أَشْكُرُكُمَا عَلَىَ رَدِّكُما ،
مَا أَجْمَلَ الْتَأَمُلَ فِيْ آَيَاتِ الْلَّهِ الْكَوْنِيَّةِ !
تَأَمَّلْ قَوْلُهُ تَعَالَىْ :
[ قُلّ انْظُرُوْا مَاذَا فِيْ الْسَّمَاوَاتِ وَالْأَّرْضِ وَمَا تُغْنِيَ الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُوْنَ ]
وَتَأَمَّلْ لِّتَفْسِيْرِ ابْنُ كَثِيْرَ لِهَذِهِـ الْآَيَةَ :
يُرْشِدُ تَعَالَىْ عِبَادَهُ إِلَىَ الْتَّفَكُّرِ فِيْ آَلَائِهِ وَمَا خَلَقَ الْلَّهُ فِيْ الْسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ الْآَيَاتِ الْبَاهِرَةِ لِذَوِيْ الْأَلْبَابِ مِمَّا فِيْ الْسَّمَوَاتِ مِنْ كَوَاكِبِ نَيِّرَاتٌ ثَوَابِتُ وَسَيَّارَاتٌ; وَالْشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْلَّيْلِ وَالْنَّهَارِ وَاخْتِلَافِهِمَا وَإِيَّلَاجِ أَحَدِهِمَا فِيْ الْآَخَرِ حَتَّىَ يَطُوْلَ هَذَا وَيَقْصُرَ هَذَا ثُمَّ يَقْصُرَ هَذَا وَيَطُوْلَ هَذَا وَارْتِفَاعِ الْسَّمَاءِ وَاتِّسَاعِهَا وَحُسْنِهَا وَزِيْنَتِهَا وَمَا أَنْزَلَ الْلَّهُ مِنْهَا مِنْ مَطَرٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَأَخْرَجَ فِيْهَا مِنْ أَفَانِيَنِ الْثِّمَارِ وَالزُّرُوْعِ وَالْأَزَاهِيْرِ وَصُنُوفِ الْنَّبَاتِ وَمَا ذَرَأَ فِيْهَا مِنْ دَوَابٍّ مُخْتَلِفَةِ الْأَشْكَالِ وَالْأَلْوَانِ وَالْمَنَافِعِ وَمَا فِيْهَا مِنْ جِبَالٍ وَسُهُوْلٍ وَقِفَارٍ وَعِمْرَانٍ وَخَرَابٍ; وَمَا فِيْ الْبَحْرِ مِنْ الْعَجَائِبْ وَالْأَمْوَاجُ وَهُوَ مَعَ هَذَا مُسَخَّرٌ مُذَلَّلٌ لِلْسَّالِكِيْنَ يَحْمِلُ سُفُنَهُمْ وَيَجْرِيَ بِهَا بِرِفْقٍ بِتَسْخِيْرِ الْقَدِيْرِ لَا إِلَهَ إِلَا هُوَ وَلَا رَبَّ سِوَاهُ. وَقَوْلُهُ "وَمَا تُغْنِيَ الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُوْنَ" أَيُّ وَأَيُّ شَيْءٍ تُغْنِيَ الْآَيَاتُ الْسَّمَاوِيَّةِ وَالْأَرْضِيَّةَ وَالْرُّسُلُ بِآَيَاتِهَا وَحُجَجِهَا وَبَرَاهِيْنُهَا الْدَّالَّةِ عَلَىَ صِدْقِهَا عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُوْنَ كَقَوْلِهِ "إِنَّ الَّذِيْنَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُوْنَ" الْآَيَةَ.