سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الغالي الحبيب أبا ماهر وفقه الله
[line]
قلتم في إستفساركم الكريم:
(...ذكرت أن المسائل الفقهية نوعان مسائل إتفاق و مسائل خلاف
استفساري في المسائل المتفق عليها ..
لو فرضنا أنه في مسألة أجمع عليها علماء المسلمين في السابق وتبين للفقيه بعد دراسة المسألة غير هذا الحكم .. على سبيل المثال من يرى جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم .. " لست متأكد أنها مسألة مجمع عليها " ..
استفساري :
1 - في هذه الحالة ماذا بإمكان الفقيه أن يعمل ؟
2 - هل تتحول المسألة بعد ذلك إلى مسألة خلافيه .. وهل كل فقيه يحق له دراسة أي مسألة ؟
وأخيراً .. ياليت توضح لنا مسألة الخلاف بين المذاهب الفقهية متى ينظر الفقيه لأراء المذاهب في أول خطوة من خطوات دراسة مسأئل الخلاف .. أم في كل المراحل ...إلخ)
[line]
وهذه محاولة للإجابة عن إستفساركم الكريم :
بالنسبة للمسألة الأولى :
لو عدلنا عن الإجابة عن مسألةإحادث قول في مسألة مجمع عليها إلى مسألة أدق وهي إنفراد أحد المتأخرين بقول لم يسبق إليه فالجواب كالتالي :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (2\71):
( وكل قول ينفرد به المتأخر عن المتقدمين، ولم يسبقه إليه أحد منهم، فإنه يكون خطأ.
كما قال الإمام أحمد بن حنبل :إياك أن تتكلم في السؤال ليس لك فيه إمام).
وقد كان منهج العلامة الإمام محمد بن عثمين رحمه الله تعالى الإحجام عن رأي يراه في مسألة ليس فيها قول سالف لأحد السلف والمتتبع لكتابه الشرح الممتع يرى ذلك.
ولإبن القيم رحمه الله تعالى كلاماً أخر في إعلام الموقعين (4/265):
(إذا حدثت حادثة ليس فيها قول لأحد العلماء فهل يجوز الاجتهاد فيها بالافتاء والحكم أم لا فيه ثلاثة أوجه...)
ملخصها :
الجواز
عدم الجواز والتوقف
جواز ذلك في مسائل الفروع
وقال بعد ذلك :
(...والحق التفصيل وأن ذلك يجوزبل يستحب أو يجب عند الحاجة وأهلية المفتي والحاكم فإن عدم الأمران لم يجز وإن وجد أحدهما دون الأخر احتمل الجواز والمنع والتفصيل فيجوز للحاجة دون عدمها والله أعلم) أ.هـ
أما المسألة المجمع عليها إجماعاً يقينياً فلا يجوز خرقها أو مخالفتها لأن الإجماع حجة قطعية
وهو أحد الأصول الثلاثة التي لا تجوز مخالفتها وهي :
الكتاب
والسنة الصحيحة
والإجماع
و الإجماع القطعي : هو إجماع السلف من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم
لأن بعدهم كثر الاختلاف وانتشر في الأمة
كما نبه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه ( العقيدة الواسطية ) ، وغيره من أهل العلم .
ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى في سورة النساء :
( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)
لعل هذا يفي بالغرض
وبالنسبة للمسألة الثانية :
فإن الإختلاف في المذاهب لايتبين إلا بعد مرحلة الجمع وهي المرحلة الأولى من مراحل البحث العلمي وتحقيق المسائل وهي:
1- جمع ما يختص بالمسألة من أدلة وأقوال
2-التدقيق والتنقيح أو الفرز: وهو البحث في ثبوت الأدلة الواردة في المسألة وصحة الاستدلال بها واستقصاء مالا يثبت وما ليس بذي دلالة
3- النظر : وهو المقارنة بين الأدلة
4-الترجيح والاختيار بين الأقوال المختلفة
ويمكن أن تضيف خطوة خامسة وهي صياغة المسألة الصياغة النهائية
وما نذكره في هذا الموضوع هو الخطوة الخامسة هنا
مع ملاحظة أن بعض الخطوات هنا سبق وأن عملت في أحد الخطوات السابقة الأربع
بقي أن نذكر هنا حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم فنقول وبالله التوفيق:
التوسل بدعائه من دون الله والاستغاثة به وطلبه النصر والشفاء للمرضى
شرك أكبر
وهو دين المشركين وأشباههم من عبدة الأوثان
وكذلك من فعل ذلك مع غيره من الأنبياء والأولياء أو الجن أو الملائكة أو الأشجار أو الأحجار أو الأصنام.
وأما التوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم أو بحقه أو بذاته
مثل أن يقول الإنسان : أسألك يا الله بنبيك أو جاه نبيك أو حق نبيك و أمثال ذلك
فهذا بدعة ومن وسائل الشرك ولا يجوز فعله معه ولا مع غيره
لأن الله سبحانه وتعالى لم يشرع ذلك
والعبادات توقيفية لا يجوز منها إلا ما دل عليه الشرع المطهر
وأما توسل الأعمى به في حياته
فهو توسل به صلى الله عليه وسلم ليدعو له ويشفع له إلى الله في إعادة بصره إليه وليس توسلا بالذات أو الجاه أو الحق كما يعلم ذلك من سياق الحديث وكما أوضح ذلك علماء السنة في شرح الحديث .
وقد بسط الكلام في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كثيرمن كتبه ومنها كتابه: القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة .
وإلى لقاء قادم مع بقية الموضوع
حبي وتقديري
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
__________________
إهداء من الغالي المبدع باسل عبد العزيز حفظه الله
آخر من قام بالتعديل جدس البأس; بتاريخ 19-03-2005 الساعة 10:17 AM.
|