في ذلك، وليست دلالته قطعية في أن القمر مرصع في السماء، فآية الفرقان قال الله فيها: {تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيه سراجا وقمرا منير}، فيمكن أن يكون المراد بالسماء العلو، كقوله تعالى: {والسحاب المسخر بين السماء والأرض} [البقرة: 164]، وهذا التأويل للآية قريب.
وأما قوله: (وجعل القمر فيهن نورا)، فيمكن فيه التأويل أيضا بأن يقال: المراد لقوله: (فيهن): في جهتين، وجهة السموات العلو، وحينئذ يمكن الجمع بين الآيات والواقع. ]
والخلاصة .. أنه إن كان القمر في السماء فلن يستطيعوا الوصول إليه ..
وإن لم يكن في السماء فقد يكونوا وصلوا إليه ..
والله تعالى أعلم ..
اشكرك مرة أُخرى أخي كاتب الموضوع ..
__________________
لا تسقنيـ ماء الحياة بذلة
بلـ اسقنيـ بعزة كأسـ الحنظلـ
|