مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 12-08-2010, 06:23 AM   #1
فارس الأندلس
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 176
كلام من ذهب للحافظ ابن رجب عن الصوم .

بسم الله الرحمن الرحيم
( لاتضجر من طول الموضوع فإنه رائع جدا )
قال ابن رجب رحمه الله : ( . . و لهذا كثير من
المؤمنين لو ضرب على أن يفطر في شهر رمضان لغير عذر لم يفعل
لعلمه لكراهة الله لفطره في هذا الشهر و هذا من علامات الإيمان أن
يكره المؤمن ما يلائمه من شهواته إذا علم أن الله يكره فتصير لذته فيما
يرضى مولاه و إن كان مخالفا لهواه و يكون ألمه فيما يكره مولاه و إن
كان موافقا لهواه و إذا كان هذا فيما حرم لعارض الصوم من الطعام
والشراب و مباشرة النساء فينبغي أن يتأكد ذلك فيما حرم على
الإطلاق : كالزنا و شرب الخمر و أخذ الأموال أو الأعراض بغير
حق و سفك الدماء المحرمة فإن هذا يسخطه الله على كل حال و في
كل زمان و مكان فإذا كمل إيمان المؤمن كره ذلك كله أعظم من
كراهته للقتل و الضرب و لهذا جعل النبي صلى الله عليه و سلم من
علامات وجود حلاوة الإيمان أن يكره أن يرجع إلى الكفر بعد أن
أنقذه الله كما يكره أن يلقى في النار و قال يوسف عليه السلام :
{ رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه } سئل ذو النون المصري متى
أحب ربي ؟ قال : إذا كان ما يكرهه أمر عندك من الصبر و قال غيره
: ليس من أعلام المحبة أن تحب ما يكرهه حبيبك و كثير من الناس
يمشي على العوائد دون ما يوجبه الإيمان و يقتضيه فلهذا كثير منه لو
ضرب ما أفطر في رمضان لغير عذر و من جهالهم من لا يفطر لعذر
ولو تضرر بالصوم مع أن الله يحب منه أن يقبل رخصته جريا على
العادة و قد اعتاد مع ذلك ما حرم الله من الزنا و شرب الخمر و أخذ
الأموال و الأعراض أو الدماء بغير حق فهذا يجري على عوائده في
ذلك كله لا على مقتضى الإيمان و من عمل بمقتضى الإيمان صارت
لذته في مصابرة نفسه عما تميل نفسه إليه إذا كان فيه سخط الله و ربما
يرتقي إلى أن يكره جميع ما يكره الله منه و ينفر منه و إن كان ملائما
للنفوس . .. و اعلم أنه لا يتم التقرب إلى الله تعالى بترك هذه الشهوات
المباحة في غير حالة الصيام إلا بعد التقرب إليه بترك ما حرم الله في
كل حال من الكذب و الظلم و العدوان على الناس في دمائهم
وأموالهم و أعراضهم . . . و سر هذا : أن التقرب إلى الله تعالى بترك
المباحات لا يكمل إلا بعد التقرب إليه بترك المحرمات فمن ارتكب
المحرمات ثم تقرب إلى الله تعالى بترك المباحات كان بمثابة من يترك
الفرائض و يتقرب بالنوافل و إن كان صومه مجزئا عند الجمهور ) أ . هـ
من كتاب لطائف المعارف للحافظ ابن رجب ( 1 / 252 )
فارس الأندلس غير متصل