نستكمل :
قال حكيم : صحبة السلطان على مافيها من العز والثروة عظيمة الخطر وإنما تشبه
بالجبل الوعر ، فيه السباع العادية والثمار الطيبة والإرتقاء إليه شديد ، والمقام فيه
أشد ، وليس يتكافأ خير السلطان وشره لأن خير السلطان لايعدو مزيد الحال ،
وشر السلطان يزيل الحال ، ويتلف النفس التي لها طلب المزيد ، ولا خير في الشئ
الذي حال وجاه ، وفي نكبته الجائحة والتلف .
سئل لقمان الحكيم : أي الخصال خير للإنسان ؟ قال: الدين، قيل: فإذا كانت اثنتين؟
قال الدين والمال ، قيل : فإذا كانت ثلاثة ؟ قال: الدين والمال والحياء، قيل: فإذا كانت
أربعة ؟ قال: الدين المال والحياء وحسن الخلق، قيل: فإذا كانت خمسا؟ قال : الدين
والمال والحياء وحسن الخلق والسخاء ، قيل: فإذا كانت ستا ؟ قال : من اجتمعت فيه
الخمس خصال فهو تقي ونقي ولله ولي .
_ نعم الصحبة : قال شقيق البلخي لصاحبه حاتم الأصم : قد صحبتني مدة فماذا تعلمت؟
قال: سبعة مسائل، أما الأولى فإني نظرت إلى الخلق فإذا كل شخص له محبوب
فإذا وصل إلى القبر فارق محبوبه فجعلت محبوبي حسناتي لتكون معي في القبر ،
وأما الثانية : فإني نظرت إلى قوله تعالى ( ونهى النفس عن الهوى ) النازعات 40
فأجهدت نفسي في دفع الهوى حتى استقرت على طاعة الله تعالى ، وأما الثالثة:
فإني نظرت إلى هذا الخلق ، فرأيت كل من معه شئ له قيمة ومقدار رفعه وحفظه
ثم نظرت إلى قول الله تعالى ( ماعندكم ينفد وما عند الله باق ) النحل 96
فكلما وقع في يدي شئ له قيمة وجهته إلى الله ليبقى عنده محفوظا، وأما الرابعة:
فإني رأيت الناس يسرعون إلى المال والحسن والشرف وليست بشئ ، فنظرت
في قوله تعالى( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) الحجرات 13 .. فعملت التقوى لأكون
عنده كريما ، وأما الخامسة : فإني رأيت الناس يتعادون ، فنظرت إلى قوله تعالى (
إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ) فاطر 6 ... فتركت عداواتهم واتخذت الشيطان
وحده عدوا ، وأما السادسة : فإني رأيتهم يذلون أنفسهم في طلب الرزق ، فنظرت
في قوله تعالى ( وما من دابة في الأرض إلا على رزقها )هود 6 ...
وأما السابعة : فإني رأيت الناس متوكلين على تجارتهم وصنائعهم وصحة أبدانهم
فتوكلت على الله . ( نعم الصحبة ونعمت المسائل الثمينة والفوائد العظيمة )