مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 03-08-2004, 01:30 PM   #10
جدس البأس
عـضـو
 
صورة جدس البأس الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Mar 2002
البلد: المملكة العربية السعودية
المشاركات: 903
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته

(6)

نفث أبوسعد دخان سيجارته في وجه فهد...سعل فهد بشدة إذ شرق ببعض الدخان الخارج من فم ضيف أبيه...وحاول إبعادالدخان عن وجهه وأنفه بكلتا يديه دون جدوى..

= وين أبوك وراوه تأخر.
= الحين يجي
= وش هالزين
= هذا كمبيوتر عادل
= وين عادل رح نادوه
= عادل مريض...


دخل أبو عادل وابتسامة عريضة تحتل معظم وجهه:
= يا هلا والله وغلا اسفرت وانورت
= هلا والله المهلي ما يولي وش عندك نابزن بهالفجور
= حرام عليك يابو سعدالساع ثمان
= اليوم خميس الفجر الى الساع وحده الظهر او ما دريت
= فهيد وجع يوجع كبدك قاعد بعد يا ثور قم جب القهوة وتقذرف عن وجهي...
= وراك على الولد ؟ ارفق شوي.
= ياشيخ جابو لي البلا عزرو بي ...الله ياخذ ابو العيال والعرس كله
= ايه خربوك اللي على بالي...
= من تقصد انت وخشك اللي كنه شكمان عنز
= ما يخالف ...وعدك الليلةعند العيال
= هاه جبتو لنا شي.
= ايه فلم على كيف كيفك...من القهر مهوب سكس الا ثيرتين.
= سنايدي انت يا بعد كبدي ...ياخي زاد ملين من القنوات ما يجيبون إلا الكدايش ...طيب...

توقف أبو عادل عن الكلام فجاءة...تقدم فهد وضع القهوة بطرف كسير خجلاً من أبي سعد...
زبره الأب بنظرة حجرية ألهبت النيران في خدي فهد وصدغيه...

= يا لله تقرفع عن وجيهنا الله لايردك.

خرج مسرعاً يجر أذيال القهر ويتعثر بخطاه خوفاً وحنقاً...

= آمر ياابوعادل وشو الموضوع اللي تبين بوه.
= ابد بس ابيك تشوف وش بوسط هالجهاز...
= فيه شي خربان...
= لا...بس هالتعبان طحت بوه يغازل البارح وودي اعرف وش ورا ابن الكلب...
= طيب الجهاز فيه كلمة سر ...
= وش سره ما عنك خافي يا ابو سعد

اطلق ابو سعد ضحكه عالية وقال مخاطباً أباعادل :

= والله انك درنقه ... رح انشد الولد قله وشي كلمة السر وهين...


خرج ابو عادل وغاب قليلاً ثم عاد ...وقال قبل أن يدلف من باب المجلس :

= ما فيه شي يا بوسعد...

إلا أن أبا سعد لم يعره أدنى اهتمام ...اقترب ابو عادل جعل الجهاز بينه وبين ابي سعد الذي تسمرت عيناه أمام الشاشه وبدا متجهماً وكأنه يقاسي ألماً ما... قال أبو عادل :
= خير...
= أثر الولد مهوب سهل تعال شف اللي ما صار ولااستوى...

قفز ابوعادل وجلس بجانب ابي سعد... وهتف بحماس:

= هلا بيك هلا وبجيتك هلا...وش ذا...
= هذا ...عالم الأودم الحيه...ناظر الأرزاق
= أويل كبدك كيف ما طحنا بوه مبطي...

في هذه الأثناء كان فهد يتلصص على ابيه وضيفه ويسمع كل ما يدور بينهما بكل وضوح....





(7)

غفلة الرقيب ( فساد الرقيب/ رحمة الرقيب) ...
بها تمكن عادل من الهرب مما ينتظره من عقاب (عذاب ) أبيه
الغفلة والفساد في الأب
الغفلة والرحمة في الأم
أنتجت عادل المحطم سابقا ولاحقاً الهارب والمحطم الآن


تمكن عادل من الهرب بمعجزة من الله تعالى بعد أن يسرله أخوه فهد الخروج من الغرفة العلوية في السطح والتي احتجزه فيها أبوه ريثما يعود من اجتماع (شبة) الخميس ليلاًً .



(8)
كان فرر عادل من بيت أبيه حدثاً غير مألوف في أسرة أب عادل
أحس الأب بشيئ غريب يجتاح نفسه بعد أن علم بهرب إبنه لعل الصفعة التي كان ينتظرها من قديم ليتيقظ من غفلتة...

نعم هرب عادل

خاطب أبو عادل نفسه :
= هج عادل ...وشلون ؟ليش؟ وش سويت حتى يهج عن ولدي ودم قلبي ؟

وطفقت الأعذار تخصف على سوءته من ورق العيب الصفيق .
صفعة أنقذت ما بقي في جسدأبي عادل من أبوة.
هزة أدركته من الغرق في لجة التلاشي.
بل رحمة إلهيه ونفحة ربانية عرضت للإبن وأبيه والحمدلله في أول الأمر ومعاده ومنتهاه.




(9)

للمرة الأولى من زواجه بأم عادل يطيب خاطرها ...

أبو عادل:
= لاتخافين يأم عادل كل شي يبي ينصلح كل شي يبي يتعدل ...
ولدنا يأم عادل يبي يرجع لنا عن قريب...


وبكل ذهول تحمله الدنيا ... طرق خيالها كهول الصدمة:

= أبو عادل يتغير... أبو عادل يبين... أبو عادل يحب عياله ...الحمدلله اللي شفت هاليوم قبل الموت.

خرجت أم عادل من المجلس بعد حوار طويل وجلسة خلا فيها أبوعادل بزوجه ليناقش معها أمراً من أمور الأسرة وللمرة الأولى في تاريخ زواجهما الذي جاوز العقدين من الزمن.
خرجت لاتدري أتفرح بأوبة أبي عادل إلى طبيعة الأب الرؤوف الرحيم ,أم تبكي على ولدها الذي ترك هروبه من المنزل برعايتها وعلى عينها ألم خد في نفسها وجعاً لن يكون من اليسير تجاوزوه إن حصل مكروه لعادل.



(10)

فهد:
ايه وأقولك يوم جاء أبوي من الشبه يوم الخميس وانا قاعدن على نار يوم سمعت صوته دخل من الباب...

علي :
ايه وش صار أكيد عثابك زي العادة...

فهد :
لا... تجيك السالفه....

علي :
وش سويت..

فهد:
يوم دخل مع الباب واجيك وانا اطير لموه وأقول له ترى عادل هج من الباب الوراوي لغرفة السطح وحنا ما درينا بوه الا يوم جت أمي تعطيه ماء وأثره هاج وحنا حسبناه مغمن عليه من التعب, يوم فتحنا الباب ولاوه هاج وبوه الزرف ذا...

علي:
واكيد ابوك هالاقشر لين عليك وحط الحره كله بك.

فهد:
لا... خلاص ابوي ما يقدر يقولي شي عقب ما طحت بوه هو وصديقه...

علي:
وش طحت بوه , انت ما سكن شي على ابوك وصديقه...

فهد:
اللي قلت لك قبل شوي, يوم يهرجون عن اللي يسوون بالاستراحة...

علي :
ايه صح نسيت توك قايل لي... طيب وشو الزرف اللي عطيته ابوك ...

فهد:
ما أدري والله ...عادل يوم جاء يطلع قال عطه ابن الكلب...يعني ابوي

علي :
شكل عادل معطين ابوك الخامس...طيب وبعدين وش سوا ابوك

فهد:
اخذ الزرف وفتحوه وقعد يقراوه... واجيك وافركله لم الغرفة و ابوي بلشن بالورقه واسلم من لزختن يحبه قلبك.

على :
هماك قبل شوي تقول ان ابوك ما يقدر يضربك...

فهد:
وشو ..هذا جزاي اللي قاعدن اسولف عليك يالله تقلع يا حمار ...

علي:
وش دعوى زعلت علي ...هذي الصداقه.

فهد:
انا ادري عنك تكذبن تقل بزر عندك.

علي:
معليش...بس ما قلت لي مكتوب على الزرف شي....

فهد:
ايه مكتوب ( الى والدي الذي مات يوم الخميس)


رن جرس المدرسة وجاء المراقب وانقطع الحديث بين فهد وعلي وتفرقا إلى صفوفهما.


(11)



(إلى والدي الذي مات يوم الخميس)


لاأدري من أين أبدء... من النهاية أم من البدايه
اخلتطت لدي يأبي المفاهيم
وغارت في ذهني المعاني والمواضيع
اختلت لدي النواميس والموازين
بدايتي اعقبت نهايتي والنهاية كانت رأس البدايه
حيرة وألم
ظلم وضيم وقهر
ومن من
من أقرب الناس إ ليك
من سبب وجودك في الدنيا
من أبيك أو عدوك
ما عدت أفرق كلاهما سيان
سحقت عندي المبادئ
والسبب انت
لماذا يأ... ماذا فعلت لك وعلى اي شيئ تعادني
أمن أجل كرهك لأمي كل هذا
أين العدل ولن أسألك عن الرحمة
أين العدل ولن أسألك عن الأمانة
أين العدل ولن أسألك عن التربية
كم أكرهك يا(من يعيرني الناس بقولهم) أبي
عادل...


(12)
لم يكد ينهي قراءة السياط التي ألهبت ظهره, حتى جثى على ركبتيه في مدخل المنزل ...
دخل في دوامة أحاسيس أملاها هول الحدث وفجاعة الموقف
أحس بعطش شديد
أحس بريقه يصعد ولا يروم نزولاً
أحس بطنين رهيب في أذنيه
أحس بدوار يلف كيانه
أحس بكل إحساس مر...
لم يفلته من سطوة الأحاسيس المهلكة إلا نوبة بكاء شديدة
أخرجت كل مكنون نفسه الضيقة إلى فضاء الدنيا الفسيح.


(13)

دلف إلى المجلس ارتمى على أول كرسي قابله
حلق بعيدا عن الدنيا حلق في أزمنة اللاعودة
بعد أن ظن أن نفسه جاست خلال زمن العودة.

أخرج سيجارة مالبورو كيما يطفئ بنارها لظي قلبه ولهيب روحه
وضعها في فمه بطريقة أليه قدح زناد الولاعة قرب شعلتها الملتهبة من رأس الأفعى ولم يكد يلامس جبينها حتى ارتسمت أمام ناظريه مئات الصور :
عادل يلعب
يضحك
يجري
يبكي
يضرب أخيه الأصغر
.
.
.
.
مئات الصور...

مازالت شعلة الولاعة أمام السيجارة ولم تعانقها بعد...


اطلق تنهيدة عميقه وقال بصوت متهدج ونفس متقطع :
= وينك يا وليدي ... وينك يا ...آه بس انا ما استاهل أصير أبو, ليتني مت قبل أدخل الدار ...

رمى السيجارة والولاعة وداس على علبة السجائر التي سقطت على الأرض وأخرج مفتاح الاستراحة من جيبه وقذفه خلال النافذة بكل قوته:
= البلاء منكن ومن عيال الحرام شلة الرفض...


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
وللحكاية بقية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ


حبي وتقديري للجميع
زالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
__________________
إهداء من الغالي المبدع باسل عبد العزيز حفظه الله
جدس البأس غير متصل