الفول والجوازات
محمد علوان
ترتبط الدوائر الحكومية دائماً بذاكرة مخبأة عن الأكل والشرب وهي كما أنها تأخذ شكلها الطبيعي من ناحية الشرب فلا تثريب عليك إن تناولت قدحاً من القهوة بشتى أنواعها أو قدحاً من الشاي بكافة ألوانه ومذاقاته، وربما أن هناك ما يخبئه الموظف من بعض المكسرات والبسكويت وربما بعض الأنواع الفاخرة من التمر وهذه لن تراها إلا في المكاتب التي يوجد بها مشاجب للمشالح.
لكن فكرة الفول والتميس ستمثل منظراً غير مبهج وخصوصاً إذا ما فرشت الأرض بجرائد الأمس وربما يطل عليك مراجع وهو يتلمظ جوعاً وأنت تطلب منه الانتظار حتى تنتهي من ابتلاع اللقام التي تتابع والسمن البري أو الزيت يقطر منها . وحقيقة فهو منظر يدفع على الاشمئزاز وعدم التحضر الإداري إن صح التعبير.
وأنا أشهد بالله أن جوازات الرياض في هذه الآونة تمثل إيقاعاً إدارياً رائعاً وإذا ما كانت أوراقك سليمة فإن الإنجاز يأخذ طريقاً سلساً بل إن مجموعة من الضباط يتابعون بأنفسهم كل صغيرة وكبيرة ويصيخون السمع لكل سؤال بل إن تنظيم الجلوس في انتظار دورك يقوم به مجموعة من الأفراد تعلو وجوههم ابتسامة وود ربما سرقوه من ربعهم الذين في المنافذ والمطارات سوف يسأل سائل وما هي علاقة الفول بالجوازات؟
وإليكم الإجابة فقد قررت أن أقوم بنفسي بهذه المهمة رغم النصائح التي تم إهداؤها لي بأن اصطحب السائق أو أن أقوم باستئجار عربة أجرة وقلت مستحيل ألا أجد موقفاً، توكلت على الله سبحانه وتعالى وقصدت مبنى الجوازات استغرق الوصول إلى تلك المنطقة الساعة تزيد أو تنقص قليلاً، والزحام الشديد يضيق عليّ الخناق وطريقة القيادة التي تستفز الجماد بأنواعه من شجر أو حجر أو فولاذ. هذه العمالة التي ملأت الرياض ومنحت رخصاً للقيادة لم تحلم بها في أوطانها. ألا يجب أن يعاد النظر في منحهم تلك الرخص.
البحث عن موقف قريب من مبنى الجوازات هو من المعجزات العظمى أو أن تقوم بالدوران عشرات المرات فربما يبتسم لك الحظ وهو من الندرة بمكان ، المكان يقع في منطقة المربع وهذه المنطقة تثير فيك كوامن الجوع الذي بدأت شارته تتالى وأعصابك يتلفها الآخرون بقيادتهم الفريدة لم أجد نفسي إلا وأنا أمام باب أحد أشهر الفوالين في مدينة الرياض وقرص ( التميس ) الحار وصحن الفول المليء بزيت الزيتون.
اعتقدت أن الإنجاز التقني هذه الأيام يمثل سهولة ويسراً فلماذا لا يكون هناك أكثر من مبنى لهذه المدينة الكبيرة عاصمة المملكة العربية السعودية لتكتمل الصورة الإيجابية لمن يقدمون هذه الخدمة الوطنية .إن وجود أكثر من مركز في شمال وغرب وجنوب وشرق الرياض سوف يريح المواطن المشابه لي والذي ينتهي مشواره للجوازات إلى صحن من الفول وسلامتكم.