مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 21-07-2010, 12:53 PM   #4
يرموك
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 206

السلام عليكم.
وجدتُ نفسي ها هنا كالزائر المختلس؛ بيد أنك أيها المفضال اختلستني؛ فصرتَ كما قال بعض السلف: جاء ليسرق فسرقناه، مع الفارق بين السرقتين.
والعتب عليك إذ تطول بك الغيبة، ولا يبرح النوى يفارقك، فلو أنك جددت العهد هاهنا؛ لأني عهدتَ أناسًا لم أجدهم إلا هنا، فأدخل هنا خلسة علّي أن أظفر بأحدهم، فاللهَ أحمدُ إذ كان الظفر بك .

فأمّا الزُعَّاقُ بالكواكب؛ فأمرهم طويل الذيول، والذي أظن أن تعظيم العقل، وانطماس القلوب عند فئة منهم، والبعد عن مصادر التلقي = أوجد منهم هذا التنائي الفج عن الأوامر الربانية التي لاتحتمل تأويلاً.
ومن لطف الله -تعالى- بعباده؛ أن جعل دخول الشهر يعرفه الواحد منهم برأي عينه، فلا يحتاج حسابًا ولا حسبة، ولا عدًا ولا عدة، وهو مصداق ما قاله الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-: إنا أمة أمية، لا نكتبُ ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا ...
فهذا أمر يدركه الجاهل والعالم والصغير والكبير، خلافًا للحساب الذي لا يعرفه إلا ندرة من الناس، فلم يأتِ الشرع بجعله وسيلة للعبادة؛ (وما جعل عليكم في الدين من حرج).
ولكأن أبا العباس ابن تيمية -رحمه الله- يشاركنا هذا الحديث، ويقاسمنا هذا الهم، إذ يقول: "كان مقتضي تقدم هذه (المقدمة) أني رأيت الناس في شهر صومهم، وفي غيره أيضا منهم من يصغي إلى ما يقوله بعض جهال أهل الحساب: من أن الهلال يرى، أو لا يرى، ويبني على ذلك إما في باطنه، وإما في باطنه وظاهره، حتى بلغني أن من القضاة من كان يرد شهادة العدد من العدول لقول الحاسب الجاهل الكاذب: إنه يرى، أو لا يرى، فيكون ممن كذب بالحق لما جاءه، وربما أجاز شهادة غير المرضي لقوله، فيكون هذا الحاكم من السماعين للكذب، فإن الآية تتناول حكام السوء..." مجموع الفتاوى (25/131).
ثم يفيض -رحمه الله- في رسالته في "الهلال" التي تقع في (25/126- 202) من مجموع الفتاوى، وفيها ما يعز وجوده في غيرها.
ثم انظر ما يقول -رحمه الله- تحسبه يصف حالنا: "إنا نعلم بالاضطرار من دين الإسلام أن العمل في رؤية هلال الصوم أو الحج أو العدة أو الإيلاء أو غير ذلك من الأحكام المعلقة بالهلال بخبر الحاسب أنه يري أو لا يري لا يجوز.
والنصوص المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كثيرة، وقد أجمع المسلمون عليه، ولا يعرف فيه خلاف قديم أصلا، ولا خلاف حديث؛ إلا أن بعض المتأخرين من المتفقهة الحادثين بعد المائة الثالثة زعم أنه إذا غم الهلال؛ جاز للحاسب أن يعمل في حق نفسه بالحساب، فإن كان الحساب دل على الرؤية صام وإلا فلا.
وهذا القول وإن كان مقيدا بالإغمام ومختصا بالحاسب فهو شاذ، مسبوق بالإجماع على خلافه، فأما اتباع ذلك في الصحو، أو تعليق عموم الحكم العام به؛ فما قاله مسلم" السابق (25/132، 133).

ولولا أن المقام لا يتسع للمزيد لزدتُ، ولكن الفيئة إلى هذه الرسالة وتفحصّها وإشهارها في هذه الحقبة المتأخرة من عمر الدنيا = مهم جدًا؛ نبذًا لقول طائفة لا خلاق لها في الدين، تطمس بجهلها معالمه ومراسمَه، وقد ألفيتُ نفرًا من القائلين بهذا يفوه بمجالسه بما لايحمده الصغير ولا الكبير، ويشيع عند الصبيان المتعلمين ما لا تحتمله عقولهم، فأي نزعة ينزع هؤلاء ؟!
فالله حسبنا ونعم الوكيل.


آخر من قام بالتعديل يرموك; بتاريخ 21-07-2010 الساعة 12:57 PM.
يرموك غير متصل