مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 29-12-2004, 07:32 PM   #3
أخوكم في الله
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2004
البلد: بريدة
المشاركات: 434
لقد دخلت المرأة ميدان المعركة في قرون الإسلام الأولى ليس ذلك بسبب قلة الرجال في وقتها ، ولكنه راجع إلى حبها للأجر والفداء والتضحية في سبيل الله ، يبين ذلك ما رواه أحمد عن حشرج بن زياد الأشجعي عن جدته أم أبيه أنها قالت خرجت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في غزاة خيبر وأنا سادس ست نسوة فبلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم أن معه نساء فأرسل إلينا فقال ( ما أخرجكن ؟ وبأمر من خرجتن ؟ ) فقلنا خرجنا نناول السهام ونسقي الناس السويق ومعنا ما نداوي به الجرحى ونغزل الشَّعر ونعين به في سبيل الله قال ( قمن فانصرفن ) فلما فتح الله عليه خيبر أخرج لنا سهاما كسهام الرجل ، قلت يا جدة ما أخرج لكن ؟ قالت تمرا ، ومن حبها أيضاً للجهاد والفداء لهذا الدين فقد قادها ذلك الحب الصادق إلى طلب خوض الجهاد طلباً صريحاً من الرسول صلى الله عليه و سلم فقالت كما في البخاري وسنن النسائي وللفظ له عن عائشة أنها قالت قلت يا رسول الله ألا نخرج فنجاهد معك فإني لا أرى عملا في القرآن أفضل من الجهاد ؟ قال ( لا ولكن أحسن الجهاد وأجمله حج البيت حج مبرور ) وفي رواية أحمد والبخاري قال ( لا جهادكن الحج المبرور وهو لكن جهاد ) ، وبمقارنة بين حال المرأة بالأمس التي كانت تطلب أن يشرّع لها الجهاد بسبب حبها لهذا الدين ، نجد أن المرأة اليوم ودت أن قول الله تعلى ( كتب عليكم القتال ) لم ينزل خاصة إذا علمت أن ابنها أو والدها أو زوجها سيستجيب لله ويخرج في سبيله مدافعاً عن هذا الدين ، فهذا البون الشاسع بين نساء الأمس ونساء اليوم انعكس انعكاساً مباشراً على حال الأمة فنساء الأمس أخرجن رجالاً ملكوا رقاب ملل الكفر كلها ، ونساء اليوم أخرجن ذكوراً ملك عبّاد البقر والحجر والشجر و الصليب والهيكل رقابهم حتى دفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وأول تلك النماذج أختي الكريمة التي نسوقها لك لتزني نفسك وأعمالك بها قبل أن توزني ، امرأة عظيمة حقاً إنها تزن ألف رجل وأكثر ، ولو كانت نساء المسلمين عشرها أو أقل لما ضاع لنا حق ولا انتهكت لنا حرمة ، إنها المجاهدة الشجاعة أم عمارة نسيبة بنت كعب الأنصارية جاء في ترجمتها في سير أعلام النبلاء 2/278 قال " شهدت أم عمارة ليلة العقبة وشهدت أحدا والحديبية ويوم حنين ويوم اليمامة وجاهدت وفعلت الأفاعيل ، وقطعت يدها في الجهاد ، وقال الواقدي شهدت أحداً مع زوجها غزية بن عمرو ومع ولديها ، خرجت تسقي ومعها شن وقاتلت وأبلت بلاء حسنا وجرحت اثني عشر جرحا ، وكان ضمرة بن سعيد المازني يحدث عن جدته وكانت قد شهدت أحدا قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ( لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان ( وكانت تراها يومئذ تقاتل أشد القتال وإنها لحاجزة ثوبها على وسطها حتى جرحت ثلاثة عشر جرحا ، وكانت تقول إني لأنظر إلى ابن قمئة وهو يضربها على عاتقها وكان أعظم جراحها فداوته سنة ثم نادى منادي رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى حمراء الأسد فشدت عليها ثيابها فما استطاعت من نزف الدم رضي الله عنه ورحمها ، قالت أم عمارة رأيتني انكشف الناس عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فما بقي إلا في نفير ما يتمون عشرة وأنا وابناي وزوجي بين يديه نذب عنه والناس يمرون به منهزمين ورأني ولا ترس معي فرأى رجلاً موليا ومعه ترس فقال ( ألق ترسك إلى من يقاتل ( فألقاه فأخذته فجعلت أترس به عن رسول الله وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل ، و لو كانوا رجالة مثلنا أصبناهم إن شاء الله ، فيقبل رجل على فرس فيضربني وترست له فلم يصنع شيئا وولى فأضرب عرقوب فرسه فوقع على ظهره فجعل النبي صلى الله عليه و سلم يصيح ( يا ابن أم عمارة أمك أمك ( قالت فعاونني عليه حتى أوردته شعوب - أسم من أسماء الموت - .

قال عن عبد الله بن زيد – ابن أم عمارة - قال جرحت يومئذ جرحا وجعل الدم لا يرقأ فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( اعصب جرحك ) فتقبل أمي إلي ومعها عصائب في حقوها فربطت جرحي والنبي صلى الله عليه و سلم واقف فقال ( انهض بني فضارب القوم وجعل يقول من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة ) ، فأقبل الذي ضرب ابني فقال رسول الله ( هذا ضارب ابنك ) قالت فأعترض له فأضرب ساقه فبرك فرأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يبتسم حتى رأيت نواجذه وقال ( استقدت يا أم عمارة؟ ) ثم أقبلنا نعله بالسلاح حتى أتينا على نفسه فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( الحمد لله الذي ظفرك ) .

وقال عن عبد الله بن زيد بن عاصم أيضاً ، يقول شهدت أحدا فلما تفرقوا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم دنوت منه أنا وأمي نذب عنه فقال ( ابن أم عمارة ؟ ) قلت نعم قال ( ارم ) فرميت بين يديه رجلا بحجر وهو على فرس فأصبت عين الفرس فاضطرب الفرس فوقع هو وصاحبة وجعلت أعلوه بالحجارة والنبي صلى الله عليه و سلم يبتسم ونظر إلى جرح أمي على عاتقها فقال ( أمك أمك اعصب جرحها اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة ) قلت ما أبالي ما أصابني من الدنيا .

وعن محمد بن يحيى بن حبان قال جرحت أم عمارة بأحد اثني عشر جرحا وقطعت يدها يوم اليمامة ، وجرحت يوم اليمامة سوى يدها أحد عشر جرحا فقدمت المدينة وبها الجراحة فلقد رئي أبو بكر رضي الله عنه وهو خليفة يأتيها يسأل عنها ، وابنها حبيب بن زيد بن عاصم هو الذي قطّعه مسيلمة ، وابنها الآخر عبد الله بن زيد المازني الذي حكى وضوء رسول الله صلى الله عليه و سلم قتل يوم الحرة وهو الذي قتل مسيلمة الكذاب بسيفه .

و جاء في صفة الصفوة 2/63 من أحوالها " أنه روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال ( ما التفت يوم أحد يميناً ولا شمالاً إلا وأراها تقاتل دوني ) أهـ .

وجاء في الإصابة 4/418 من أخبارها قال " ذكر الواقدي أن نسيبة بنت كعب لما بلغها قتل ابنها حبيب بن زيد على يد مسيلمة عاهدت الله أن تموت دون مسيلمة أو تقتله ، فشهدت اليمامة مع خالد بن الوليد رضي الله عنه ومعها ابنها عبد الله رضي الله عنه ، فقتل مسيلمة وقطعت يدها في الحرب " .

وذكر ابن هشام في زيادته من طريق أم سعد بن سعد بن الربيع قالت : دخلت على أم عمارة ، فقالت يا خالة أخبريني .

فقالت : خرجت – يعني يوم أحد – ومعي سقاء فيه ماء ، فانتهينا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو في أصحابه والدولة والريح للمسلمين ، فلمّا انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فكنت أباشر القتال وأذب عن رسول الله صلى الله عليه و سلم بالسيف ، وأرمي بالقوس حتى خلصت الجراح إلي .

قالت أم سعيد بنت سعد بن الربيع : فرأيت عاتقها أجوف له غور ، فقلت من أصابك بهذا ؟ قالت ابن قمئة " أهـ .

هذه هي المجاهدة الشجاعة أم عمارة وحقاً من يطيق ما تطيق أم عمارة إن الرجال لا يطيقون ثباتها وصبرها مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فكيف بالنساء ، ولكن متى كانت هذه قدوتك أختي الكريمة في شجاعتها وفدائها وإقدامها وثباتها وصبرها على هذا الطريق أفلحت بإذن الله .

وإليك أختي نموذجاً واضحاً يدل على فداء المرأة وقوة قلبها في سبيل نصر دين الله ، فقد خاطرت بنفسها ودخلت ميدان المعركة واستعدت لمواجهة الرجال كل ذلك بسبب حبها للدين ونصر الإسلام ، وهذا النموذج هي أم سليم فقد جاء عنها في حياة الصحابة 1/597 و صفة الصفوة 2/66 أنها دخلت أرض المعركة يوم حنين فداءً منها لدين الله وكان معها خنجراً " فجاء أبو طلحة يوم حنين يضحك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم من أم سليم فقال يارسول الله ألم تر إلى أم سليم معها خنجر ؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم ( ما تصنعين به يا أم سليم ؟ ) قالت : أردت إن دنا أحد منهم مني طعنته وفي رواية قالت : اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت بطنه ، فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يضحك " أهـ
.
أخوكم في الله غير متصل