مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 21-10-2001, 10:28 PM   #1
الصارخ1
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2001
المشاركات: 68
إليك بيان العلامة سفرالحوالي .(.كاملاًغيرمنقوص)

إليك بيان العلامة سفرالحوالي .(.كاملاًغيرمنقوص)

الحمد لله الذي استأثر بالخلق والتدبير ، وأيأس الناس أن يكون لهم من ذلك صغير أو كبير، والصلاة والسلام على رسوله البشير النذير والسراج المنير وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فهذه كلمات دعاني إلى إخراجها إبراء الذمة ، وإلحاح الأمة ، وجسامة الأحداث ، التي لا زلنا في أولها ونسأل الله أن يجعل عاقبتها خيراً . وقد كتبتها رجاء أن ينفع الله بها ، وأدعوه جل شأنه أن يغني المسلمين عنها بما هو خير منها ، وهي حقائق وتنبيهات وتساؤلات تشير إلى ما ورائها مما لا يسعف الوقت لتفصيله، أو لم يتمكن الفكر حتى الآن من تصوره وتحليله ، وما كنت أريد إلا أن تكون دراسة متكاملة ، ولكن الاستعجال الذي ابتليت به الأمة - وشباب الدعوة خاصة - جعلني أبادر بإخراجها مختصرة في فقرات ، لعلها تغنيني عن تكرار الحديث يومياً مرات وكرات ، مع مجموعات من هؤلاء ، وإن اقتضى الأمر تفصيل شيء منها أو إعادة النظر فيه فستأتي في وقته بإذن الله .
وقد حاولت اقتفاء منهج القرآن في تجاوز تفصيلات الحدث إلى التنبيه إلى العبر والتذكير بالواجب .
(1) وأول الحقائق الواجب معرفتها والتذكير بها : أنه لا يقع في هذا الكون حادث صغير ولا كبير ، مما يفرح لـه الناس أو يحزنون أو يتفرقون فيه ، إلا بقدر سابق سطره القلم في اللوح المحفوظ قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة – وعرش الرحمن على الماء – مطابقاً لعلم العليم الحكيم ، الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ، فلا تهمس شفة ولا تنـزل قطرة ولا تستقر أو تتحرك ذرة ، إلا بمقتضى ذلك - عَلِمَ من علم وجهل من جهل ، ورضي من رضي وغضب من غضب - ومن هنا أخرس العارفون ألسنتهم عن السؤال والاعتراض ، وأخبتت قلوبهم لأحكام القضاء، وهان عليهم الصبر على البلاء والشكر على السراء . وزادوا على الإيمان بأنه تعالى { لا يسأل عما يفعل وهم يسألون }بأن فوضوا الأمر إليه وسألوه المغفرة والرحمة { إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين } [ الأعراف : 155 ] .
(2) وثانيها وهو للأول تبع أنه لا يخرج عن سنة الله الكونية أمة ولا حال ، مهما تقادمت الدهور أو تأخرت العصور ، مهما طغى من طغى أو أوتي من العلو في الأرض والعتو عن أمر الله ، فما الحضارات المتعاقبة إلا قرون أو قرى تجري عليها السنة التي لا تبديل فيها ولا تحويل ، وما أمريكا إلا قرية من القرى التي أسرفت على نفسها بالمعاصي ، كما فعلت عاد وثمود وقرون بين ذلك كثير ، فأحلّ الله عليهم سخطه ، وأنـزل عذابه فما أهون الخلق على الله إذا عصوه وتعرضوا لانتقامه {فكلاً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا } وترك الله مساكنهم داثرة وآبارهم معطلة وقصورهم مشيدة ، وخاطبهم حين ولوا مدبرين { لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم } ولكن هيهات ! فقد جعلها الله أنقاضاً وركاماً لتكون حسرة عليهم في الدنيا قبل الآخرة والعجب كل العجب من حلم الله على هذه الأمة الطاغية ، التي جمعت بين جبروت عاد ، وعدوان ثمود ، واستكبار فرعون ، وخبائث قوم لوط ، وتطفيف أهل مدين ، وضمت إلى ذلك مكر اليهود ، وحرصهم على حياة ، وتلاعبهم بالألفاظ ، وتـزكيتهم لأنفسهم على كل أحد سواهم ، فماذا ينتظر الناس لهذه الأمة إلا أن تحل بها سنة الذين خلوا من قبل ، وأن تتابع عليها أيام الله ، ولا غرابة أن يقول قسيسها الكبير ((هذه هي البداية فقط))!!
أما أنا فأقول إن لم يدمرها الله كلَّها فلحكمة عظيمة يعلمها ، وهي أنه سيخرج منها من يعبده ولا يشرك به شيئاً وما ذلك على الله بعزيز .
على أن الانتقام الرباني ليس لـه حدود ولا لصوره نهاية { وما يعلم جنود ربك إلا هو } :
مثال : هاجم الأمريكيون الأوائل الهنود الحمر في بلادهم ، وشنوا عليهم حرب إبادة تعد وصمة عار في تاريخ أمريكا إلى الأبد ، والآن يَقْتُلُ الهنودُ من الأمريكيين سنوياً 300.000 إنسان !! كيف ؟ يقول ول ديورانت في كتابه "قصة الحضارة" :
( لقد تعلم المستعمرون الأوربيون من الهنود البدائيين شرب هذه الشجرة الخبيثة ((الدخان)) فاستطاعوا بذلك الانتقام من عدوهم بما عجزت عنه سهامهم انتقاماً دائماً ) . دع عنك "الإيدز" والقلق النفسي والكساد وفساد ذات البين !!
(3) أن هذه الأمة الإسلامية أمة " مصطفاة " " مرحومة " " منصورة " مهما نـزل بها من المصائب وحل بها من الضعف والهوان .
أما الاصطفاء فقد أورثها الله تعالى الكتاب والحكمة ، وجعلها شهيدة على الناس ، وحسبك أن يكون ظالمها من جملة المصطفين مع أنه مأخوذ بظلمه محاسب على تفريطه { ثم أو رثنا الكتاب الذي اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات } فكل خير لدى أية أمة من الأمم ففي المسلمين أكثر منه ، وكل شر في هذه الأمة ففي غيرها أكثر منه ، وحضارتها هي حضارة العدل والرحمة والتسامح ، وصدق من قال من فلاسفة الغرب (( ما عرف التاريخ فاتحاً أرحم من المسلمين )) !! أما الحضارة الندّ " الغربية " فلم ترق إلى شيء من هذه القيم إلا بعد قرون من الصراع، ومئات الملايين من القتلى والمشردين ، ولا يزالون يتقاتلون إلى اليوم في إيرلندا وأوربا الشرقية !! وقد أهلكوا في توسعهم الاستعماري خلال ثلاثة قرون ما قدره بعض مفكريهم بمائة مليون إنسان ، وبعضهم أو صله إلى 300 مليون إنسان!!
وأما أنها "مرحومة " فلأن الله جعل عقوبتها في الدنيا وذلك بتسليط الأعداء عليها وإلباسِها شيعاً كُلاً منها يذيق الآخر بأسه ، وابتلائها بالفقر والتقهقر الحضاري . كل ذلك ليطهرها ، أو يخفف حسابها يوم القيامة ، ويرفع درجات طائفة منها إلى منازل لم يكن لتبلغها بأعمالها ، وقد جاء في الحديث (( إن هذه الأمة مرحومة عذابها بأيديها )) وفي حديث آخر (( عقوبة هذه الأمة بالسيف )) قال في تكملة الأول (( فإذا كان يوم القيامة دفع إلى كل رجل من المسلمين رجلاً من المشركين فقال هذا فداؤك من النار )) .
وأما أنها " منصورة " فقد جاء تمثيلها في كتاب أهل الكتاب بالجبل الذي إن وقع على شيء سحقه ( كما وقع الفاتحون الأولون على مملكتي كسرى وقيصر ) . ومن وقع على الجبل ترضرض ( كما حدث للصليبين والتتار والمستعمرين الأوربيين) وقد أخبر الصادق المصدوق أنه لا تـزال طائفة منها منصورة لا يضرها من خالفها ولا من خذلها يجاهدون على الحق حتى يأتي أمر الله .
والمقصود أن أمة جمع الله لها هذه الخصال لا يجوز لها أن تيأس بحال من الأحوال، ولا يَظُنُّ أنها ماتت وقضي أمرها إلا من كان من الظانين بالله ظن السوء ، أو الغافلين عن سنة الله فيها ، فيحسبون أنها كسنته في غيرها ،مع أن تاريخها سجال بين الكَرَّة والفَرَّة ، والنهوض والسقوط، والاختلاف والائتلاف ، لكنَّ المَعْلَم الثابت في كل الأحوال هو حسن العاقبة وخير المآل ، فما كان لشرقي ولا لغربي إذ هاجمها الصليبيون أن يظن أنها ستقلب الميدان إلى عمق أوربا أو إذ اجتاحها التتار أن يتصور أنها ستفتح بهم روسيا وتغزو بهم شمال أوربا !!
(4) أن كل ما أصاب هذه الأمة من ضعف أو ذل أو هزيمة أو فقر ، فبذنوبها ومن عند أنفسها ، مع أن الله لطيف بها فلا يسلط عليها من يستأصلها ، ولا يكون بلاؤها كله عذاباً ، بل منها الشهيد المصطفى ، ومنها المقتول المكَفَّر عنه بالقتل ، ومنها المصاب المخفَّف عنه العقوبة في الآخرة ، أما إذا اعتصمت بحبل الله وأنابت إليه وتركت الذنوب فلها النصر والعزة والتمكين في كل ميدان ، وما أعداؤها الكتابيون أو المشركون وحكامها الجائرون ومنافقوها الماكرون إلا بعض ذنوبها ثم الله يسلط عليهم جميعاً بذنوبهم من يسومهم سوء العذاب من داخل الأمة أو من خارجها ، ومن هنا كان أولى خطوات التغيير التوبة والضراعة ، وقد خرج أهل العراق على الحجاج ليقاتلوه فقال الحسن البصري رحمه الله : يا أهل العراق إن الحجاج عذاب الله سلطه عليكم بذنوبكم فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم ولكن توبوا إليه يرفع عذابه عنكم فإنه يقول {ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون } فإذا تابت الشعوب - ومن توبتها أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتوالي في الله وتعادي في الله - رفع الله جور الحكام عنها . وإذا تاب الحكام وأقاموا كتاب الله رفع الله عنهم إذلال قوى الكفر لهم وقومة الشعوب عليهم، وتسليط بعضهم على بعض . وإذا تاب المسلمون المقيمون في بلاد الغرب من المعاصي – وأعظمها نسيان الولاء والبراء والذوبان في مجتمع الكفر والفسق – رفع الله عنهم البلاء العنصري ، كما أن كل من سافر أو أقام لغير حاجة عارضة ، أو ضرورة قاهرة ، عاصٍ حتى يتوب بأن يعود ويفارق دار الكفر ، إلا من كان قصده الدعوة ومراده الهجرة .
(5) وتأسيساً على ما سبق فإن المخرج من الفتنة والخلوص من الأزمة ، إنما يكون بالعودة إلى أول الطريق، وتصحيح أول منـزل ، كما فعل الغزالي رحمه الله حين ضرب في التيه كل سبيل ، وأخيراً عاد للكتاب والسنة ومات وصحيح البخاري على صدره وكان يردد :
تركت هوى ليلى وسعدى بمعزل وعدت إلى تصحيح أول منـزل
وجماع ذلك العودة إلى كتاب الله الحكيم الذي فيه نبأ ما قبلنا ، وخبر ما بعدنا ، وتفصيل سنن الله فينا ، وفي غيرنا وبيان حقيقة عدونا ، بالإقبال عليه بالتدبر والفهم والاستنباط والعمل فكم من آية فيه كأنما أنـزلت علينا اليوم ، وبخصوص ما نحن فيه ، ولكن أكثر المسلمين يمرون عليها وهم عنها غافلون ، وهل فصل الله فيه الحديث عن أهل الكتاب في أطول السور إلا بعلم وحكمة وليكون هدى وذكرى ورحمة للمؤمنين ؟
فلو أن المجاهدين التـزموا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على التمام – ومن ذلك التشاور مع من يهمه الأمر ، وترك الافتئات على سائر الأمة – لتحقق لهم من النكاية في العدو وقوة الشوكة ما ينفع ولا يضر ، ولما كان لأحد أن يعترض عليهم إلا منافق معلوم النفاق.
ولو أن المفتين والكتاب والخطباء والمذيعين وزنوا هذا الحادث والمعاملة معه بميزان القرآن ، لخرجوا بأفضل النتائج وحققوا أعظم المصالح ، وتجنبوا المفاسد الكثيرة ، ومنها الفوضى والتضارب في الآراء ، مع أن العامة كانوا على قلب رجل واحد عند وقوع الحادث ، وما شذ من شذ منهم إلا بعد اختلاف أهل العلم والرأي .
ولو أن المصلحين والمربين والدعاة أجمعين التـزموا ذلك لما تحولوا إلى ((ظاهرة صوتية !)) ولفزعوا إلى وضع الخطط والبرامج لتلافي الفرقة ، واستدرك التفريط في جوانب عظيمة من الدين ، باسم الحكمة أو مصلحة الدعوة أو ما كان عليه المشايخ المتبوعون !!
ولو أن المقيمين في بلاد الغرب التـزموا ذلك لكان أعظم فتح للإسلام في تلك المجتمعات المظلمة الضالة .
(6) إن نصرة الكفار على المسلمين - بأي نوع من أنواع النصرة أو المعاونة ولو كانت بالكلام المجرد - هي كفر بواح ، ونفاق صراح ، وفاعلها مرتكب لناقض من نواقض الإسلام – كما نص عليه أئمة الدعوة وغيرهم – غير مؤمن بعقيدة الولاء والبراء. فعلى الذين وعدوا بهذا من المعارضين الأفغان أو غيرهم أن يبادروا بالتوبة ويكفروا عن هذا العمل الشنيع بنصرة إخوانهم المسلمين ولو بالدعاء والمقال.
إننا إذ نذكّر بهذا الأمر العظيم لنناشد إخواننا المجاهدين القدماء لاسيما الشيخ عبد رب الرسول سياف، والشيخ برهان الدين رباني أن ينأوا بأنفسهم عن هذا ، وأن يبادروا برفع الصوت عالياً بالبراءة منه ، ونذكّرهم بالله ثم بما كنا ننصحهم به أيام الجهاد ويؤكدون لنا أنه لن يكون أبداً ، وهاهو ذا قد كان وأسوأ مما توقعنا . وهاهو ذا الشيطان يريد أن يحبط جهادهم للروس بولائهم للأمريكان ! وليعتبروا بما قال المعتمد بن عباد حين قال : ((لئن أرعى الجمال لابن تاشفين أحب إلي من أن أرعى الخنازير للفونسو)) [الفنسو أمير النصارى الإسبان] وليعتبروا بما حرى لمن حالف هتلر ورضي بأن يكون رئيساً لبلاده في ظل الحكم النازي فصار ملعوناً عند شعبه إلى الأبد، كما حدث للجنرال "بيتان" الفرنسي . وليعتبروا بما فعلت أمريكا مع الأكراد فهي شاهد حي.
كما نناشد حكومة الإمارة الإسلامية في أفغانستان أن تبادر بمبادرة صلح بينها وبين تحالف المعارضة بإصدار عفو عام وتلبية بعض المطالب وفتح باب الحوار والتفاهم وإعطاء القادة المسلمين منهم فرصة لمناصب في الحكومة وما أشبه ذلك مما يحسم مادة الفرقة أو يقللها.
ثم نتوجه بالمناشدة إلى الكتاب والمذيعين والخطباء - في هذه البلاد وكل البلاد - أن يتقوا الله فيما يقولون،فربما أعانوا على قتل مسلم بكلمة أو بشطر كلمة ، فأوبقت دنياهم وآخرتهم وأحبطت أعمالهم عند الله ، فإن ((الرجل يقول الكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً)) كما أخبر الصادق المصدوق .
فكيف والمراد الآن إبادة شعب مسلم ، والثأر منه للهزائم المتتالية التي نـزلت بالصليبيين على يديه، منذ أكثر من قرن ونصف حتى إخراج الروس منه ؟ كيف يتحدث العالم كله عن حملة شعواء، أولها في بلاد الأفغان وآخرها في أمريكا ووسطها في لجج البحار ، وغرضها سحق شعب جائع منكوب من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وسيتبعونه بغيره حتماً - ثم يتحدث من يتحدث في الصحف أو فوق المنابر من أهل الإسلام عن تأييد الحملة على الإرهاب ، ووصف المجاهدين بأنهم إرهابيون ، وينـزلقون في منـزلق المصطلحات الخدّاعة فيقولون إن الله حرم الإرهاب ، أو أن دين الإسلام بريء من الإرهاب ،مع أن إرهاب أعداء الله في كتاب الله مطلوب { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم } ، والنصر بالرعب من خصائص هذا النبي الكريم وأمته صلى الله عليه وعليهم وسلم . والله تعالى يقول { لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله } أما أحزاب الكفر فكلٌّ منها يفسر الإرهاب كما يريد، لكنهم مجمعون على أن المجاهد المسلم في فلسطين ، أو لبنان ، أو الشيشان ، أو كشمير ، أو الفلبين ، أو إريتريا إرهابي !! بل كل مسلم دخل لهم مطاراً هو عرضة لهذه الوصمة.
وليعلم كل من أدان أو جرَّم أن لازم ذلك إجازة الانتقام ! وهو ما لا تريد أمريكا من الشعوب أكثر منه ، ثم هي بعد ذلك ستنفرد بكيفية الانتقام ، وتحديد من يشمله ، وإلى أي مدى يبلغ بلا حسيب ولا رقيب ، ولنا معها تجربة مريرة قائمة ففي حربها مع العراق أخذت التفويض من مجلس الأمن بالقتال ، وأخذت التفويض من بعض علماء المسلمين بصد العدوان ، والآن أين وصلت أمريكا ؟ لقد تجاوزت كل حد ولم تنته بعد ، وأصبحت ثلاث دول في مجلس الأمن وكل الدول العربية والإسلامية تطالب برفع الحصار لكنها لم تفعل ، ولن تَقِفَ أو تَكُفَّ حتى تستنـزف كل قطرة نفط في الخليج والعراق ، وتقضي - إن استطاعت - على كل نسمة مؤمنة في المنطقة . فالله الله من التحديث بحديث المحاربين (( العُرَنِيِّين )) بين يدي الحجاج بل من هو أعظم شراً منه بما لا يقاس .
(7) إن من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة : أن الجهاد ماضٍ إلى قيام الساعة ، مع كل من حمل الرايةَ لنصرة الدين وصد عدوان الكافرين براً كان أو فاجراً ، ومن الهزيمة النفسية أن ترتفع الأصوات من هنا وهناك في تحريف مفهوم الجهاد أو تضييقه ، وحصره في مراحل تاريخية ماضية، أو بشروط قد لا تتحقق إلى يوم القيامة . بل إن بعضهم يتبرأ منه ويبرئ الإسلام منه – عياذاً بالله -.
إن الحق وسط بين الغالي فيه والجافي عنه ، والفرق جلي لمن تدبّر بين عملٍ جهادي يُحدِثُ شيئاً من النكاية في العدو بغرض الانتقام والردع ، وبين الجهاد ذي الراية العامة الذي يأتي في موضعه الصحيح من البناء الإصلاحي والتربوي المؤَسَّس لإعادة الأمة إلى سابق عزها وإقامة دين الله في واقع الحياة متكاملاً ، بقدر الجهد البشري والوسائل المتاحة . لقد التـزم حذيفة رضي الله عنه وصية النبي صلى الله عليه وسلم لـه والسهم في يده وصدر زعيم الكفر مكشوف أمامه في أصعب المواقف على المسلمين . ومن قبله فعل الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة . حين عرضوا عليه أن يميلوا على المشركين بالسيف فأبى ، ولكنه صلى الله عليه وسلم لما بايع من معه تحت الشجرة لم يتخلف إلا المنافق المستخفي ولما استنفرهم لحرب الروم في غزوة تبوك لم يتخلف عدا المنافقين إلا الثلاثة الذين تاب الله عليهم.
فعلى المصلحين والمربين أن يدركوا الأهمية العظمى لدراسة السيرة النبوية ، واستنتاج المراحل الدعوية منها ، بفقهٍ يفرّق بين الأحكام المنسوخة والأحوال المرحلية ، ويعرف موضع الجهاد وأحكامه من كل مرحلة . وعليهم أن يتذكروا دائماً أن النفسية الإسلامية في العصور الأخيرة هي انفعالية غير متـزنة ، فهي تفضل أن تخوض معركة الآن أو تدفع كل ما تملك في لحظة انفعال - وإن كان قليل الجدوى - على أن تسلُك في برنامج أو خطة لنفع الدين نفعاً عاماً بعد سنة ، بجهد رتيب دائم أو نفقة مستمرة !!
(8) أن على الدعاة المخلصين وأتباع منهج الأنبياء الصادقين أن يجتهدوا في حوط دين الله من جميع جوانبه ، كما جاء في السيرة النبوية في قصة وفد بني شيبان الذين ضمنوا للنبي صلى الله عليه وسلم أن يحفظوا الإسلام من جهة العرب ، واعتذروا عن حفظه من جهة الفرس فقال (( إنه لا يقوم بدين الله إلا من حاطه من جميع جوانبه )) ولم يبايعهم ، وقيّض الله لـه الأنصار - رضي الله عنهم - الذين بايعوه على مبدأ (( الدم الدم والهدم الهدم )) فالمسلمون أمة واحدة يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم. ومن قام منهم بجانب من الدين علماً أو دعوة أو جهاداً وجبت محبته ونصرته، على أن يحرصوا جميعاً أن تتكامل الجهود وتتوازى الأعمال ، أما إذا طعن أهل العلم في أهل الجهاد ، أو تنكر أهل الجهاد لأهل العلم ، وما أشبه ذلك ، فقد ذهبت ريح المؤمنين وتناثر صفهم ووقعوا في سبيل المغضوب عليهم أو الضالين ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
(( السبيلان الفاسدتان : سبيل من انتسب إلى الدين ولم يُكمِّله بما يحتاج إليه من السلطان والجهاد والمال ، وسبيل من أقبل على السلطان والمال والحرب ولم يقصد بذلك إقامة الدين – هما سبيل المغضوب عليهم والضالين، الأولى للضالين النصارى والثانية للمغضوب عليهم اليهود– .
وإنما الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين.. إلى أن يقول : إن قوام الدين بالكتاب الهادي والحديد الناصر كما ذكر الله تعالى [ يعني قوله تعالى{لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنـزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنـزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله لقوي عزيز}25 : سورة الحديد ] فعلى كل أحد الاجتهاد في اتفاق القرآن والحديد لله تعالى )) 28 / 395 مجموع الفتاوى .
وصدق رحمه الله، فحين وقعت طائفة في سبيل المغضوب عليهم وأصبحت جيوش المسلمين للاستعراض وحماية الأنظمة أو مهاجمة الجيران الإخوان ، وحين وقعت طائفة أخرى من الأمة في سبيل الضالين فأهملت الجهاد وغفلت عن الإعداد ، جاءتنا العقوبات من كل مكان ، ومنها أن يدنس العدو مقدساتنا ، وينتهك حرماتنا ، وتتكالب قواه علينا في كل ميدان ،ثم لا يتصدى للجهاد ويرتدي اسمه ووصفه إلا مجموعات متناثرة لا راية لهم ولا منهج ولا تربية. فإن أحسنوا فمن عند الله وإن أساءوا فبتفريطنا وتقصيرنا مع تفريطهم وتقصيرهم .
(9) أنه بعد أن انقسمت الأمة دويلات ، وهوت راية الخلافة الجامعة لهم، أصبحت كل طائفة سواءً كانت دولة أو جماعة تمثل نفسها وتستقل بذمتها وبموقفها حباً أو بغضاً، حرباً أو سلماً، عهداً أو نبذاً، فدويلة - كالبحرين مثلاً - لها سياسة تخالف مصر أو السعودية، وربما كان عدوها صديقاً لهؤلاء أو العكس، وقد تُعَاهِدُ أمريكا أو غيرَها وقد تُنَابِذُها دون أن يكون لغيرها علاقة بذلك


__________________
__________________
اللهم أنصر اللإسلام والمسلمين
[IMG]www.buraydahcity.com/vb/attachment.php?s=&postid=8682[/IMG]
الصارخ1 غير متصل