.
أطفال كأنهم العصافير يتواردون على بيت من بيوت الله ، و يقدمون صورة تنشرح لها الصدور ، في صلاة برئية تؤسس لشخص مسلم قادم بإشراقته و صلاحه ، تراه بعبثه و حيويته في ذلك السن راكعًا ساجداً ، يُقلب كتاب الله بين يديه ، و يقرأ بحروف لا تكاد تُبين لكنها تُستعذب و لا تُمَل إذا ما خرجت من أفواه الأطفال .. لله تلك المشاهد المبهجة ، و بعد انتهاء صلاة العصر .. يتسابقون كالفراخ إلى مقر حلقة تحفيظ القرآن ، يتلون كتاب الله و يحفظونه .
إنَّ أبًا يضع ابنه في تلك المواضع و يربيه عليها ، إنما هو رجل يشتري راحته في الدنيا قبل الآخرة ، و يُقدم نبتةً صالحة تقر بها عينه ، و تطيب بها نفسه ، و يؤمن من خلالها مستقبله في حياته و بعد مماته ، كم تسعدني تلك المناظر فأهيم بفكري متناسيًا نفسي ، و أنا أستشعر مكانة النعمة التي أنعم الله بها على آباء هؤلاء الصغار ، بل و حتى على هؤلاء الصغار ، و على ذلك الحي الذي يكثر فيه هؤلاء ..
إنهم إشراقة بديعة على هذه الدنيا ، يجمعون لأمتهم في تلك المواطن مشاعل الضياء ، و قناديل السعد و الهناء ، حتى إذا ما تقادمت الأيام ، كانوا هم العتاد و العماد ، و قادوا الجميع إلى بر الأمن و الرشاد ، فتهنأ بهم أوطانهم و يهنأ بعطائهم العباد .
و في المقابل ، ترى البؤس و الأسى قد خيم على وجوه أطفال اغتيلت براءتهم ، و انتهكت طفولتهم ، و أذيبت معاني الإنسانية في زهرة حياتهم الأولى ، فترى زهرات الطفولة قد ذبلت وهم يُقتادون إلى مواطن الضلالة ، و مآسن الغي و الجهالة ، و يتشربون أنفاس الساقطين و الحثالة ، فهم مابين متطبع ببدعة أو شرك أو خرافة أو عادة سيئة ، تستقر في نفسه منذ نعومة الأظفار و صفاء الذهن .
مشهد يتكرر أمام عيني بشكل دائم ، و أنا أرى ذلك الطفل المختنق في سيارة والده بسبب سحب السجائر القاتلة ، كم أنظر لهذا الطفل نظرة أسى ، و في المقابل أنظر إلى والده نظرة تجعلني أصفه في مصاف المجرمين من منتهكي الحقوق الإنسانية ،
تلك المشاهد المؤسفة و غيرها ، تجعلنا نتساءل عن البراءة .. بأي ذنب قتلت .؟
أخوكم / عبدالله