يا شباااااااااااا ااااااااب تفضلو هالموضووووع ..
طويل لكنه جميييييييييييييييييييييييييييل
الأمنُ الشرعيّ في السعوديّة
___________
عبدالله العجمي 3/12/1425
14/01/2005
أَخبرْني كيف هو الأمن الشرعي في بلادك، أُخبرْك عن حال الأمن والاستقرار واللّحمة الوطنية.
الأمن الشرعي وحده الكفيل بضبط إيقاع الحالة الوطنية من أي نوعٍ كانت. وكل حديث أو فعل سياسي يدفع باتجاه تفريغ الفتوى الشرعية (لُب الأمن الشرعي) من مضامينها أو تجاهلها أو تجفيف منابعها أو تسويغها النفعي لمصالح خاصة - هو خطأ استراتيجي خطير يشبه اللّعب بالقنابل الموقوتة! والسبب هو أن الفتوى الشرعية إنْ لم تأتِ موافقة لصحيح المنقول وصريح المعقول، كانت لعبةً سياسيَّة يستطيع كل أحد تطويعها لفهمه أو لنواياه. وحينها تختفي المرجعية الوحيدة الأمينة، والقادرة على جمع الفرقاء تحت مظلتها.
الأمن الشرعي هو صمام الأمان الوطني. ولا يستطيع كائنٌ مَنْ كان أن يستبدل الفتوى الشرعية بالفتوى الأمنية أو الوطنيَّة أو السياسيَّة؛ لأن هذه الأنواع من الفتاوى هي أنواع منزوعة القدسيَّة والاحترام والجدة الدينية.
الأمن الشرعي ضرورة مُلحة لمجتمعات المسلمين؛ فعليها يعتمد كل أمن آخر: كالأمن الفكري والاجتماعي والسياسي، وبحسب وثوقيّتها وصدقيّتها وإخلاص القائمين عليها يتم ّالتعامل الشعبي معها، والورود عليها والصدور عنها.
بالأمن الشرعي وليس بالعصا الغليظة أو القبضة الحديدية تُعزّز الوسطيَّة وتشيع ثقافة الحوار، ويُؤسّس للمجتمع الشرعي المدني، وتُسد الطُّرُق في وجه التطرف، وتُجفّف منابع الغلو والفرقة والفتن، ويستتب الأمن ويأمن الناس.
الأمن الشرعي المتين هو ذلك الأمن القائم على الفتوى الشرعيَّة "الحُرَّة" والتي تكون بمعزل عن الأهواء والمشارب والمصالح السياسيَّة أو الشخصية، ودون أن تغفل القواعد الفقهية الآخذة في الاعتبار مبادئ المفاسد والمصالح، والضرورة والسعة، والحظر والتيسير، وغيرها من تقاطعات الفتوى مع السياسة.
أن تكون الفتوى "حُرَّة" يعني أن يكون أصحابها أحراراً. لا ضغوط تُمارس عليهم، ولا رغبات سلطوية تُضمر منافع باطنة، وتُظهر أخرى تأخذ شكل المصلحة العامة. بل استقلال كامل يقود إلى تفاهم وانسجام ووضوح وشفافية لا تسمح للمُرجِفين بالنفاذ.
المشكلة تكمن في أنّ البعض يخوِّف أهل السلطة من هذا النوع من الفتوى "المُستقِلة" زاعماً ومدّعياً بأن هذا النوع من الفتوى سينتهي بتقويض السلطة، ونزع مهابتها، وإيجاد سلطة أخرى لها الفوقيّة والسمع والطاعة. وهذا -مع كل أسف- غير صحيح خصوصاً في البلاد التي تُعتبر الشريعةُ الإسلاميةُ دستوراً ومرجعيِّة لها، وكلنا يقرأ التاريخ ويعلم أن أهل الفتوى الشرعية هم أحرص الناس على الأمن، وعلى توقير الحاكم، وتعزيز مكانته، والدعوة لاحترام سلطته، وشرعيتها التي لا يُستتب الأمن إلا بوجودها، بل ولا تُحترم الهيئات الشرعية العلمية إلا باحترامها؛ فالشرعية في المجتمع المسلم علمٌ على السمع والطاعة. ولا يزال أهل العلم من الصحابة -رضوان الله عليهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين- يختلفون مع أهل السلطة؛ فيغضبون منهم ويتودّدون لهم ويمحضونهم النصح سراً وعلانية دون أن ُيثير ذلك الفزع الذي يُروّج له المُخوِّفون!!
إنّنا إن أطعنا المُخوِّفين كُنَّا أمام عداوة مُفترضة، وتوجّس موهوم بين السلطة والفتوى يُراد منه أن يستمر حتى يُفنى الطرفان، والمستفيد من هذه العداوة والتوجس هو المستفيد الأزلي من الحروب والصراعات والحرائق، إنَّهم تُجَّار الفتن ومروّجي الأسلحة، ودعاة الاستئصال من الذين نبت لحمهم ونشز عظمهم على التخويف والإرعاب والتشويه والعمل المزدوج غير المسؤول، القائم على ترويج الصور الوهميّة الكاذبة لفريق السلطة عن أهل الفتوى والعكس.
قوّة الفتوى الشرعية قوّة للنظام الحاكم، وإنما يخافها من لا يُقيم للشريعة الإسلامية وزناً، ولحكم الله احتراماً، ولا يرى من الشريعة الإسلامية سوى مدونة الأحوال الشخصية، وبيان رؤية هلال رمضان!!
لم يُعانِ مجتمعٌ من المجتمعات من الإرهاب والإرجاف إلا حين هُمِّشت الفتوى الشرعية، وغُيِّب أهلُها، وأُغلقت الأبواب دونهم، وانتهى دورهم - فيما يبدو للناس- عند البصم، ووضع الدمغة الشرعية على قرارات السلطة.
إن الناظر في العالم من حوله يرى كيف أن أنظمة السياسة العصرية مسلمة كانت أم كافرة لا غنى لها عن المعارضة القوية التي تختلف معها وتتفق، وتتحرك مثلها في إطار من المرجعية العليا. الفتوى الشرعية لا تصنع معارضة، ولا تؤسّس لصدام، ولا تُمهّد لانفلات، بل هي تتنازل عن بعض اجتهاداتها، وتُحكِّم قانون الضرورة الذي يجد فيه البعض ممن قلَّ فهمه سُلّماً للطعن والتشكيك والهجوم على العلماء. إنَّها سفينة واحدة وبحر واسع واحد. إن من يريد عالماً لا صوت فيه لغيره، ولا حتى لمن يتفق معه في الثوابت، فإنما يريد وطناً له وحده، وليس للآخرين فيه إلا السمع والطاعة، بينما قلوبهم - دون أن يدري - مُغلَّفةٌ بالحقد والضغينة!!
إن إخراج الفتوى الشرعية من ساحة الحياة المجتمعية هو بمثابة الدعوة الصريحة لعلمنة المجتمع، وفرض الإصلاح الإرجائي الذي يفصل بين النظرية والتطبيق، وبين القول والعمل، وبين الدعوى والحقيقة.
كثيرة هي الاتهامات التي تصم علماء الأمة المُغيبين عن الساحة، وعن القرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي بأنَّهم فقهاء للسلطة، يبرّرون لها ما تريد، ويحشدون من أجل ذلك أنواع الدعم الشرعي اللوجستي، وينتهي دورهم عند تجويز ما لا يجوز، وتحريم ما لا يحرُم. نعلم يقيناً أن هذه الاتهامات هي اتهامات باطلة لا أساس لها من الصحة، لكنها تتردّد في مجتمعات كثيرة، لا يجد أفرادها وزناً حقيقياً لكلام العلماء ودورهم على الساحة المجتمعية. إنّها صورة نمطية موجودة شئنا أم أبينا!
أضف إلى ذلك ما يسعى إليه بعض العلمانيين من استدعاء المثال التاريخي النصراني (القرووسطي) للتحالف الإقطاعي الكنسي- السياسي وإسقاطه على العلاقة بين السلطة والعلماء في بلادنا. ولا يخفى سهولة انطباق هذين المثالين في ذهنية العامة، ممن لا يملكون القدرة على التفكيك والقراءة التاريخية.
لا يجب أن نُخلي مسؤولية أهل العلم الشرعي من وجود هذا النمط الذهني، لكن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على عاتق السلطة؛ فهي التي صنعت هذا النمط الذهني بتجاوزها المقصود أو غير المقصود، النفعي أو غير النفعي لما يفتي به العلماء، ويطالبون بتغييره من أجل خير البلاد والعباد.
إنَّ أهل العلم الشرعي في حاجة ماسّة إلى تطوير أدواتهم وأساليبهم؛ لإقناع أهل السلطة، وكسب قلوبهم، وتأكيد الولاء لهم، ودعم توجّهاتهم الإصلاحية التي لا تتعارض مع ثوابت الدين ومصالحه.
الصالح العام يقتضي أن تُستبدل الكثير من الآليات الشرعية القديمة بآليات حديثة يتحقق بها المقصود الشرعي، ويتمّ من خلالها تأكيد التكريس العملي لمفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو أساس كل سياسة إسلامية شرعية...وهذا قمين بأن يحدث حين تتضافر جهود أهل الفتوى وأهل السلطة؛ فلا يتوقف الأمر عند نصيحة سريّة تُلقى والسلام! بل يُبحث مع ولي الأمر في سُبُل تطبيقها، ويوضَع في متناول يده الاقتراحات المُعينة، وينتهي الأمر بوضع آليّات واضحة يتم بوساطتها التأكّد بأن الأمور تسير وفق ما يُراد لها.
يجب ألاّ يُفهم من هذا تهميش الرأي الشرعي لولي الأمر، وجعل الأمر برمته في يد الهيئة الشرعية، بل رأي ولي الأمر فيما يجوز فيه الخلاف والاجتهاد هو الحكم، وهو الرأي المُعتبرُ شرعاً؛ فهو-أعني ولي الأمر- الذي عن طريقه يُساس الناس، وبرأيه تُدار الأمور، ووفق نظرته ورؤيته تسير كل أجهزة البلاد.
الإصلاح الفعلي يجب أن يبدأ بالجهات الشرعية الموكلة بقضايا الناس الشرعية كالأموال والدماء والأعراض، وهي لجان الفتوى والقضاء والتدريس والتعليم وغيرها. وإصلاحها يكون بتقويتها أولاً كثابت مرجعي من ثوابت الوطنية، ثم عصرنتها وتقنينها. إن قوة الهيئات الشرعية المعنيِّة بالفتوى قوّة للسلطة وشرعيّتها، والولاء لها والدفاع عنها.
وختاماً يهمني التأكيد على أنني خلطت كثيراً بين الفتوى والأمن الشرعي، وهو خلط مقصود أردتُ به التأكيد على عِظم مكانة الفتوى في تعزيز الأمن الشرعي وتثبيت قواعده وغرس فسائل الوعي والعقلانية اللذين يمنعان أفراد المجتمع من الانجرار وراء دعاة الداخل
أوالخارج ممن يصطادون في الماء العكر الذي - مع كل أسف- صنعناه بأيدينا، ويتحيّنون علينا الفُرص التي أوجدناها بأنفسنا، ويتخلّلون الثغرات التي وضعناها باختلافنا وضبابية مواقفنا.
الماء العكِر والفُرص القاتلة والثغرات الخطيرة هي ما يستحق أن تُجفّف منابعه في سبيل الوصول إلى أمن شرعي حقيقي، لا تجفيف منابع أي شيء آخر.
_________________
شكرا يااااسر لغيرتك..
محبك فيتامين
__________________
" لايستطيع أحد أن يذكر قائدا عربيا واحدا كان له في ميدان النصر تاريخ إلا وهو متدين إلى أبعد الحدود , ولقد أحصيت عدد القادة الفاتحين فكانوا 256قائدا عربيا مسلما منهم 216من الصحابة و40 من التابعين عليهم رضوان الله تعالى أجمعين ."
(محمود خطاب)
|