ذكر الأستاذ الدكتور: أكرم ضياء العمري -وفقه الله- في كتابه [ مرويات السيرة النبوية بين قواعد المحدثين وروايات الإخباريين ] تعليقاً على مرتضى العسكري وكتابه [ خمسون ومائة صحابي مختلق ] ما نصه :
سيف بن عمر ضعيف عند جهابذة المحدثين النقاد وأنه متهم بالكذب عند بعضهم، وبناء على ذلك قرر المؤلف أن كل خبر انفرد به يعدُّ موضوعاً.
وقد فطن المحدثون إلى ضعف سيف ونبهوا على ذلك . قال ابن حجر عن سيف: ضعيف في الحديث عمدة في التاريخ، أفحش ابن حبان القول فيه (1)، وقال ابن عدي: ولسيف بن عمر غير ما ذكرت أحاديث، وبعض أحاديثه مشهورة وعامتها منكرة ولم يتابع عليها، وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق(2)، وقال الخطيب البغدادي: وليس سيف بن عمر حجة فيما يرويه إذا خالف، ذلك قول أهل العلم (3)، وقال عنه الذهبي: كان إخبارياً عارفاً (4). مما سبق من الأقوال يلاحظ أن جهابذة النقاد المحدثين اعتبروا سيف ضعيفاً في الحديث، ولذلك لم تخرج له كتب الستة أحاديثه سوى حديث فرد أخرجه الترمذي(5) وليس من شرطه في التخريج أن يكون الحديث صحيحاً.
إن ابن عدي نبه على تفرد سيف بن عمر بمعظم الروايات التي يرويها مشهورة وهذا يدل على أن ابن عدي ومن تقدمه من النقاد قارنوا بين روايات سيف وروايات الآخرين ونبهوا على تفرده بمعظمها، ووضعوا قاعدة لذلك وهي عدم الاحتجاج برواياته التي تخالف قول أهل العلم.
ولكن ما العمل مع رواياته التي انفرد بها والتي لا تخالف قول أهل العلم، إن الذهبي وابن حجر أوضحا غزارة معلومات سيف التاريخية، وقد يكون تفرده بأخبار التميميين يرجع إلى عنايته الخاصة برجال قبيلته واهتمامه بحصر أخبارهم، فاعتمد المؤرخون فيما يتعلق بهم على سيف بن عمر وفق قاعدتهم في التساهل في رواية الأخبار والتشدد في رواية الحديث، ومن ثم فإنهم لا يرون سيف بن عمر كذاباً وضاعاً كما يصوره المؤلف - مرتضى العسكري - ، ولكنه ليس بحجة إذا خالف أهل العلم.
والواقع أننا لو عاملنا الروايات التاريخية بهذه الشدة فإن معظم المادة التاريخية تسقط وتقع فراغات واسعة في تاريخنا، لأن معظم الأخباريين الذين نقلوا إلينا المادة التاريخية لا يرقون إلى مستوى الثقات عند المحدثين، ولكن هذا لا يمنع من بيان فضل المؤلف في إيضاح ما أشار إليه المحدثون من تفرد سيف بمعظم مروياته.
وأما اتهام سيف بالزندقة فلا دليل عليه سوى قول ابن حبان الذي وصفه ابن حجر بالفحش
وختاماً أقول – الكلام لـ أ.د. أكرم ضياء العمري - أن معاملة الروايات التاريخية كالأحاديث النبوية، واشتراط المستوى نفسه من الصحة وعدالة الرواة وضبطهم يولد فجوات واسعة في تاريخنا إن لم يؤد بنا إلى الضياع، وليست تواريخ الأمم الأخرى مروية بالأسانيد ومعرفة الرواة ومع ذلك فهي تعتمد عليها في الدراسة التاريخية، وتلجأ إلى السبر والمقارنة بين متون الروايات فقط، وبوسعنا أن نقارب بين روايات الأخباريين جميعاً للوصول إلى ما هو أقرب إلى الواقع التاريخي بدل رفض المرويات جميعاً.
إن الصورة التي يعرضها سيف بن عمر عن الأحداث مغايرة تماماً للصورة التي تعكسها روايات أبي مخنف مثلاً... فإذا رفضنا مرويات سيف لأنه ضعيف في الحديث ولوجود المبالغة في رواياته ولتعصبه لتميم، ورفضنا مرويات أبي مخنف لتعاطفه مع العلويين ومرويات أبي معشر السندي لتضعيفه من قبل المحدثين فماذا يبقى من التاريخ؟ إن منهج السلف في التعامل المرن مع الروايات التاريخية هو الأجدى.
*****
ملاحظات /
- ما ذكرته سابقاً هو نقل نصي عن منهج المؤرخين في النقل عن الإخباريين وذكر مثلاً على ذلك سيف بن عمر
- لم أزيد ولم أنقص شيئاً إلا اللهم حذفت نقطتين ذكرهما مرتضى العسكري عن سيف وتعصبه لقبيلته وهذا خارج النقاش فرأيت عدم نقله
- قام المؤلف - أ.د. أكرم ضياء العمري - بنقد مرويات سيف بن عمر الحديثية ورد عليها رداً علمياً وعدم نقلي لها هو أن موضوعنا الأساسي هو ( الأخذ بالروايات التاريخية لمن تركت رواياته الحديثية )
-----------------
(1) تقريب التهذيب 1/344 الطبعة الثانية ، مطبعة دار التضامن ، بغداد 1969م.
(2) ابن عدي ، الكامل 3/63أ.
(3) موضع أوهام الجمع والتفريق 1/275-276.
(4) ميزان الاعتدال 2/255.
(5) الخزرجي ، خلاصة تهذيب الكمال 136.
والله الموفق
__________________
" والله يا إخوة بقدر ما تعطي أي قضية من وقتك بقدر ما تكون هناك نتائج
إذا تعطي أي قضية فضلة الوقت أيضا أنت تأخذ فضلة من النتائج
أما أن تعطيها كل وقتك وتعيشها تعطيك كل شي "
القائد الشهيد خطاب تقبله الله في الشهداء
آخر من قام بالتعديل مخاوي الصمت; بتاريخ 27-08-2010 الساعة 09:24 PM.
|