***
عَاَدِتْ الآمَالُ وَضَاعَتْ مِنَّا أَحْلامُنَا .. لَعَلَّ مَا حَدَثَ حُلْمَاً سَنَفيقُ يَوْمَاً وَنَتَجَاهَله ..
أَخَذَتْ أُمِّيَ بِيَدْيَ عَلَّهَا تَجِدُ مَنْ تَسْتَنِدُ عَليْهَا في حَيَاتِهَا .. دَمْعُهَا يَهِلُّ مَعَ كُلِّ تَنْهيدَةٍ تَقُولُ فيهَا : لَيْتَ لَكِ أَخَاً يَأخُذُ بِيدينَا ..!
الصَّبَاحُ ثِقيلاً حِينمَا تَتَلَبَّدُ بِهِ الغُيومْ .. فَأحْمِلُ حَقيبَتيَ إلى المَدْرَسَةِ مُتَثَاقِلَة
يَنْتَهي يَوْمِيَ عَلى حَبْلٍ أَفْكَارٍ كُنُتُ أَتَشَبَّثُ بِهِ ، وَ نَظَرَاتُ مَنْ حَوْليَ تَجْرَحُ القَلْبَ وَتَخْتَرِقُهُ ..!
هَزَّةٌ عَلى كَتِفيْ تُقَشْعِرُ جَسَديْ وَتُؤلِمُهُ ..
ايهٍ أَنْتيْ .. تَعَاليْ بِسُرْعَة ..!
تَسَارَعتْ خُطَايَ بَيْنَ مَمَرَّاتِ المَدْرَسَةِ .. وَتَزَاحَمَتْ الأفْكَارُ بِلِحَظَةٍ وَاحِدَةْ ..!
أَخَذَتِ المُعَلِّمَةُ بِيَديْ .. أُمُّكِ في المُسْتِشْفَى مَريضَةْ ..
غَشَتْ عَلى دُنْيَايَ ثِيَاباً سَوْدَاءَ مُوحِشَةْ ، وَ أَذْبَلَ قَلْبيَ حَيْرَةُ فَتَاةٍ ضَعيفَةْ ..
خَرَجْتُ تَائِهَةً بَيْنَ الطُّرَقَاتِ مُسْرِعَةْ .. عَلَّيَ أَحْضُرُ لأمِّيَ لَحْظَةً وَاِحدَة
في المُسْتَشْفَى ..
بُكَاءٌ يَمْلئُ المَكَانَ ، وَ قُلوبُ مُتَوَجِّعَةْ .. كَأنَّ جِرَاحيَ قَدْ أَصَابَتِ النَّاسَ كُلهُم ..!
عِنْدَ كُلِّ بَابِ غُرْفَةٍ أَتَطَلَّعُ أُميِّ ، وَ في كُلِّ غُرْفَةٍ أَفْقِدُ أَمَلاً كُنْت أَحْفَظَهُ ..
وَجَدْتُهَا جِثَّةً هَامِدَةْ .. وَ رُوح سَاكِنَةْ .. وَأنْفَاسٌ هَادِئَةْ ..
سَقَطتُ أُقَبِّلُ يَديْهَا ، وَكَأنَّ أَحَد مَا سَيَأخُذُ قَلْبيْ وَيَسْرِقُهُ ..!
دَمْعٌ عَلى جَسَدِهَا سَكَبْتُهُ .. حَتَّى خَرَجْتُ أَبْكيَ وَبُكَائيَ أَثْقَلَ جَسَديْ وَانْهَارَتْ قُوَّتُهُ ..
شَيْخٌ كَبيرٌ مَلَئَ الشَّيبُ لِحيَتُهُ .. أَخَذَ بِيَديْ " قُوميْ يَا ابْنَتيْ .. وَهَدِّئيْ مِنْ رَوعْكِ "
خُيِّلَ لِيْ أَنَّ هَذا أَبيْ ، نَبْرَة صَوْتِهِ ، وَطِيبَةَ قَلْبِهِ ..
يَقُولِ لي يَا ابنَتيْ التِي فَقَدْتُهَا مُنذُ وَفَاَتِهِ ..!
هَذَا مَا جَاءَ في مُذَكِّرَةٍ رَابِعَة ..
***
سَأعُودُ لأُكْمِلَ إِنْ شَاءَ الله