الموضوع: جيلُ الركاكة
مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 06-03-2005, 08:22 PM   #12
ناصرالكاتب
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2002
المشاركات: 377
(( 3 ))

قال الأخ: «العريف» -من منتديات بريدة1-:
«يؤسفني عندما أقابل صاحبي الذي قارب العقد الثالث من عمره وأب لابنين.. وحديثه حديث الصغار المراهقين..!
اهتماماته .. وطموحاته لا تتعدى أرنبة أنفه.. يجهل الكثير من ( علوم الرجال ) !!
وعندما يجلس في مجالس الكبار.. يصمت لإنه حديث فوق قامته!!
عندما سبرت أغواره وكيف كان مع والده.. وجدت ذاك الوالد المتسلط الذي جنى على ابنه أيّما جناية .. جناية لا يمكن للدهر أن يطمسها .. لقد كتب على ابنه أن يبقى صغيراً طوال عمره.. صغيراً في اهتماماته.. صغيراً في ألفاظه.. صغيراً في ثقافته وعقله..
كان الأب يطرد هذا الابن من مجلسه عندما كان صغيراً ويؤنبه ويقسو عليه بمجرد أن يفكر في أن يحضر أحد تلك المجالس!»اهـ.

وتصوّر هذه الحكاية صورةً من صور «جيل الركاكة»، فليست «الركاكة» قضيّةَ لغةٍ فحسب؛ بل هي مشكلةٌ اجتماعيّة ظهرت آثارها على كثير من أبناء هذا الجيل.

وقد ذكرتُ في طليعة هذا البحث أنّ عزلةَ الشابِ عن مجالس الكبار، أو قلة الاختلاط بأهل التجارب: من أهم أسباب تلك الركاكة.

واللغةُ ملَكَة، لا تنمو بغير (اجتماع)، قال العلامة ابنُ خلدون: «اعلم أنّ اللغاتِ كلُّها مَلَكَاتٌ شبيهةٌ بالصناعة، إذ هي ملَكاتٌ في اللسان للعبارة عن المعاني، وجودَتُها وقصورُها بحسَبِ تمامِ المَلَكةِ أو نقصانِها. وليس ذلك بالنظر إلى المفردات، وإنما هو بالنظر إلى التراكيب، فإذا حصَلت الملَكةُ التّامة في تركيب الألفاظ المفردة للتعبير بها عن المعاني المقصودة ومراعاة التأليف الذي يطبّق الكلامَ على مقتضى الحال بَلَغَ المتكلّمُ حينئذٍ الغايةَ من إفادةِ مقصوده للسامع، وهذا هو معنى البلاغة».

قال ناصر الكاتب: وليست الملكة مختصة باللغة؛ فإنّ الناشئ يكتسبُ من مجتمعه الكثير من الملكات، فكلما حسُنت نشأتُه ارتقت ملكاتُه.
ويتمُّ العلامة ابن خلدون حديثه السابق فيقول: «والملَكاتُ لا تحصُلُ إلا بتكرار الأفعال لأن الفعلَ يقع أوّلاً وتعودُ منه للذّاتِ صفةٌ، ثم تتكرّرُ فتكونُ حالاً، ومعنى الحال أنها صفةٌ غيرُ راسخة؛ ثم يزيد التّكرار فتكونُ ملكةً أي صفةً راسخة» [مقدمة ابن خلدون: الفصل السادس والأربعون].

أخي القارئ، أتركك الآن تتأمل في كلام ابن خلدون -رحمه الله- حتى ييسر الله لي عودة لإتمام ما شرعتُ فيه.




__________________
[mark=FFFFFF][align=right]قال الشيخ عبد الرحمن السَّعدي -رحمه الله-: «على كلِّ عبدٍ ... أن يكون في أقواله وأفعاله واعتقاداته وأصول دينه وفروعه متابعًا لرسول الله متلقيًّا عنه جميعَ دينِه، وأن يعرِض جميع المقالات والمذاهب على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فما وافقَهُ قبلَهُ، وما خالَفَهُ ردَّه، وما أشكل أمره توقف فيه».
[/center]
[توضيح الكافية الشافيَة].
[/mark]
صفحة ناشر الفصيح
ناصرالكاتب غير متصل