مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 05-10-2010, 10:08 AM   #2
عربي أنا
عـضـو
 
صورة عربي أنا الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
البلد: ديار الأحلام
المشاركات: 58

ومن أشهر تلك الحكايات:

ما رواه ابن أبي الدنيا وعنه جماعة عَنْ خَلَّادِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: ( سَمِعْتُ شُيُوخًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يَذْكُرُون: أَنَّ الْقَسَّ كَانَ عِنْدَ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ أَحْسَنِهِمْ عِبَادَةً وَأَظْهَرِهِمْ تَبَتُّلًا.
وَأَنَّهُ مَرَّ يَوْمًا بِسَلَّامَةَ جَارِيَةٌ كَانَتْ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَهِيَ الَّتِي اشْتَرَاهَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَسَمِعَ غِنَاءَهَا فَوَقَفَ يَسْتَمِعُ، فَرَآهُ مَوْلَاهَا فَدَنَا مِنْهُ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ فَتَسْمَعَ ؟ فَتَأَبَّى عَلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى سَمَحَ، وَقَالَ: أَقْعِدْنِي فِي مَوْضِعٍ لَا أَرَاهَا وَلَا تَرَانِي فَقَالَ: أَفْعَلُ فَدَخَلَ فَتَغَنَّيْتُ فَأَعْجَبَتْهُ، فَقَالَ مَوْلَاهَا: هَلْ لَكَ أَنْ أُحَوِّلَهَا إِلَيْكَ ؟ فَتَأَبَّى ثُمَّ سَمَحَ، فَلَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ غِنَاءَهَا حَتَّى شُغِفَ بِهَا، وَعَلِمَ ذَلِكَ أَهْلُ مَكَّةَ، فَقَالَتْ لَهُ يَوْمًا: أَنَا وَاللهِ أُحِبُّكَ قَالَ: وَأَنَا وَاللهِ أُحِبُّكِ قَالَتْ: وَأُحِبُّ أَنْ أَضَعَ فَمِي عَلَى فَمِكَ قَالَ: وَأَنَا وَاللهِ.
قَالَتْ: وَأُحِبُّ وَاللهِ أَنْ أُلْصِقَ صَدْرِي بِصَدْرِكَ وَبَطْنِي بِبَطْنِكَ قَالَ: وَأَنَا وَاللهِ. قَالَتْ: فَمَا يَمْنَعُكَ ؟ وَاللهِ إِنَّ الْمَوْضِعَ لَخَالٍ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: { الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ } [الزخرف: 67]، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ خَلَّةُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكِ تَؤُولُ بِنَا إِلَى عَدَاوَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
قَالَتْ: يَا هَذَا، أَتَحْسَبُ أَنَّ رَبِّي وَرَبَّكَ لَا يَقْبَلُنَا إِنْ نَحْنُ تُبْنَا إِلَيْهِ ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ لَا آمَنُ أَنْ أُفَاجَأَ ثُمَّ نَهَضَ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ فَلَمْ يَرْجِعْ بَعْدُ، وَعَادَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ النُّسُكِ ).

ومن تلك الحكايات:

ما رواه الخرائطي وعنه جماعة عن الزبير بن بكار أنه قال: ( كان عبد الرحمن بن أبي عمار من بني جشم بن معاوية ينزل مكة وكان من عباد أهلها يسمى القس من عبادته فمر ذات يوم بسلامة وهي تغني فوقف يسمع غنائها فرآه مولاها فدعا إلى أن يدخله عليها فأبى عليه فقال له فاقعد في مكان تسمع غناءها ولا تراها ففعل فغنت فأعجبته فقال له مولاها هل لك أن أحولها إليك فامتنع بعض الامتناع ثم أجابه إلى ذلك فنظر إليها فأعجبته فشغف بها وشغفت به وكان ظريفا فقال فيها:


أُمّ سَلاّمَ ما ذكرتُكِ إلاّ ... شَرِقَتْ بالدموع منِّي المآقي.
أم سلام أنت همي وشغلي ** والعزيز المهيمن الخلاق.
أم سلام لو وجدت من الوجْ * د عُشَيْر الذي بكم أنا لاقي.


قال: وعلم بذلك منه أهل مكة فسموها سلامة القس فقالت له يوما أنا والله أحبك فقال وأنا والله أحبك فقالت أنا والله أحب أن أضع فمي على فمك قال وأنا والله أحب ذلك قالت فما يمنعك فوالله إن الموضع لخال فقال لها ويحك إني سمعت الله عز وجل يقول { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } أنا والله أكره أن تكون خلة ما بيني وبينك في الدنيا عداوة يوم القيامة ثم نهض وعيناه تذرفان من حبها وعاد إلى الطريقة التي كانت عليها من النسك والعبادة).

قلتُ(والكلام لصاحب المقال): وهاتان حكايتان منكرتان منقطعتان لا تثبتان ! مع كونهما أشهر ما في هذا الباب من الأكاذيب ! وقد بسطنا الكلام عليهما وتخريجهما وبيان عوارهما في تخريجنا لكتاب ( ذم الهوى /لابن الجوزي ) [1/رقم/572،573 ].

وإنما تصح نحو تلك الحكايات عن أمثال: أبي نواس والفرزدق وعمر بن أبي ربيعة وبشار بن برد وغيرهم من المُجَّان في كل زمان !


فإن قيل:
هذا أمر مشهور مستفيض عن عبد الرحمن القس في بطون الكتب والتراجم والأخبار !
فقد ذكره ثقات العلماء والمؤرخين : كالزبير بن بكار وابن أبي خيثمة والدارقطني والذهبي وغيرهم !


فالجواب: أن العبرة بالصحة والثبوت، دون الشهرة والذيوع!

وكم اشتهر جماعة من أفاضل الناس بأفاعيل وأعمال موبقة، وحالهم منها كحال الذئب من دم ابن يعقوب؟!
ومَنْ طلب هذا الأمر في المتقدمين واللاحقين وجده بكثرة غامرة، ولا ينخدع بمثل تلك المؤتفكات في حق هؤلاء الأفاضل إلا من يبغي للبرآء العيب !

فإن قيل: وما يضرُّ عبدَ الرحمن القس إن صحَّ ذلك عنه ؟! مع عفافه وورعه وتقواه ورهبته من الله، وفراره مما يغضب خالقه كما فعل مع سلامة حين خلا له الاجتماع بها في ذينك الحكايتين السابقتين؟

والجواب أن نقول: أين ذلك العفاف في عشق امرأة أجنبية لا تحل له ؟!

وأين تلك التقوى في هذه الأشعار الفاضحة لقائلها بخط عريض !؟


وهب أن الرجل قد شُغِف بحب تلك ( السلامة ) ! - وحاشاه الله من ذلك - ألا كان يستطيع أن يتزوجها أو يتخذها مِلْكًا ليمينه؟!

وهل يرضى عاقل أن يصبح حديث القوم في أقاصيص الحب والغرام ؟!

فكيف بهذا الإمام الشريف العفيف رغم أنوف الجانين عليه بما لم يقترفه
!

ومن الغريب أن يكون الحافظ الذهبي - مع حذقه وانتقاده - ممن ينخدع بمثل تلك الأخبار الفاسدة في حق الرجل!

فتراه يقول عن الإمام القس في ترجمته من كتابه الكاشف: ( مشهور بالقس لعبادته، وشغفه بسلامة شائعٌ مع عفة ؟).

وأقول: أيُّ عفة تلك مع فضيحة بين الناس صنعتْها له تلك الأشعار والمشاهد الغرامية مع معشوقته؟! وكأن الذهبي ما وقف على تفاصيل تلك العفة في كتب الأدب والتواريخ عامة، وكتاب ( الأغاني ) لأبي الفرج الأصفهاني، ( وطبقات المغَنِّيين ) لأبي الفرج ابن الجوزي، و( أخبار مكة ) للفاكهي، وغيرها خاصة ؟!

وإنما العفيف حقا: هو من إذا ابْتُلِيَ بشيء من تلك الأدواء ، جعل يدافعها ويستغفر الله مما طرف إليه طرفه، وزاغ له بصره، من النظر فيما لا يحل له، فضلا عن التعلق والشغف بما حرمه الله عليه.

وكيف يكون عفيفًا مَنْ أطلق لنظره العنان في تأمل محاسن من أمره الله بالتنكب عن النظر إليه ابتداءًا ؟! فضلا عن الاسترسال في تعمق النظر لاستيعاب شمائل المنظور إليه ؟

وكيف يكون عفيفًا مَنْ جعل يرخي لجام الاستماع إلى الألحان الخانعة بالأشعار الباعثة على تهييج حرارة شهوات القلوب الساكنة ؟!

تابع البقية: ....
__________________
.
.
.


لَسْنَا أولَ حـبِـْيـبَـيْـنِ فَرَقَنَا القَدَرُ ..!

.
.
.
عربي أنا غير متصل