بسم الله الرحمن الرحيم
الواقع خير شاهد على ضعف المسلمين ، و انتهاك أخص خصائصهم في كثير من بقاع الأرض و تحكم وقح سافر حتى في ( مشاعرهم ) و ( كلامهم ) ، مصادرة للحقوق ، و اتحاد على كل مسلم يريد إسلامًا صحيحًا يتأبى على التلفيق و الإذابة و التسييس ..
و كم مرة سمعنا شاجبًا يشجب ، و مستنكراً يستنكر ، و يصرخ في استلهام لأمجاد الآباء السالفين ، من الصحب الأشاوس رضي الله عنهم و الذين اتبعوهم بإحسان ، فتتردد في منابرنا و منائرنا استجداءات و استنجادات بأموات أدوا ماعليهم ، و قاموا بدورهم على أتم وجه ، فتحقق بأعمالهم النصر و تغير بحضورهم حال الأمة .
كثيراً ما سمعنا من يُنادي خالد بن الوليد أو صلاح الدين أو طارق بن زياد ، رضي الله عنهم و رحمهم ، و لكن هذه نداءات لا قيمة لها ( ما لم ) تُقرن بعمل جاد كما كانوا هم أهل عمل جاد لنؤدي ماعلينا في عصرنا و وفق ظروفنا كما أدوا ماعليهم وفق ظروفهم ..
فإن كنا نحبهم و نؤمن بأهمية وجودهم ، فلننظر في صفاتهم جعلتنا نستغيث بهم وهم أموات لما ادلهمت علينا الأمور و تعاظمت علينا الخطوب ..
نحن نعلم يقينًا أنه ما كان لنفس أن تحيى من بعد أن تموت ، و لكن المبادئ تحيا و تنتعش ، و تهتز أرضها فتنبت بذرة أولئك ..
نحن كشباب و كفتيات نُحسب عدداً في أمتنا ، لا بد أن تكون لنا بصمة ولو يسيرة ، لا بد أن نكون من أهل العطاء و السخاء بأفكارنا و عطاءاتنا و منجزاتنا ، لا بد و أن نكون شيء . و لا يحقرن أحدٌ نفسه ولا يحرم أمته و مجتمعه من عطاءٍ هم بمسيس الحاجة إليه .. و كم من مسلم مغمور لم يعرف اسمه ، لكنه ساهم في رفع الأمة و إعلائها و نهضتها ، و الله لا يضيع أجرَ من أحسنَ عملاً ..
و مما يروى أنه في سالف الأزمان حاصر المسلمون حصنا في إحدى غزواتهم إلا أن هذا الحصن لم يفتح.. فقام قائد جيش المسلمين ( مسلمة بن عبد الملك ) مناديا: من منكم سيدخل النقب ( وهي فتحة إلقاء الفضلات والقاذورات إلى الخارج!!) ، فإن كتبت له الشهادة فاز بالجنة وإن كتبت له النجاة ذهب لباب الحصن فيفتحه ويكبر فيدخل جند الإسلام منتصرين بإذن الله ..
فخرج رجل ملثم ، وقال : أنا من سيدخل النقب!! فتقدم الرجل من الحصن ، ودخل النقب وسمع المسلمون صوت التكبير ، ورأوا الباب يفتح ، فدخلوا وفتحواالحصن . بعدها وقف قائد المسلمين و نادى صاحب النقب ليخرج له !! إلا أنه لم يخرج أحد !! فوقف في اليوم التالي ونادى !! ولكن أحدا لم يخرج ؟؟ فوقف في اليوم التالي و أقسم على صاحب النقب بأن يأتيه في أي وقت يشاء من ليل أو نهار . وبينما كان القائد جالسا في خيمته إذ دخل عليه رجل ملثم !!
فيقول مسلمة : هل أنت صاحب النقب ؟؟ فرد الرجل :
أنا رسول منه وهو يشترط ثلاثة شروط حتى تراه !! فقال مسلمة : ما هي .. فقال الرجل : أن لا تكافؤه على فعله، وأن لا تميزه عن غيره من الجند، وأن لا ترفع اسمه للخليفة .. فقال مسلمة : له ما طلب.. فأماط الرجل اللثام وقال أنا صاحب النقب.
فكان مسلمة يدعوا بعدها:
ربي احشرني مع صاحب النقب.
أخوكم / عبدالله