قدّر لي أن أعيش بين مجتمع يعج بثقافات متعددة ونسيج متنوع من الأعراق والثقافات و الديانات في إحدى الدول الغربية. في مجتمع يجعل يجعل المؤمن ينطق لا شعورياً: الحمدلله أن هدانا لدين الحق دين الفطرة , ووالله ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله .
الحياة دروس وعبر تمر فتثري من يستفيد منها. وبعض الأحداث لا تتكرر كل وقت وزمان ,و هذا ما دعاني لأستدعي قلمي و أحكي ماحدث داخل إحدى القاعات في معهد اللغة الذي أدرس فيه . كان هذا في مادة القراءة حيث كان مطلوباً منّا أن نختار إحدى القصص أو الروايات التي أحضرتها المعلمة ومن ثم نقرأها ونعمل لها تلخيصاً مع توضيح رأينا في هذه القصة, هل أعجبتك أم لا, ولماذا.
جاء الدور على إحدى الطالبات لتلقي عرضها عن قصتها, , وكانت من الصين. بدأت في عرض الملخص عن القصة التي قرأتها , والتي تحولت إلى فلم سينمائي فيما بعد.
القصة باختصار تتحدث عن إخوين أحدهما مصاب بمرض كالفصام أو التوحد ولكنه ذكي , جائتهما ثروة من أبيهما, يحصل بينهما الكثير من المشاكل, يعيشان بعيدان عن بعض لفترة, ولكن الابن السليم يحاول قدر المستطاع أن يعيش مع أخيه حتى لو خسر المال.
بعدما انتهت من عرض القصة , سألتها المعلمة عن رأيها ولماذا. بدأت الطالبة بالاجابة أن القصة ليست بتلك الإثارة ولكنها أعجبتها جداً حتى انها بحثت عن الفلم وشاهدته من إعجابها بالقصة.
طيب, لماذ؟! سألها البقية..
قالت: تلك القصة تعبر عن شيء في داخلي, كنت أقرأ أحداثها و كأني أعيشها..
يعني كانت ممتعة؟ المعلمة تسأل..
يعني.. هي مم.. ممتعة.. لكن,, لكن يمكن ما تعجب أي واحد!!
لماذا؟!
أجابت و قد لحظتُ تغير صوتها.. القصة تحكي عن أخوين, و أنتم تعرفون النظام في الصين يمنع العائلة أن يكون لها أكثر من طفل, وقد كانت أغلى أمنية عندي في الحياة أن يكون لي أخ أو أخت!!
أكملت والعبرة تخنق صوتها ..
حين أرى اخوة في الشارع أو في أي مكان أشعر أن ثمت حياة أخرى يعيشونها, صحيح انه ربما يحصل بينهم مشاكل كما قرأت في القصة وكما أرى أحياناً, لكن هذا طبعي و في اعتقادي انه حتى الشجار بينهم له طعم آخر..
أرادت الإكمال, لكن المعلمة رأت تأثرها فقاطعتها مهدئة وشاكرة لها.
انتهى كلامها. ولقد قالت كلمات ليست بتلك البلاغة لكن أثره بقي في بالي فهي تحكي معاناة .
نعم , نحن لا نشعر بقيمة النعم حتى نفقدها لا قدّر الله .
هي دعوة لشكر الله على نعمه.
هي دعوة لإعادة النظر في علاقاتنا مع أخوتنا و أخواتنا من جديد .
هي دعوة للتصافي والغفران فيما بيننا.
ختـاماً: ألا تعتقدون أن الحياة المدنية نزعت كثيراً من معانى الأخوة فيما بيننا؟!
.