مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 25-08-2004, 01:19 PM   #2
جهاد
عـضـو
 
صورة جهاد الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2004
البلد: في بـلاد الحرميــن
المشاركات: 364
وقال صلى الله عليه وسلم "إن الله تعالى قد أجار لي على أمتي من ثلاث : لا يجوعوا و لا يجتمعوا على ضلالة و لا يستباح بيضة المسلمين" (قال الألباني في كتاب السنة 92 : حسن)

وقال عليه الصلاة والسلام "ما كان الله ليجمع هذه الأمة على الضلالة" (صححه الألباني في الصحيحة)

وقال عليه الصلاة والسلام "إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة، ويد الله على الجماعة" (قال الألباني في الذب الأحمد : صحيح)

وقال صلى الله عليه وسلم "لا يجمع الله أمتي على ضلالة أبدا، ويد الله على الجماعة" (قال الألباني في بداية السول : إسناده صحيح وله شاهد)

والإجماع ، كما قال الشوكاني رحمه الله (في إرشاد الفحول) : " هو اتفاق مجتهدي أمة محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاته في عصر من الأعصار على أمر من الأمور"

قال ابن حزم رحمه الله : وصفة الإجماع هو ما تيقن أنه لا خلاف فيه بين أحدٍ من علماء الإسلام، قال: ونعني بقولنا العلماء ، من حُفظَ عنه الفتيا ، من الصحابة والتابعين وتابعيهم، وعلماء الأمصار أئمة أهل الحديث ومن تبعهم رضي الله عنهم أجمعين" (مراتب الإجماع \28)

قال الشوكاني في إرشاد الفحول (في معرض كلامه عن إثبات الإجماع كمصدر للتلقي) : ومن جملة ما استدلوا به حديث : "من فارق الجماعة شبراً فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه" (قال الألباني في صحيح أبي داود : صحيح) ..

وأما من احتج بتغير الحال والزمان وأن هذا من الممكن أن ينسخ الإجماع المتقدم بأقوال شاذة لعلماء لم يُعرفوا بسعة العلم ولا بسابقة فضل في الأمة ، وخالفوا بقولهم علماء عصرهم وعلماء السلف ، فهذا أبعد النجعة وخاطر أيما مخاطرة ..

قال الجصاص رحمه الله: ويستحيل وجود النسخ بعد النبي صلى الله عليه وسلم فيُترك حكمه من طريق النسخ، فدل ذلك على أن الإجماع في أي حالٍ حصل من الأمة فهو حُجة لله عز وجل غير سائغ لأحد تركه ولا الخروج عليه. من حيث دلّت الآية على صحة إجماع الصدر الأول، فهي دالة على صحة إجماع أهل الأعصار، إذا لم يُخصِّص بذلك أهل عصر دون عصر" (أحكام القرآن : ج1 ص126-127)

قال ابن تيمية رحمه الله : وكل قول ينفرد به المتأخر عن المتقدمين، ولم يسبقه إليه أحد منهم، فإنه يكون خطأ" (ج21 ص291) ..

وقال ابن تيمية رحمه الله : أن علماء المسلمين إذا تنازعوا في مسألة على قولين لم يكن لمن بعدهم إحداث قول ثالث، بل القول الثالث يكون مخالفاً لإجماعهم" (الفتاوى : ج27 ص308) ..

قال الجصاص رحمه الله : "فهو يدل على أن أهل عصر إذا اجمعوا على شيء ثمّ خرج بعضهم عن إجماعهم أنه محجوج بالإجماع المُتقدِّم" (ج1 ص126) ، وهذا في نفس العصر فكيف بعصر الفتن الذي نحن فيه والذي يريد بعض المتفيقهة أن يخالفوا فيه إجماع سلف الأمة ممن حُفظَ عنهم الفتيا من الصحابة والتابعين وتابعيهم وعلماء الأمصار أئمة أهل الحديث ومن تبعهم رضي الله عنهم أجمعين ، إرضاء للحكام والسلاطين !!

والحق والصواب الذي لا مراء فيه هو قول الله تعالى في من خالف إجماع الأمة على وجوب دفع العدو الصائل وجوباً عينياًُ {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (النساء : 115) ، فهذا قد اتبع غير سبيل المؤمنين فكان حقاً على الله أن يُنفذ فيه وعيده ..

وقد تقدّم قول النبي صلى الله عليه وسلم : "من فارق الجماعة شبراً فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه" (قال الألباني في صحيح أبي داود : صحيح) ..

وهذا الحكم ليس فهماً من عندي أو اجتهاداً فردي توصلت إليه ، بل جاء الإجماع في معنى كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، كما ذكر ابن حزم رحمه الله في كتابه مراتب الإجماع ، حيث قال : "ومِن شرط الإجماع الصحيح أن يُكَفَّر من خالفه بلا اختلاف بين أحد من المسلمين في ذلك" (مراتب الإجماع : 26) ، فهناك إجماع على كفر من خالف الإجماع الصحيح الواضح الظاهر ، وإن لم يكن الإجماع على وجوب دفع العدو الصائل إجماعاً صحيحاً ، فلا ندري ما هو الإجماع الصحيح !!

قال ابن تيمية رحمه الله : والتحقيق أن الإجماع المعلوم يكفُر مخالفه كما يكفر مخالف النص بتركه ، ولكن هذا لا يكون إلا فيما علم ثبوت النص به ... " (الفتاوى : ج19 ص270) ، وقد ثبت النص في كتاب الله في آيات كثيرة وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة صحيحة من أقواله وأفعاله وتقريراته صلى الله عليه وسلم بوجوب الجهاد في سبيل الله ودفع أعداء الأمة ، بل وقتالهم ابتداءً ، وأجمع علماء الأمة – كما تقدم – على وجوب دفع العدو الصائل وجوباً عينياً لا يسع المسلمين تركه كالصلاة والزكاة ..

هذا في حق الجهاد المتعين لدفع العدو الصائل ، وقل مثل ذلك عن أي إجماع عُلم واشتهر وأُستُمد من النصوص الصريحة الصحيحة في كتاب الله أو سنة النبي صلى الله عليه وسلم : كموالاة أعداء الله التي قال عنها الله تعالى في كتابه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } (المائدة : 51) ، قال القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية " قوله تعالى‏{‏ومن يتولهم منكم‏}‏ أي يعضدهم على المسلمين ‏{‏فإنه منهم‏}‏ بين تعالى أن حكمه كحكمهم؛ وهو يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد، وكان الذي تولاهم "ابن أبي" ثم هذا الحكم باق إلى يوم القيامة في قطع الموالاة؛ وقد قال تعالى‏{ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار‏} (‏هود‏:‏ 113‏)‏ وقال تعالى في ‏‏(آل عمران) {‏لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين‏} (‏آل عمران‏:‏ 28‏)‏ وقال تعالى‏{‏لا تتخذوا بطانة من دونكم‏} (‏آل عمران‏:‏ 118‏) وقد مضى القول فيه‏.‏ وقيل‏:‏ إن معنى ‏{‏بعضهم أولياء بعض‏}‏ أي في النصر ‏{‏ومن يتولهم منكم فإنه منهم‏}‏ شرط وجوابه؛ أي أنه قد خالف الله تعالى ورسوله كما خالفوا، ووجبت معاداته كما وجبت معاداتهم، ووجبت له النار كما وجبت لهم؛ فصار منهم أي من أصحابهم‏.‏ (انتهى كلامه رحمه الله) ..

قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{ (المائدة :51). قال ابن جرير رحمه الله في تفسيرها:
"من تولى اليهود والنصارى من دون المؤمنين فإنه منهم. أي من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متول أحداً إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه وصار حكمه حكمه" (تفسير الطبري) ..

قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله، {ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون} : هو مشرك مثلهم لأن من رضي بالشرك فهو مشرك " (أحكام القرآن للقرطبي) ..

قال ابن حزم رحمه الله في المحلى ( 11/138) : "صح أن قوله تعالى {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار ، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين" .. ونحن نبشّر ابن حزم بأن جهابذة علماء "الفضائيات" في هذا الزمان لم يختلفوا على نقض عدم الخلاف السابق ..

وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمهم الله ( الدرر8/326) : "فيمن أعان الكفار أو جرّهم إلى بلاد أهل الإسلام أنها ردة صريحة بالاتفاق" ..

وقال الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله ( الدرر15/479) : فيمن تولى الكفار ونصرهم وأعانهم على المسلمين أن هذه ردة من فاعله يجب أن تجرى عليه أحكام المرتدين ، كما دل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع الأمة المقتدى بهم" ..

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في ( فتاويه1/274) : "وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم" ..

وقال الشيخ حمود بن عقلا الشعيبي رحمه الله " أما مظاهرة الكفار على المسلمين ومعاونتهم عليهم فهي كفر ناقل عن ملة الإسلام عند كل من يُعتد بقوله من علماء الأمة قديما وحديثا.."

وقال الشيخ علي الخضير (فك الله أسره) " أما مسألة مظاهرة الكفار فأعظم من بحثها هم أئمة الدعوة النجدية رحمهم الله واعتبروا ذلك من الكفر والنفاق والردة والخروج عن الملة ، وهذا هو الحق ، ويدل عليه : الكتاب ، والسنة ، والإجماع .."

وقال الشيخ سليمان العلوان (فك الله أسره) " وقد حكى غير واحد من العلماء الإجماع على أن مظاهرة الكفار على المسلمين ومعاونتهم بالنفس والمال والذب عنهم بالسنان والبيان كفر وردة عن الإسلام.."

وقال الشيخ سفر الحوالي حفظه الله "إن نصرة الكفار على المسلمين - بأي نوع من أنواع النصرة أو المعاونة ولو كانت بالكلام المجرد - هي كفر بواح ، ونفاق صراح ، وفاعلها مرتكب لناقض من نواقض الإسلام - كما نص عليه أئمة الدعوة وغيرهم - غير مؤمن بعقيدة الولاء والبراء" ..

فالإجماع واقع بيّن ظاهر جلي لمن له أدنى معرفة بالشرع وأحكامه ، فمن قال بخلاف هذا الإجماع فقد عرّض دينه وإسلامه لخطر عظيم ..

إذا كان مخالف الإجماع الصحيح : يكفر بالإجماع ، فما بالكم بالذي يخالف مئات الآيات والأحاديث الصحيحة الصريحة بوجوب الجهاد والبراء من الأعداء !!

إن المشكلة لا تكمن في من يوالي الكفار ويحارب أولياء الله ويتخلّف عن الجهاد ، فهؤلاء واقعهم معروف ومشهور !! بل المشكلة تتسع لتشمل أُناس يدّعون العلم فيخالفون كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة ويُفتون الناس بجواز هذا الولاء وهذا التثاقل عن الجهاد الذي توعده الله سبحانه وتعالى في كتابه بوعيد مُخيف تقشعر منه الأبدان ، حين قال { إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (التوبة : 39) ..

ومثل هذا يُقال في من يتردد في الإفتاء بوجوب - أو على أقل تقدير بجواز - قتال المرتدين عن الدين الذين يوالون أعداء الله ويعادون أولياء الله ويحكّمون غير شرع الله ، فهؤلاء أولى بالقتال من الكفار الأصليين كما صرّح بذلك علماء المسلمين :

قال ابن تيمية رحمه الله : فهؤلاء الكفار المرتدون والداخلون فيه من غير التزام لشرائعه والمرتدون عن شرائعه لا عن سمته: كلهم يجب قتالهم بإجماع المسلمين" (الفتاوى ج28 ص416). وهل هناك كفر أعظم وأظهر من إعلان العدول عن الحكم بما أنزل الله !! رحم الله الإمام محمد بن إبراهيم آل الشيخ حين قال " إن من الكفر الأكبر المستبين تنـزيل القانون اللعين منزلة ما نَزَلَ به الروح الأمين ، على قلب محمدٍ صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين بلسانٍ عربيٍ مبين ، في الحكم بين العالمين ، و الردّ عليه عند تنازع المتنازعين ، مناقضة ومعاندة لقول الله عز و جل " فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا " (59 : النساء) .. (انتهى كلامه رحمه الله) ، فما كان ظاهراًً مستبيناً عند الشيخ محمد بن إبراهيم أصبح ضده اليوم هو الظاهر المستبين !!

وقال رحمه الله (الفتاوى ج28) " وأيما طائفة انتسبت إلى الإسلام، وامتنعت من بعض شرائعه الظاهرة المتواترة، فإنه يجب جهادها باتفاق المسلمين، حتى يكون الدين كله للّه، كما قاتل أبو بكر الصديق ـ رضي اللّه عنه - وسائر الصحابة - رضي اللّه عنهم - مانعي الزكاة، وكان قد توقف في قتالهم بعض الصحابة، ثم اتفقوا، حتى قال عمر بن الخطاب لأبي بكر - رضي اللّه عنهما‏:‏ كيف تقاتل الناس وقد قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللّه وأن محمداً رسول اللّه، فإذا قالوها، فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على اللّه‏)‏‏؟‏ فقال له أبو بكر‏:‏ فإن الزكاة من حقها‏.‏ واللّه لو منعوني عَنَاقا كانوا يؤدونها إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها‏.‏ قال عمر‏:‏ فما هو إلا أن رأيت اللّه قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعلمت أنه الحق‏"

وقال رحمه الله (الفتاوى ج28)" وقد اختلف الفقهاء في الطائفة الممتنعة، لو تركت السنة الراتبة، كركعتي الفجر‏:‏ هل يجوز قتالها‏؟‏ على قولين‏.‏ فأما الواجبات والمحرمات الظاهرة والمستفيضة، فيقاتل عليها بالاتفاق، حتى يلتزموا أن يقيموا الصلوات المكتوبات، ويؤدوا الزكاة، ويصوموا شهر رمضان، ويحجوا البيت، ويلتزموا ترك المحرمات؛ من نكاح الأخوات، وأكل الخبائث، والاعتداء على المسلمين في النفوس والأموال، ونحو ذلك‏"..

وقال رحمه الله (الفتاوى ج28 ص358) : "فثبت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة أنه يقاتل من خرج عن شريعة الإسلام، و إن تكلم بالشهادتين". (انتهى كلامه رحمه الله) ..

وكلام شيخ الإسلام واضح في من ترك الواجبات الظاهرة : ومن أظهر الواجبات في الدولة الإسلامية "الحكم بما أنزل الله" ، وكلامه واضح في من أتى المحرمات الظاهرة : ومن أعظم المحرمات الظاهرة : موالاة أعداء الله ، ومعاداة أولياء الله ، وقتل المجاهدين ، وإفساد الدنيا والدين .. هذا إذا كان القوم ينسبون أنفسهم للإسلام !! أما من أعلن النظام الديمقراطي والعلماني فهذا لا يُنظر في دعواه ، فهو كافر أصلي ..

إذا أردنا تطبيق كل الكلام السابق على الواقع – ولنأخذ العراق مثالاً – فنقول :

- الجهاد في العراق متعيّن بنص الكتاب والسنة وإجماع العلماء ، ومن قال غير ذلك فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع علماء المسلمين ، وهذا الإجماع ظاهر بيّن لمن له أدنى معرفة بالدين ، فمن أفتى بغير الإجماع فهو على خطر عظيم ، بل قد يخرج عن الإسلام لما ذكرنا آنفا من حكم مخالفة الإجماع الظاهر الصحيح .. ولا أعلم من أقوال السلف ما يصرف الجهاد عن التعيين على الأمة قاطبة في مثل هذه الظروف !! وأما من قال بأن أهل العراق لا يحتاجون الرجال ، فأقول : إن في سجون الكفار نساء مسلمات يُغتصبن كل يوم ولم يستطع الرجال في العراق استخلاصهن من أيدي الكفار ، فأين الكفاية !! كيف يلقى الله من أفتى بمثل هذا إذا وقفت أمامه هذه المرأة يوم القيامة تحاجه أنه "خذّل الناس عن نصرتها واستخلاصها والحفاظ على عرضها" !!

لقد قال لي أحد قادة الجهاد الأفغان مشافهة (في الحرب الأولى) بأنه أُجبر على إعلان عدم حاجته للرجال (في وسائل الإعلام) حتى يتمكن من دخول بعض الدول العربية لجمع التبرعات (وعلى رأسها دول الخليج) ، ولقد أعلن الشيخ عبد الله عزام رحمه الله على الملأ كذب هذا الإدعاء وقال بالحرف الواحد "أنا على اتصال بكبار قادة المجاهدين ، وكلهم يقول بأنه في أمس الحاجة إلى الرجال" ..

أقول : نعم ، لا نرسل الرجال إذا كان في المجاهدين كفاية ، أما وهم لا يستطيعون استخلاص النساء من الأسر - وهُنّ في العراق وبين أظهرهم - فكيف يدعي من في رأسه ذرة عقل مثل هذا الإدعاء !!

- إن من تعاون مع المحتل الأمريكي : كافر بالإتفاق ، ومن أراد أن يبرّر لهؤلاء الكفار كفرهم فهو على خطر عظيم ربما أودى بدينه . فما تسمى "بالشرطة العراقية" أو "الجيش العراقي" فهؤلاء : من كان منهم مسلماً فقد ارتد ووجب قتاله (أما تحديد مصلحة قتاله وقتله فيرجع إلى قادة المجاهدين لا إلى الخوالف) ، ومن كان كافراً أصلياً فالحكم فيه ظاهر (ويُستثنى من ذلك من يُعين المجاهدين ويكون عيناً لهم أو من في بقائه مصلحة للمسلمين) ، وكل من تعاون مع الكفار – بأي شكل من أشكال المعاونة – فهو كافر بالإتفاق سواء كان فرداً أو حكومة ، ومن دافع عن هذا الكفر فقد عارض الكتاب والسنة والإجماع الصحيح .. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وقد استقرت السنة بأن عقوبة المرتد أعظم من عقوبة الكافر الأصلي من وجوه متعددة. منها أن المرتد يقتل بكل حال، ولا يضرب عليه جزية، ولا تعقد له ذمة، بخلاف الكافر الأصلي. ومنها أن المرتد يقتل وإن كان عاجزا عن القتال، بخلاف الكافر الأصلي الذي ليس هو من أهل القتال، فإنه لا يقتل عند أكثر العلماء كأبي حنيفة ومالك وأحمد، ولهذا كان مذهب الجمهور أن المرتد يقتل كما هو مذهب مالك والشافعي وأحمد. ومنها أن المرتد لا يرث ولا يناكح ولا تؤكل ذبيحته، بخلاف الكافر الأصلي. إلي غير ذلك من الأحكام" (الفتاوى ج28 ص534) ..

أما من قال بأنه لا يجوز للعراقي قتل العراقي على الإطلاق ، فهذا من أعجب العجب !! كيف لا يجوز لمسلم قتل عدو صال عليه !! إذا كان العراقي كافر أو مرتدّ (بموالاته الكفار ومعاونته لهم على حرب المسلمين) فكيف لا يجوز قتله !! قال الشوكاني رحمه الله (في السيل الجرار) ما نصه " الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة قد دلت دلالة أوضح من الشمس على قتل المشركين ولم يثبت في المنع من قتل ذي الرحم لرحمه ما تثبت به الحجة قط حتى يصلح لتخصيص الأدلة الصحيحة ومع هذا فهو معارض بمثله فيجب الرجوع إلى ما ثبت في القرآن والسنة فاعرف هذا فليس ها هنا ما يوجب التخصيص ولا التقييد" (انتهى) ..

لقد قتل أمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح أباه عبدالله بن الجراح يوم أحد، ودعا أبو بكر الصديق ابنه للمبارزة يوم بدر ، وقتل الفاروق عمر خاله العاص بن هشام يوم بدر ، وقاتل الصحابة إخوانه وأبناء عمومتهم في بدر (كما فعل علي وحمزة حين قتلوا عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبه) وفي أحد وغيرها من المواطن ، وهذا تحقيق قول الله تعالى {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{ (المجادلة : 22) ، فمن أين أتى هؤلاء بمثل هذا الكلام !! إن ريح القومية الجاهلية لتفوح كأكره ما تكون من مثل هذه الأقاويل المخالفة للكتاب والسنة وعمل القرون المفضلة !!

- أما من يُسمّون "بالحكومة العراقية المؤقتة" فلا أدري لماذا يُصر كثير من المسلمين على قبول هذا المسمّى !! فهؤلاء مجموعة من الكفار الأصليين ،وليسوا مرتدين أو منافقين ، هؤلاء لم يكونوا في يوم من الأيام مسلمين ، وعلى رأس هؤلاء الكفار البعثي "ياور" الذي كان رئيس جمعية بعثية في جامعة بغداد مهمتها تعذيب أبناء الحركة الإسلامية والتنكيل بهم بأبشع الأساليب (وهذا سبب إصرار الكفار على اختياره رئيساً لوزراء العراق) وقد كان في بعثة دراسية في بريطانيا على حساب حسب البعث تكريماً له على جهوده في محاربة الإسلام .. هؤلاء قتالهم كقتال الأمريكان با أشد ، ولا فرق بينهم وبين الأمريكان إلا كون الأمريكان أهل كتاب ، وهؤلاء بلا دين ، فالأمريكان أفضل منهم من هذه الناحية ، وهؤلاء أشد عداوة للمسلمين من النصارى لقوله تعالى { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } (المائدة : 82) .. وهؤلاء مباحو الدم لعموم إباحة دم الكافر ، قال الشوكاني رحمه الله " أقول : أما الكفار فدماؤهم على الأصل الإباحة - كما في آية السيف - فكيف إذا نصبوا الحرب ...." (السيل الجرار) ..

هذا الكلام لا يخص العراق وحده ، بل يشمل فلسطين التي أتى اليهود بعرفات ليقضي على الجهاد فيها ، ثم لما فشل أتوا بدحلان (وهو عضو في الموساد) ليزرع الشقاق بين الفصائل الفلسطينية ، ثم ثنّوه بقريع (وهو عضو في الموساد) الذي يشتري الإسمنت من مصر ليبيعه لليهود يبنون جدار فصلهم الذي يسبه قريع على الملأ صباح مساء ، فحكم الجهاد في العراق كحكمه في فلسطين ، وحكم من والى الكفار في فلسطين كحكم إخوانهم في العراق ، وقل هذا عن أفغانستان وكشمير وطاجيكستان والشيشان وجميع بلاد الإسلام المغصوبة ..

وقبل أن أختم بكلمات لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، أود أن أوضّح بأن كلامي هذا ليس رداً على الشيخ عبد الرحمن البراك – حفظه الله وبارك فيه وفي علمه ونفع به - ، فالشيخ قد قال أكثر من أكثر علماء عصرنا ، ولكن هذه الكلمات لزيادة البيان والتوضيح وتفصيل ما أجمله الشيخ حفظه الله ..


واختم هنا بكلمات جميلة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله علها تصيب القلب فتحرّك الجوارح :

"إن نفع الجهاد عام لفاعله ولغيره في الدين والدنيا، ومشتمل على جميع أنواع العبادات الباطنة والظاهرة، فإنه مشتمل من محبة اللّه ـ تعالى ـ والإخلاص له، والتوكل عليه، وتسليم النفس والمال له، والصبر والزهد، وذكر اللّه، وسائر أنواع الأعمال، على ما لا يشتمل عليه عمل آخر‏.‏
والقائم به من الشخص والأمة بين إحدي الحسنيين دائماً؛ إما النصر والظفر، وإما الشهادة والجنة‏.‏
فإن الخلق لابد لهم من محيا وممات، ففيه استعمال محياهم ومماتهم في غاية سعادتهم في الدنيا والآخرة، وفي تركه ذهاب السعادتين أو نقصهما؛ فإن من الناس من يرغب في الأعمال الشديدة في الدين أو الدنيا مع قلة منفعتها، فالجهاد أنفع فيهما من كل عمل شديد، وقد يرغب في ترفيه نفسه حتى يصادفه الموت، فموت الشهيد أيسر من كل ميتة، وهي أفضل الميتات‏".‏ (المجلد 28 من الفتاوى)


اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، وجنبنا اللهم الفتن ما ظهر منها وما بطن ، إنك أنت السميع العليم ..

والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..


كتبه
حسين بن محمود
غرة رجب 1425هـ
__________________
جهاد غير متصل