|
أيها الرجل في آخر المدن , المُبحِر في لجة أحلامي الضائعة , لقد نكأت جرحي الدامي , نتقاسم سوياً أقصوصة الوداع , فحرفك يذكرني حينما ودعت المدينة , حينما أحتضنت أمي على آخر السرداب , وطالت في البكاء, وضاعت عباراتها بين الدعوات والأمنيات , فرميت كل حقائبي وقلت والله لن أذهب , فزاد بها البكاء وهي تقول إذهب .. إذهب ورحلت بخطى الخائب , ومضت الشهور الطويلة .. وطال بي المغيب .. فهاتفتني وبكت من جديد .. وقالت : طال المغيب يا ولدي طال المغيب . فما أقساني . وأنا أتبعثر وأقول : عن قريب سنلتقي بإذن الله عن قريب . !
هناك من نتقاسم معهم أجزاءً من أجسادنا , نرحل عنهم إلى البعيد , نحاول رسم خطوط ملامحهم على جدران الأمنيات , نحاول بناء مستقبلنا بتسارع , .. على أمل أن نعود , كي نرتمي بأحضان من نحب . والأقسى أنك في كل مرةٍ تودعهم على أمل اللقياء . فأنا وأنت وكل الغرباء .. يتجرعون الوداع في كل زيارهـ , فلتعتد على ألم يا رفيقي .
.. الرحيل شبحٌ مخيف . أسأل الله أن يلمَّ شملك وشملي . .. أبا عاصم , حرفٌ موجع مغايرٌ لك , أنت أخآذ وجميل .
__________________
*
لم أزل أحيا بآمال ذَوَت
زاعماً أن الذي قد مرَّ نَكسَه
وبأنَ الحُبَّ طفلاً لم يزل
رغمَ شيبٍ قد طغى وأحتلَّ رأسَه
ما كبرنا أبـداً والقلب لم
يتجاوز عمرهـ في الحب خَمسَه
إنما الغيـم الذي حلَّ على
مجلس الاحلام قد عكرَ جلسه !
*
|