،
نَعم ! يحزنونُ كثيرًا و يتألمون / يتوجعُون دائمًا ،
يبكون بِشدَّة بصوتٍ عالٍ جدًا بصوتٍ يُحزنُ الجبَال الشَاهقة التيّ تصطدمُ بالهَواء
فما الأحزان إلا كمُسـافرٍ جوّابِ ؛
تتوالى التوبيخَات عليهم توبيخة تِلو تَوبيخَة وحتى الصَفعات التيّ تأتيّ بلا سابقِ إنذارٍ مُقنع
وقال تعالى "وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون"
يا للعجب .. !
تسوق آلامهم لِتُعرض في سوق الحرف ، فيتجمّع المارّة والباعة والمُساومون ، كلّ يشدّ على يدهم منبهرًا بهذه البضاعة الفريدة ، فيشتعل الزهو فيهم ، وينسون أنّهم كانوا يتألمون قبل قليل
هكذا يكون بعض الكُتَاب !
يلازمون الحرفِ حتى أضحَت تصيبهم بالعيّ، وترهقهم .. يتآكل وقتهم على إثرِهم ، ليس ضروريًا أن يكتبون، ليس كل شيءٍ قابل للسّطر، لتخليد ذكراهم، .. ماذا يعني أن يَكتبون كثيرًا .. طويلاً، كل يوم؟
يعني أن تموتَ كل لحظة، وأن تجترّ ذكراهم الحزينة و السعيدة في آن واحد، و الأسوأ: أن يعترض عقلهم على المارة، كلّهم!
أنهم َلا يختاروهم، لا يقوون على منع أحدهم من أن يقرأ ما كتبوه ، لأنهم أذنو لهم بقراءتهم حين نقشوا على مرأى منهم ، من الجميع!
يعني أن تلاحقهم أعين الناس .. تستثير شفقتهم حين يكتبون عن حزنِهم البارحة، .. أصدقائهم الذين لوحّوا لهم بكفّ الودَاع يومئون إليهم : لا تكتُب لنا من خلفِ الأسوار! لفرطِ حمقهم حين ظنّوا أن ( ليس في البلد إلا هم ) !، ثمةَ شيء آخر أشدّ وجَعـًا: أن يقعوا على جرحٍ في طريقه إلى البُرء .. فيعود نزفُه من جديد .. و السبب: هم ! حين لم تستطع الرضا بالقليل من (الحَرف)!
كم أساءوا إلى لحظاتهم السعيدة حين مضوا زمنًا طويلًا يتذكرون فيه تفاصيل حادثةٍ مضت؟ .. و كم تضيع أوقاتهم حين يكتبون و يجتهدون (!) في حين أن خلفَوا الكثيير من المهامّ المهمّة جدًا.. و قد عُطّلت إلى أجل (غير مسمى) لأن يدًا أقلقتهم .. فأنشبتهم َبين أظفارِهم ليكتبون ما أرادوا!
نعم ! الدُنيَّـا تثقلنَـا بالحُزنِ الذي يكبرُ أكثر مِن أنّ نَنمُو نحن ونكبُر !
فلنكنّ طُهَار الحسّ وضّائين الجمل ..
ذا شعور مترفّع, مرتفعٍ على أعناقنا ..
فليسَ كل من ملك صنعة الكتابة بكاتب ! لأن للحرف روح لا يحركها إلا قلم صادق .. و قلَّ أن تجد من يملكه ..!
،
[ دَمعَةُ سَحَاب ] والغَيثُ دَمعُ الغَمَامْ
الثلاثاء : 5\10 \ 1431هـ
,