مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 28-10-2004, 11:59 PM   #2
المتحسر
Guest
 
تاريخ التسجيل: Oct 2004
البلد: جزيرة العرب
المشاركات: 63

بسم الله الرحمن الرحيم


تتطاير الكلمات في زوابع العقل, وتتكاثر الأفكار المنتقلة من عقلي لأطراف أصابعي بسرعة البرق, و كلُّ فكرة منها تدفعني دفعاً لكتابتها قبل غيرها لما لها من أهميّة, فلا أستطيع سوى طلب العفو عن كل نسيان أو سهو أو تناثرٍ في الأوراق والكلمات والأسطرهاهنا؛ فما كتبت لم يطل وقتي فيه, بل وجدت نفسي أكتبه وكأن قوى خفيّة أمسكتني من طرف ثوبي ورمتني أمام لاب توبي ثم أجبرتني على الكتابة.. ألا وهي غيرتي وحرصي , وكرهي للثعالب البشرية لابسي الأقنعة البيضاء ومتقمصي الحملان الوديعة أعاذنا الله وإياكم من شر الحملان إذا ما أعطيتها ظهرك من أمان بها كـ"حملان" !!.

نقرأ عن الدور الخفي للعلمانيّة في الحياة والرأي العام, ونسمع ونرى تحرّكاتهم الخبيثة لاستغلال المواقف, وتهييج الفتنة, وإحياء ما كنّا قد كفّناه ورميناه في مقابر النسيان أو حتى مسالخ التناسي. فهم يستغلّون "سعة" ذمتهم و "قوّة وجوههم" في عصيان ربهم في إمساك الجانب الإعلامي الذي يبتعد عنه غالب الملتزمين أو غير الخبيثين بشكل عام, لينشروا فيه غسيلهم على منأى من الخصم القوي في هكذا مجال.

قبل عدة سنوات.. قامت هناك في أرض الكنانة تفجيرات إرهابيّة ضد السيّاح , والمجال لا يسع لنقد أو تقييم تلك الحقبة في مصر, ولكن المجال يتسع بكل رحابة صدر للحمار عادل إمام, ذاك الخبيث الذي استغل الحدث لتعميمه على من يؤرق مضجعه ذكرهم ويشل حبال تفكيره هماً حين يسمع خبر يسرّهم. فخرج بفيلمين عن الإرهاب سب فيه كل ماهو إسلامي, وصوّر المتديّن على أنه "واحد ماشفش الدنيا, وإزا شاف بنت حلوة بئه .. يسيح في الأرض زي الآيس كريم" !!, وأنهم جهلة ظلاميون يسكنون مع الغيلان في كهوف الرجعيّة والتخلّف , أملهم الوحيد سيطرة حياة الكهوف والهونقا بونقا على المجتمعات المتحضّرة الـ"مودرن" .

من هنا أن أترحّم على الشيخ الجليل عبد الحميد كشك الذي قال كلمته الشهيرة فيه : لقد كنا ننتظر أن يأتينا إمامٌ عادل, فأتانا عادل إمام !!, ومن هنا أحذر من إماميين جدد, أرى رؤوسهم تنبت في سفوح أوطاننا وحق علينا أن نسكتها وندفنها قبل أن تكبر شوكتها وتحارب الدين بوجهها الحقيقي كما هو حاصلٌ في تونس وتركيا كأكبر مثالين. ومن هنا استذكر اليوم وسأستذكرالغد وسنرى أي منقلبٍ سينقلبون عليه.

اليوم وفي تمام السادسة والثلث تقريباً, شاهدت مسلسل طاش ماطاش الشهير, بحلّة جديدة ووجه آخر في حلقته هذه.. تلك الحلقة التي أعادت في ذهني نفس طريقة إستغلال الخبيث عادل للأحداث, حين قام الرافضي عبدالخالق الغانم مع جماعته بفتح ما يكنّون في قلوبهم, وما تخفي صدورهم بلاشك أنه أضعافٌ عن ما أخرجوه.

الحلقة كانت في بدايتها في صف, يحدّث فيه المعلم عن أن دين الإسلام دين الوسطيّة واليسر, وبعد تلك الحصّة دخل عليهم مدرّس آخر ملتحي يقول لهم عن الولاء والبراء, وأن الكفاريجب قتلهم –مع حركات وجه تدل على الخبث .. بنفس طريقة معالجة عادل إمام- .

ينتقل المشهد لغرفة المدير, وفيه تظهر عصابة المتديّنين الذين يشكّون في الناس, ويقيمون اجتماعات لوحدهم , ويتكلمون بالفصحى –سرقة من عادل إمام- , بعد ذلك يرجع التصوير إلى الفصل مرة أخرى, وفيه ينتقد المدرس اللاعبين في مباراة الأمس لأنهم احتضنوا اللاعب الأجنبي, وهو كافر, ومن باب الولاء والبراء, يجب أن يصنعوا العكس. فقام طالب وناقشه فما كان من المعلم إلا أن أرسله للمدير الذي هو بدوره استدع ولي أمر الطالب ثم اتفقوا على إدخال الطالب في جماعة مدرسيَّ دينيّة .

حصة أخرى , سأل الطلاب المدرس المعتدل –الذي ظهر في أول الحلقة- عن حكم ذلك, فقال بما يقول به الشرع وهو صادق.. فكان أن استجوبه المدير وعقد معه تحقيق عن ماحصل. بعد ذلك أراد المدرس أن يشكي ماحصل للوزارة. وفي مشهد يحمل ألف وجه, تفاجأ أن الجالسين على مكتب المسؤوليّة هم نفس الثلاثة –العصابة المتديّنة-.

هذا هو تلخيص سريع للحلقة , والتي تحمل ما تحمل من مقاصد .. لعلي أضع بعض تصوراتي عنها على شكل نقاط مختصرة :

1- المدرّس المعتدل –القصبي- كان رقيق القول حسن المظهر وحسن الحركات والابتسامات.. وهذه هي الصورة المطلوبة من كل معلّم, ولكنهم قرنوه بإطالة الثياب وقصر اللحية في مشهد يحمل القليل من علامات الاستفهام الغير مهمة في الحقيقة إن ما قورنت بأخواتها. في حين أن المتشددين يستعملون السواك, لحاهم طويلة, ثيابهم قصيرة ونظراتهم خبيثة.

2- التحريض على التعليم, بوصفه –في شكله الحالي- يقوم على أسس من مؤسسي الإرهاب, وأن الكتب تحرّض كذلك على هذا .. فقد ذكر المعلم الثاني –أبو البراء- أن هذا موجود في الكتاب.. وفي هذا إشارة كبيرة تدعو لتغيير المناهج.

3- محاولة القائمين على البرنامج وعلى رأسهم الرافضي عبدالخالق على النيل من الملتزمين وضربهم بسلاح الإعلام الذي لا يمتلكوه.. فإن كان يريد أن يوصل فكرة عن أن بعض المدرسين يدعون للإرهاب في الظاهر, فلا يخفى على كل ذي لبٍ قصده العام لكل الملتزمين, وربط الدين بالإرهاب .. وأعني بالدين الدين اللاعلماني اللاإنتقائي للنصوص حسب ما يقتضيه الواقع الأمريكي .. هذا بالإضافة لنقده الصريح للسلطة التعليميّة الدينيّة التي أحسدكم عليها من هنا.

4- حين طلب المدير المنشدد من الطالب الدخول في الجماعة المدرسيّة الدينية, أقرأ تعريضاً خطيراً على هذه الأنشطة الدينيّة, ويمكنني القول أن القصد عامٌ لا خاص. فصوروا اجتماعهم مع المعلم المتشدد في لقطات بسيطة وكأن المخرج يريد أن يقول "عليكم بهم فهم العدو", وعليكم بمثل هذه الحلقات التعليميّة .. وكأن المتحدّث مخرج أمريكي في مسلسل يسب السلطة الدينيّة في السعوديّة .

5- حين اشتكى المدير للمسئولين عن التعليم, تفاجأ أنهم هم نفسهم المعلمين في المدرسة.. في إشارة صريحة لا تحتاج لتفسير على أن العيب لا في الأساتذة أنفسهم .. بل في المنهج المتبع. وفي هذا إشارة على سوء النظام المتبع وهو الديني.. وبذلك فالنقد للرأس –وهو المنهج القائم على أسسٍ دينية- لا على طريقة تنفيذه. ومنه فالمقصود بالمعلمين المنهج الديني , وأما وضعه للمعلم المعتدل فهو مجرّد "درع واقي" يريد منه حمايته من الرأي العام والسلطات.. بوضعه للمعلم المثالي والذي بدون شك يعني فيه المعلمين المتساهلين , وإن ألبس المشهد ثياباً ثانية.. حيث أن الصورة تقرأ كاملة.. ولا تنظر كأجزاء مختلفة.

ومن هنا أدعو الأخوة قراءة المشهد من جديد, ومحاولة تفكيك طلاسم ذاك الرافضي الخبيث وأهدافه الخبيثة. ويمكنني أن أقول أن طاش أدان نفسه بنفسه, وألبس نفسه ثياب المنع والإبعاد, فلا أظن أن حلقات "أبو نزار" الجميلة غدت متقبّلة بين حلقات كـ"واتعليماه" , ولا أظن أن تلفزيون المملكة قد وفِّق في سماحه لهكذا حلقة بالمرور.

وأعتذر عن الإطالة والركاكة .. والله تعالى أعلم.
المتحسر غير متصل