مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 24-01-2011, 04:25 AM   #13
آرت مونتا
Registered User
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
البلد: نسيم بريدهـ
المشاركات: 13
دعوا ساهر «ساهراً»

أنت تقود سيارتك في شارع محدد السرعة، والشارع مزروع بكاميرات مراقبة السرعة، وكلما تجاوزت السرعة سجلت ضدك مخالفة، هذا هو ساهر، فما الذي يستدعي أن يحتج الناس ضد هذا الجهاز الحارس الذي على الأقل لا يسألك (من أنت ولده؟ أو أنتم وش ترجعون)، لكنه نظام لا يرضى عنه الجميع. أخبار عن مهاجمة شباب لجهاز ساهر، ومقالات تنتقد ساهر كونه جهازاً للجباية أكثر منه جهازاً للحماية، ولم يسلم ساهر من تنديد عضو مجلس الشورى ووصفه بأنه نظام مخالف للنظم الإدارية، أما أحد الأطباء النفسيين فقد تقدم للشهادة في الصحافة ضد ساهر قائلاً: إن ساهر كان سبباً في تدهور حالة مرضاه النفسيين. (طالما المسألة تصب في مصلحته فعليه أن يصف معنا من أجل بقاء ساهر).

الحقيقة أن غضب كثير من الناس ضد ساهر سببه أن ثقافتنا لا تعترف بقيمة النظام ولا بقيمة الامتثال للنظام الحديث، خصوصاً ذلك النظام الذي ليست له مرجعية ثقافية، دينية أو اجتماعية، فساهر المسكين، ساهر وحده يحتكم لنظام مادي (لا تسرع فتعرض حياتك وحياة الآخرين للخطر). لا يتمتع ساهر بدعم ثقافة الحلال والحرام، إنه جهاز لا يستطيع أن يلبس ثوباً من التقوى والطهر ويحمل عصا ويبشر بأيديولوجيا، لهذا يثور الناس ضده لأنهم لا يعرفون النظام، ويتركون ما هو أهم في المسألة المرورية والأكثر خطورة وهي ثقافة الحقوق وليس الاعتراض على الحقوق، فالناس من حقهم أن يحظوا بجهاز يحرسهم، لكنهم أيضاً يريدون حقوقاً أخرى هي بالتأكيد ما قصدها المعترضون على «ساهر»، وهي شوارع تجعل السير فيها آخر ما يكدرها نظام ساهر. آخر شارع سرت فيه في الرياض وقد كان في أحد الأحياء التي بلغ سعر المتر فيها مبلغاً خيالياً، أستطيع أن أقول عن هذا الشارع إنه تقريباً مشروع لحوادث مرورية قاتلة، المنافذ الداخلية والمحلية لا يمكن الدخول فيها إلا في وضح النهار، وتحت درجة تركيز عالية عدا ذلك فأنت في خطر، المطبات الصناعية تجعل السيارات في حال من الفوضى بسب الانزعاج المتكرر، دخول الشاحنات الكبيرة في ساعات النهار، الدوار في كل شارع تضيع ملامحه وسط ركام من أعمال الحفر التي تستمر سنوات. ليست هناك مسارات، عيون القطط بلا ألوان معظم الشوارع تعيش حالاً متهالكة البنية، وهذا في أفضل الأحياء، فما بالك بالمتواضع منها؟!

مدير المرور أعلن بدء الخطة الثانية من «ساهر» وهي خطة أكثر انضباطاً وتطلباً من سابقتها، أنا أقول لـ«ساهر» عساك على القوة، لكن كيف يمكن تطبيقها في شوارع بلا خطوط ولا مسارات ولا خط مشاة؟ يفهم الناس أن الحقوق سابقة على الواجبات، أو على الأقل تسير في خط واحد معها، لهذا عبّر الناس عن غضبهم ولو في الاتجاه الخطأ، والناس يحتاجون إلى وقت حتى تلمس النتائج، ولكنهم أيضاً يريدون أن يشعروا أنهم يدفعون مقابل خدمات تتناسب ودخل الدولة المرتفع، الناس يفهمون اليوم أن إدارة مثل المرور تتضخم وارداتها من «ساهر» بينما هم لا يزالون يمشون في شوارع تفتقر لأبسط ملامح البنية المتقدمة والجودة والتخطيط.

النقطة الأخيرة التي أعيد التأكيد عليها، وأظن أنها مقتل «ساهر» إن تركته من دون سهر، وهي رفض وجود استثناءات في التطبيقات ودحض الإشاعات التي تقول إن العاملين على «ساهر» يتلاعبون بالغرامات لمصلحة أسماء يكتشف أنها ميتة أو نساء لا يقدن السيارة، الكل يجب أن يحني رأسه ويضبط سرعته حين يمر بجانب «ساهر»، فالقانون كالبالون متى ما تسرب إليه الهواء فإنه يذبل ويموت.
آرت مونتا غير متصل