بسم الله الرحمن الرحيم

(
خيانة الرخاء ) مصطلح سمعته لأول مرة من أستاذنا القدير الدكتور : عبدالكريم بكار ، وهو يُعلق على كلام لابن حميدان التركي فرّج الله عنه ، و قد كان التركي يتحدث عن شخصيته كيف اضطر إلى تغييرها بعد ما أصبح المسؤول الأول خلفًا لأبيه في أهله ..
لما خان الرخاء فتك بكثير من الذين تسودوا و تقلدوا مناصب أو أوكلت إليهم مهمات فلم يعرفوا إدارتها و لم يحسنوا التعامل مع تلك المواقف و التكاليف .
الرخاء يوم كان الإنسان مخدومًا لا يلحقه أي عناء في جلب كل ما يشتهي و في إنجاز كل ما يريد ، فوالداه أو إخوته يكفونه كل مؤونة ، و لكن إلى متى ..؟! فإنه لا يُدرى إلى أي حال ستحول الأمر ، و إلى أي منقلب تنقلب . فقد تتغير الأحوال و يُصبح المرء رهين شخصيته و تكوينه و مواهبه و طاقاته و خبرته .
كم من الشباب الذين عاشوا على الترف و الرخاء انصدموا بالواقع لما انتقلوا إلى الحياة الزوجية و تكاليفها .. كم من الموظفين عانوا معاناة شديدة في إدارة اعمالهم لما أوكلت إليهم مهام إدارية .بعد ترقيتهم .
كم من الفتيات أحسسن بشيء من الإحباط لما ولجن الحياة الزوجية و هن عاجزات عن أداء كثير من مهامهنَ كربات بيوت .. الأمثلة كثيرة لا حصر لها ، و المشاهدات حاضرة في أذهاننا .
إنني أحذر كل إنسان من الاغترار بالرخاء ، و أنصحه ألا يكون من ضحايا الرخاء فيميل إلى الكسل و النوم ، و إنما عليه بالاجتهاد و الجدية حتى وهو في ظروف آمنة ، و و عليه إن كان يريد النجاح و التميز بخوض غمار الحياة حتى لو لم تجبره الظروف ، و حمل بعض الأعباء عن أهله و ذويه و السعي للاتكال على النفس بعد الله تعالى في كل نجاز ، فهذا خير حافظ من خيانة الرخاء . و لنا في أمير المؤمنين عمر - رضى الله عنه - سلف و قدوة حيث روي عنه : ( تعلموا قبل أن تسودوا ) ..
و أوجه كلامي و أشدد في ذلك للأخوات الفاضلات ، بأن يتداركن الأمور ، و يسعينَ للنهوض بذواتهن ، استعداداً لما هو قادم في الحياة . و لا يتكلن على أهاليهن أو على الخادمات ، و ليكن لهن دور و حضور مشرف في المنزل و إدارته القيام به ، فالواقع الذي نراه يؤكد لنا أن هناك خيانات قادمة لها أثر سلبي على شبابنا و فتياتنا .
فاحذر من أن تغتر بالرخاء ثم تتفاجأ بواقع يصعب عليك التعامل معه فتصاب بالإحباط
و تُفشل ما أنت عليه .
::: أخيراً :::