بسم الله الرحمن الرحيم

تختبئ كثير من معالم شخصية الكتاب خلف سطوره التي يُسطرها ، و تكون تلك الكلمات و المعاني هي محل التخمينات بشخصية ذلك الكاتب و طبيعته التي يظهر بها في سائر حياته ، فحينما نقرأ حروفًا صارخة تتلبس برداء الجزالة و القوة ، و تتسم بعبارات قطعية الدلالة ، و صلبة المعاني ، فإننا نسرح بخيالنا إلى طبيعة كاتبها ، و تنطبع في أذهاننا صورة ذلك الكاتب على أنه شرس قوي .. و على الضد من ذلك في أعتقادتنا أن صحاب الحرف الهادئ هادئ الطبع ..
نعم هذه تخمينات قد تكون في محلها وفقًا لإعمال المنطق ، و كثيراً ما تُصيب توقعاتنا في شخصياتهم بناء على ما كتبوه ، إلا أننا أحيانا نقرأ لأناس و نتشبع من كتاباتهم ، ثم إذا قرأنا عن سيرتهم التي سطرها مَن عاصروهم أو عاشروهم ، أو أننا رأيناهم في وسيلة إعلامية ، أو تيسرت لنا فرصة اللقاء بهم ،
طافت في أذهاننا تساؤلات عن هؤلاء، هل هم فعلاً الذين نقرأ لهم ..! لما في ذلك من التباين بين أشكالهم و شخصياتهم و ما قرأناه لهم .
شخصية الكاتب في حروفه قد لا تكون هي شخصيته في حياته و معيشته ، و هذا الأمر نعرفه جليًا حينما نلتقي بأحد الذين يُفضلون الاختباء حول أسماء مستعارة في المنتديات أو المدونات ، فإنك كثيراً ما تتفاجأ بأنه شخص يظهر بشكل مختلف عن الإنطباع المرسوم في ذهنك قبل لقائك به ، و أنت لم تات بتلك الانطباعات من فراغ ، بل إنك حكمت بناء على مؤثرات في كتاباته ساهمت في تكون ذلك الانطباع النمطي الخاطئ عنه .
بالنسبة لي .. تعجبت كثيراً من شخص الكاتب و الأديب و المفكر الإسلامي ( سيد قطب ) رحمه الله ،
و كيف اجتمعت كلماته الثائرة مع نفسيته الهادئة حسب ما قرأت عنه مما كتبه معاصروه ، و كذلك تعجبت من شخصية الدكتور محمد الحضيف
صاحب الحرف الصارخ المدوي و الصريح ، و النفس الهادئة الرقيقة الحاملة لأسمى معاني الهدوء . و على ذلك فقس ..
كثير من الشخصيات التي كنت أتعامل معها عبر الإنترنت كأسماء مستعارة تفاجأت بأني لم أكن موفقًا في رسم صورهم و طبائعهم في خيالي ، أما أنا فلا أُخرج نفسي من زمرة أولئك .
أخوكم / عبدالله
قبيل الغروب على ضفاف مزرعة الزيتون
- القريات -
