مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 03-02-2011, 03:18 PM   #1
hael
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
البلد: السعودية
المشاركات: 49
دعوات مشبوهة للمظاهرات

[بمناسبة نشر بعض المفسدين للمظاهرات منهم غير الفقيه أنشر خطبة الشيخ عصام السناني في جامع قرطبة في (24/2/1432) أرجو عدم نقله ليقرأه أكبر عدد]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وبعد :
بَعدُ: فاتَّقُوا الله ـ عِبادَ الله ـ حَقَّ التَّقْوى.
أيُّها المسْلِمُونَ، الأمْنُ في الأوْطَانِ مَطلَبُ الكَثيرِ مِنَ النَّاسِ، بَلْ هُوَ مَطْلَبُ العَالَمِ بأسْرِهِ، حَيَاةٌ بِلا أمْنٍ لا تُسَاوِي شَيئًا، كَيفَ يَعيشُ المرْءُ في حَالَةٍ لا يأمَنُ فيهَا عَلَى نَفْسِهِ حتَّى مِنْ أقْرَبِ النَّاسِ إليهِ؟! خَوفٌ وذُعْرٌ وهَلَعٌ وتَرَقُّبٌ وانْتِظَارٌ للغَدِ، لا يُفَكِّرُ الإنْسَانُ في شَيءٍ إلاَّ في حَالِهِ اليَومَ، لَيسَ عِنْدَهُ تَفْكيرٌ في مُسْتَقْبَلٌ، ومَا كانَ ذَلِكَ إلا بِسَببِ فُقْدَانِ الأمْنِ. قال الله تعالى: }وإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ{ ؛ طلبَ عليه السلامَ ؛ لأنَّ الإنْسَانَ في حَالِ الفِتْنَةِ والقَلاقِلِ يَشْغَلُهُ الخَوفُ عِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ، ورُبَّمَا زَاغَ كَثيرًا عَن الحَقّ ؛ لذا أخبرَ الرَّسُولُ عَنْ أنَّ المُتَمَسِّكَ بدِينهِ في آخِرِ الزَّمَانِ حِينَ تَكْثُرُ الفِتَنُ كالقَابِضِ عَلَى الجَمْرِ؟! ؛ إذا اختلَّ الأمنُ تبدَّل الحالُ ، ولم يهنأ أحدٌ براحةِ بال ، فيلحقُ الناسَ الفزعُ في عبادِتهم ، فتُهجَرُ المساجدُ ويمنَعُ المسلم من إظهارِ شعائرِ دينِه ، وتُعاقُ سُبُلُ الخيرِ ، فتختلُّ المعايشُ ، وتدمّرُ الديارُ ، وتتفرَّقُ الأسَرُ ، وتفارَقُ الأوطانُ ، وتبورُ التجارةُ ، ويتعسَّرُ طلبُ الرزقِ ، وتتبدَّلُ طباعُ الخَلقِ ، فيظهرُ الكَذِب ويُلقَى الشحُّ. قال سبحانه: فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ. باختلالِ الأمنِ تُقتَلُ نفوسٌ بريئةٌ ، وترمَّلُ نساءٌ ، ويُيتَّمُ أطفال. إذا سُلِبت نعمةُ الأمنُ فشا الجهلُ وشاعَ الظلمُ وسلبتِ الممتلكاتُ ، وإذا حلََّ الخوفُ أُذيق المجتمعُ لباسَ الفقرِ والجوعِ، قال سبحانه: فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ، يقولُ معاويةُ رضي الله عنه: (إيّاكم والفتنةَ، فلا تهمُّوا بها ، فإنها تفسِدُ المعيشةَ ، وتكدِّرُ النِّعمةَ ، وتورثُ الاستئصال).
أيها المسلمونَ.. إننا اليومَ في عصرٍ أخذتْ أمواجُهُ تتلاطمـْ بألوانِ من الشرورِ ، وانفتحتْ فيه على المسلمينَ موجاتُ فتنٍ وزورٍ ، فتنٌ تترى ومصائبُ تتوالى تهلكُ الحرثَ والنسلَ (واللهُ لا يُحِبُ الفَسَادَ) تأتيْ على الأخضـرِ واليابسِ ، تذلُ الأعزاءَ وتحيرُ العقلاءَ ، فتنٌ وقودُها جثثٌ وهامُ. قالَ البخاريُّ : بَاب الْفِتْنَةِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَتَمَثَّلُوا بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ عِنْدَ الْفِتَنِ : قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ
الْحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فَتِيَّةً
تَسْعَى بِزِينَتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ
حَتَّى إِذَا اشْتَعَلَتْ وَشَبَّ ضِرَامُهَا
وَلَّتْ عَجُوزًا غَيْرَ ذَاتِ حَلِيلِ
شَمْطَاءَ يُنْكَرُ لَوْنُهَا وَتَغَيَّرَتْ
مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ
وأخرج من حديث أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e :"يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ وَيُلْقَى الشُّحُّ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ" قَالُوا : وَمَا الْهَرْجُ قَالَ : "الْقَتْلُ الْقَتْلُ". قالَ حُذَيْفَةَ لعُمَرَ e لمّا سأل عنْ الفتنةِ التي الَّتِي تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ. قَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا ، قَالَ أَيُكْسَرُ أَمْ يُفْتَحُ ، قَالَ: يُكْسَرُ قَالَ : إِذًا لا يُغْلَقَ أَبَدًا".
عباد الله الفتنةُ إذا نفخَ فيها السفيهُ اتقدتْ نارُها وعظُمَ شررُها ، وإذا وقعتْ الفتنةُ وابتلىَ بِها الناسُ تاهتِ العقولُ واضطربتِ النفوسُ ، يقولُ شيخُ الإسلامُ ابنُ تيميةَ رحمهُ اللهُ تعالى (في منهاج السنة) وهو يتحدث عن ظهورِ أمرِ الغوغاءِ في عهدِ الصحابةِ وما وقعَ من الفتنِ : ( والفتنةُ إذا وقعتْ عجِزَ العقلاءُ فيها عنْ دفعِ السفهاءِ ، فصارَ الأكابرُ رضي اللهُ عنهمْ عاجزينَ عنْ إطفاءِ الفتنةِ وكفِ أهلهِا ، وهذا شأنُ الفتنِ كما قالَ تعالى: "واتقوا فتنةً لا تصيبنَّ الذينَ ظلموا منكم خاصةً" ، وإذا وقعتِ الفتنةُ لمْ يسلمْ منَ التلوثِ بِهَا إلاَّ منْ عَصمَهُ اللهُ) ا هـ.
عبادَ اللهِ : إننَا في زمانِ انتشرتْ فيه الفِتَنُ بينَ المسلمينَ ، وبدأَ أقوامٌ لهم مطامحُ سياسيةٌ بتهييجِ الشعوبِ ليخترقُوا بهمُ أبوابَ الفتنِ؟! ، يقولُ الماورديُّ رحمه اللُه: ( مع أنَّ لكلِ جديدٍ لذةٌ ولكلِ مستحدثٍ صبوةٌ ، وقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم : "إن أخوفَ ما أخافُ على أمتي منافقٌ عليمُ اللسانِ" فتصيرُ البدعُ فاشيةً ، ومذاهبُ الحقِ واهيةً ، ثم يفضي الأمرُ إلى التحزبِ والعصبيةِ ؛ فإذا رأوا كثرةَ جمعهمْ وقوةَ شوكتهمْ ، داخَلَهُم عزُّ القوةِ ونخوةُ الكثرةِ ، فتظافرَ جهالُ نُسَّاكِهم ؛ وفسقةُ علمائِهم بالميلِ إلى مخالفيْهِم - يتحدُّ الفاسقُ من العلماءِ والجاهلُ منْ عبادِهمْ إلى المخالفينَ من أي ملةٍ كانتْ- يقولُ: فإذا استتبَ لهم ذلكَ زاحموا السلطانَ في رئاستهِ وقبحوا عندَ العامةِ جميلَ سيرتِهِ فربما انفتقَ مالاَ يُرْتَـقُ فإنَّ كبارَ الأمورِ تبدو صغاراً)أ.هـ.
إنَّ الواجبَ على كلِ ناصحٍ للهِ ورسولهِ يريدُ وجهَ اللهِ ألاَّ يعرضَّ نفسَه وغيرَه للبلاءِ والفتنةِ ؛ فربَّ متعرضٍ للبلاءِ لا يقوى على دفعِهِ فإذا به أولُ مفتونٍ. إن أقوماً يعيشونَ في بلادِهم يتمتعونَ فيها بالعـزةِ والكرامةِ يعبدونَ ربَهم دونَ خوفٍ ، ويمارسونَ دعوتَهم بكلِ أمانٍ ، سرعانَ ما تغشاهُم الأفكارُ الدخيلةُ المنحرفةُ ليقوموا بتصرفاتٍ هوجاءٍ لا ينظرونَ إلى عواقِبها. فتضيقُ عليهم دنياهُم ، ثم تمحى رسومُ دعوتِهم ، بسببِ العواطفِ غيرِ المنضبطِ وعدمِ اتباعِ النبيِ صلى الله عليه وسلم في طريقتِهِ : (قل هذه سبيلي أدعو على بصيرة أنا ومن اتبعني).
معاشرَ المؤمنينِ : إن الخروجَ على الجماعةِ والإخلالَ بالسلمِ الاجتماعيْ هو أصلُ كلِ بلاءٍ وقعَ في تاريخِ المسلمينَ ، لذا حذر منها صلى الله عليه وسلم أشد التحذير في المجتمع الذي يحكمه حاكمٌ مسلمٌ ولو كان ظالماً : ففي الصحيحين عن ابْن عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ e قَالَ : (مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ خَرَجَ مِنْ السُّلْطَانِ شِبْرًا فَمَاتَ عَلَيْهِ إِلاَّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً) ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ e أَنَّهُ قَالَ : (مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً). وعنْ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ الأَشْجَعِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ eي َقُولُ : (خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ). قَالُوا : قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَفَـلاَ نُنَابِذُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : (لاَ مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلاَةَ ، لاَ مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلاَةَ. أَلاَ مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلاَ يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ). وعَنْ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ: سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللَّهِ e ، فَقَالَ : يانَبِيَّ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُـمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا ، فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثالثة ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e :"اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ" ، وفي الصحيحين عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ e: (سَتَكُونُ أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ قَالَ : تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ ، وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ). وفي مسلم وأصله في البخاري من حديثِ حُذَيْفَةُ t : قَالَ e: (يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ وَلا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ ، قَالَ : قُلْتُ : كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : "تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ".كلُّ هذا أيها المسلمونَ من النبي e بيان لفضلِ الجماعةِ وعظمِ حرمتِها عند الله ورسوله ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله(الفتاوى:28/390) :"يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين ، بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها"أ.هـ. ولننظر إلى التزام الصحابة الذين هم أبرُّ الناسِ قلوباً وأزكاها أعمالاً بهذا الهدي النبوي :[/SIZE]
hael غير متصل