بسم الله الرحمن الرحيم
اعتدنا دائما على سماع ( التنشيط السياحي ) كداعم في الاقتصاد و واجهة لكل بلد ، و ذلك لإشغال الناس أوقات الفراغ فالميزانيات تضخ بقوة على هذه المناشط السياحية ، و أنا لست ضدها و لست مقللاً من أهمية وجودها .. إلا أنه من المناسب أن يُوجد لدينا مناشط ثقافية بعيدة كل البعد عن التقليدية التي نراها اليوم ، تكون أكثر واقعية ، و أكثر مصداقية ، و أكثر شفافية في الطرح .
الجهات الرسمية قامت ببعض الدور عن طريق الندوات و المؤتمرات تحت مضلات رسمية أو عن طريق الأندية الأدبية ، إلا أنها و مع كل هذا تبقى فعاليات نخبوية تستهوي فئة مثقفة من الناس ، و يتحدثوا بأحاديث و
يناقشوا مواضيع ربما كانت في غالبها عاجيَّة لا تهم كل الأفراد بطبيعة الحال .
كثيرون هم الذين يتمنون أن تفتح مناشط ثقافية في كل مكان ، يُتاح فيها للكل المشاركة و التقرير و الحضور ، و
تعالج قضايا بسيطة تترجم الهموم الداخلية ،و تحتوي الهم الموجود لدى الكثيرين ، و هذه المناشط تكون ملتزمة بأدبيات معينة ..
هذه الظاهرة كثير من الناس يتمنى وجودها ، و قد بدا البعض بترويج فكرتها ، و تأسيسها ، فأتحدث عن مدينة الرياض مثلاً ، ففيها ما يُسمى بـ (
الصالونات الأدبية ) التي يتم داخلها مداولات فكرية ثقافية ، كأحدية الرشيد ، و سبتية الجاسر ، و خميسية الشيخ حمد الجاسر و الغنيم ، و ثلوثية المشوح و غيرها كثير من هذه الظواهر الرائعة التي تجسد الثقافة ، و ترفع منسوب الوعي في المجتمع ، و هي تدل على وعي أصحابها و إيجابيتهم و لهم حق الشكر و التقدير على المجتمع .
أتمنى أن تطور هذه الفكرة ، فتكون مثلها في المقاهي و التجمعات الشباب كالحدائق الشبابية و الأماكن المخصصة للمشي في المدن الكبرى .. إذ أن جل زوار تلك الأماكن من الشباب ، و يَقوم على هذه التجمعات الثقافية فئة من المحتسبين للارتقاء بالمجتع بمواضيع تعزز الانتماء و الفضيلة و الالتزام و الاحترام و الجوانب الحضارية ذات الاهتمام المشرك ، ليتم عن طريقها رسم هوية ثقافية متينة لدى الشباب ، إذ أنهم - أعني الشباب - هم أكثر رواد المقاهي ،
كم شعرت بالسعادة الغامرة لما دخلت في أحد الأيام إلى ( د . كيف ) لأرى ندوة ثقافية قد أسهم الشباب في إثرائها و بسط الموضوعات فيها..
ماذا لو كنت تجد هذه الظاهرة في كثير من شوارع الرياض أو جدة أو الدمام أو غيرها من مدن المملكة .. و تحظى تلك الملتقيات بتغطيات إعلامية ، و توجيهات من النُخب و المسؤولين الحريصين على ثقافية أبنائهم ، ليقترحوا المواضيع المناسبة ، و لربما يقوموا بالمشاركة و التوجيه في الميدان .. و
بعد ذلك ستجد نسبة كبيرة من الشباب وهم الجيل القادم سيودع السلبية ، و الركون إلى الجهل ، و ستأخذه الحماسة للمشاركة و الإيجابية و القراءو و الاطلاع و العطاء ، كما هو الحال في مبادرة رائعة لمجموعة أطلقت على نفسها ( أولاد و بنات الرياض التطوعية ) . مبادرة تستحق الإشادة و التشجيع و التأييد لواقعيتها المنطلقة من حب النهوض بالمجتمع في جميع المجالات .
أخوكم / عبدالله