***
مَضَتْ أَيَّامَاً أَتَوَسَّدُ فيهَا أَرْوقَةِ المسْتَشْفى ..
لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُ اللَّيْلَ سِوَى سَوَادَاً تَلْبَسَهُ دُنْيَانَا ..
فَقَدْتُ لَذَّةَ النَّوْمِ ، وَعَيْنيْ نَاعِسَةْ ..
يَدْخُلُ وَاحِدٌ عَلى أُمِّيَ وَيَخْرُج دَوُنَ أيّ حَرْفٍ يَنْطِقُ بِهِ
وَصَمْتٌ مُحَيِّرٌ وَ جِرَاحٌ في قَلْبيْ مَرَيرَةْ ..!
تَمْضِيْ اللَّحَظَاتُ عَصيبَة ، وَالدَّقَائِقُ مُقْلِقَةْ ..
رُبَّمَا عَائِقَاً لِبِضْعَةِ أَيَّامٍ سَنَتَجَاوَزُهُـ ..
كَالمِسْكينَةِ تُخَاطِبُ نَفْسَهَا بِلا صَدى وَلا إِجَابَةْ ..!
تَدَافَعَ جُموُعٌ مِنْ الأطِبَّاءْ ، سَننْقُلُ أُمَّكِ إنَّ اللَّحَظَاتَ حَرَجَةْ ..
تَشَبَّثْتُ بِالطَّبيبِ ..أَرْجُوكَ دَعْني أُوَدِّعُ أُميَّ .. إِنَّهَا قَلْبٌ مَنْ يَسْتَطيعُ أَنْ يُفَارِقُه ؟!
فَأخَذْتُ أَضُمُّهَا بِحَرَارَةٍ وَكَأنِّهَا اللَّحَظَاتُ الأخِيرَةْ ..
أَعيْنُ النَّاسِ تُلاحِقُنيْ ،وَأنَا بَيْنَ أَرْوقَةِ المُسْتَشْفَى حَائِرَةْ ..
بَكَيْتُ عَلى وَالِدْي ، واليَوْمَ أُمِّيَ رَاحِلَةْ ..
عُدْتُ لِبَيْتِنَا وَ الوَحْشَةُ تَمْلئُهُ ..!
صُورَةُ أَبِيْ وَ أُمِّيَ على جُدْرَانِ حَيَاتي مُعَلَّقَةْ ..
غُرْفَتيْ مُبَعْثَرَةْ ، وَ حَيَاتيَ مُتَعَثِّرَةْ ، وآمَاليَ زُجَاجٌ أَسْقَطْتُهُ الرِّيَاحُ وَنَثَرَتْه ..
عِشْتُ بَيْنَ الجُوع وَ الخَوْفِ بِصُحْبَةٍ وَاحِدَةْ
وَحيَاةُ أُنْثَى تُمَزِّقُهَا دُنْيَا مُوجِعَةْ ..!
لَيْتَ ذَاكَ الذيْ قَال لِيْ يَا ابنَتْيْ أَمَامِيَ لأبْكي لَهُ عَلَّهُ يُعيد لِي أُبَّوَةً حَانيَة وَأُمومَةً آمِنَة ..!
تَعِبْتُ وَأنَا أَحْمِلُ كِيسَاً عَلى ظَهْريْ لأفْتَرِشَ الأرْصِفَةَ وَ أبيعُهُ ..!
وَنَظَرَاتُ مَنْ حَوليَ بِأنِّنيْ مِسْكينَةٌ مُحْرِقَةْ ..!
لَيْتَهُم رَأوا أيَّامَا كُنْتُ جَالِسَةً عَلى عَرْشٍ تَحُفَّهُ حَيَاة نَرْجَسيَّة
وَ أَسيرُ بَيْنَ النَّاسِ وَصِغَارُهمْ يُلاحِقُوننيْ وَتَعْلُوا أَصْوَاتُهم إنِّهَا الأمِيرَةْ ..!
هَذا مَا جَاءَ فِي مُذَكِّرَةٍ خَامِسَة ..
كُلَّمَا مَرَرْتُ وَسَطَ سُوقِ المَدينَةِ وَجَدْتُهَا تَلُفُّ جِلْبَابهَا عَليْهَا ، وَتُطَئطِئُ رَأسَهَا عَنِ المَارَّةْ ..
تَطِيرُ فَرَحَاً حِينَمَا يَقِفُ أَحَدَاً على بِضَاعَتِهَا ، وَ يَذْهَبُ شُعَاعَ وَجْهِهَا إِنْ غَاَدرَ بِلا شَيْءٍ يُعْجِبُهُ ..!
تَسيرُ بِحِذَاءٍ مُمَزَّقٍ ، وَوْجهٍ شَحَيح ، وَتَعُودُ عَليْهَا أيَّامهُاَ بِمَرَارَةِ مَعيشَتِهَا
غَابَتْ يَوْمٌ ، وَيَوْمَانْ ، وَمَازَالَتْ غَائِبَة ..!
***
سَأعُودُ لأُكْمِلَ إِنْ شَاءَ الله
وَسَتَكُونُ النِّهَايَة