كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
دورة 44 درسا في الأسبوع , وعلم العربية ؟؟؟
تزخر مدينة بريدة – بحمد الله – بدورات علمية رائدة في مجال العلم الشرعي , يقوم عليها نخبة من العلماء وطلبة العلم الأفاضل , ولن يكون آخرها دورة الأترجة التي ستقام بجامع محمد بن عبد الوهاب في حي الخليج في بداية هذا الفصل , وهي دورة مباركة تقوم على تأصيل العلم الشرعي لدى طَلَبَتِه , وإعطائهم مزيداً من الجرعات العلمية في شتى صنوف العلم الشرعي .
ولكن , لدي ملحوظتان على مثل هذه الدورة وغيرها من الدورات التي تقام في هذا البلد المعطاء :
الملحوظة الأولى : ضعف الحضور اللغوي ( نحوا وصرفا وبلاغة ودلالة وأدباً ) ولا أدري , هل هذه العلوم لا تشكل شيئا لدى علماء الشريعة المعاصرين ؟؟ مع أنها شرطٌ أساسيٌّ لبلوغ مرحلة الاجتهاد عن الأصوليين .
فحين تقلب طرفك في الدورات , فإنك لا تجد حضوراً للدروس اللغوية سواء في علم النحو , أو علم الصرف , أو علم البلاغة والدلالة , أو حتى علم الأدب والشعر , وهي علوم كانت تدرس جنبا إلى جنب في حاضرة بغداد ودمشق والقاهرة ومكة في تاريخنا الإسلامي المجيد !
الملحوظة الثانية : هناك حضور نحوي ( وليس لغويا ) على استحياء يظهر كتطييب خاطر عند طلاب هذا العلم العظيم , ومع هذا الحضور الباهت فإنهم أكملوه بتقرير كتاب : الآجرومية , وكأن تاريخ النحو العظيم عقم عن إخراج كتاب ما عدا هذا الكتاب ؟؟؟
أعتقد أن علماءنا وطلاب العلم لدينا وفقهم الله أجرموا في كتاب الآجرومية , ورأوا أنه الكتاب الذي يفتق أذهان طلاب العلم ليُخْرِجَ نحاة أفذاذاً يخوضون في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
كتاب الآجرومية بشروحه المختلفة كتاب عظيم بلا مراء , ولكنه خاص بالمبتدئين جداً في هذا العلم , أي في المرحلة الابتدائية ولا يزيد , وجزى الله مؤلفه خير الجزاء , أما أن نجعله عاما في كل دورة , وفي كل درس , وكأنه لا يوجد في هذا العلم إلا هذا الكتاب فتلك مثلبة ولا شك .
إن التركيز على كتاب الآجرومية يُضعف القوة التحصيلية لدى طلاب العلم , ويجعلهم يدورون في فلك هذا المختصر الوجيز , وهو قطرة في علم النحو المتلاطم .
قد يقول قائل : إن طلاب الدورات مبتدئون , ويناسبهم كتاب الآجرومية !
فأقول : كيف نقول بأنهم مبتدئون , وهم يدرسون أمهات شتى من كتب الفقه والعقيدة والتفسير والأصول ( الشريعة للآجري , العقيدة الواسطية , صحيح البخاري , بلوغ المرام , الشرح الممتع , منار السبيل , زاد المستقنع ... )
فهل طالب العلم الذي سيدرس هذه العلوم العظيمة يعجز أن يرتقي عن الآجرومية قليلاً ليواكب نحوا يناسب ما يتلقاه من العلوم الأخرى ؟؟؟؟
لماذا لا تُغَيَّرُ بعضُ المصادر النحوية , وتطرح كتبٌ أخرى لها حظها من العلم , وليس لها شعبية عند غير المتخصصين مثل : الجمل للزجاجي , الإيضاح لأبي علي الفارسي , اللمع لابن جني , المقرب لابن عصفور , اللمحة البدرية لأبي حيان , وشرحها لابن هشام , شذور الذهب وشرحه لابن هشام ..؟؟؟
لماذا لا يُنَوَّعُ في الطرح وتُقرَّرُ كتبٌ تجمع بين اللغة والنحو والأدب والشعر مثل : الكامل للمبرد , الأمالي للقالي , أمالي ابن الشجري , أدب الكاتب لابن قتيبة . ؟
فقراءة مثل هذا الكتب أو شيئا منها يعطي الطالب أفقا أرحب في اللغة , ويساعده على الاستنباط والقراءة الصحيحة والفهم العميق ..
هذه ملاحظات أسوقها هنا , لعل مسؤولا عن الدورات يمر من هنا فتعجبه الفكرة فيسعى لتحقيقها , وأنا ضامن بإذن الله نجاحها على المدى البعيد .
أسأل الله التوفيق والسداد والإخلاص في القول والعمل .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ
[ محمود سامي البارودي ]
|