مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 01-03-2011, 08:19 AM   #2
غربة غريب
عـضـو
 
صورة غربة غريب الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
البلد: في حي ( الساحة المفتوحة ) من مدينة ( بريدة ستي )
المشاركات: 2,272
وإذا عبدناهم تشبهنا كذلك باليهود والنصارى

واتخذوهم مشرعين لهم من دون الله حيث أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال فاتبعوهم فذلك عبادتهم لهم وذلك هو اتخاذهم أربابا من دون الله.

قال ابن القيم: "قال أبو البحترى فى قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً..} [سورة التوبة: 31]، قال: أما أنهم لو أمروهم أن يعبدوهم من دون الله ما أطاعوهم، ولكنهم أمروهم فجعلوا حلال الله حرامه وحرام الله حلاله فأطاعوهم فكانت تلك الربوبية".

قال ابن عثيمين: "الحكم بما أنزل الله تعالى من توحيد الربوبية؛ لأنه تنفيذ لحكم الله الذى هو مقتضى ربوبيته، وكمال ملكه وتصرفه، ولهذا سمى الله تعالى المتبوعين فى غير ما أنزل الله تعالى أربابا لمتبعيهم فقال سبحانه: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ..} [سورة التوبة: 31]، فسمى الله تعالى المتبوعين أربابا حيث جعلهم مشرعين مع الله تعالى، وسمى المتّبعين عبادا؛ حيث أنهم ذلوا لهم وأطاعوهم فى مخالفة حكم الله سبحانه وتعالى. وقد قال عدي بن حاتم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنا لسنا نعبدهم"، فقال النبى -صلى الله عليه وسلم-: «أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه فتلك عبادتهم» [ذكره الألباني في السلسلة الصحيحة علة الحديث هي جهالة غطيف بن أعين] (كتاب التفسير سورة النور 5/362).


وعامة التفاسير يقولون بهذا التفسير المأثور عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لم يعبدوهم بصلاة أو بصيام أو بما شابه، إنها الطاعة للمشرّعين من دون شرع الله رب العالمين، إنها الكفر المستبين والشرك الأكبر اللعين، إنها طاعة للشيطان وهى عبادته. ولقد نص القرآن على ذلك كثيرا ومن أصْرَحِه قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ۗ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [سورة الأنعام: ].

قال الشنقيطي في (أضواء البيان) فى تعليقه على هذه الآية: "فصرح أنهم مشركون بطاعتهم، وهذا الإشراك في الطاعة واتباع التشريع المخالف لما شرعه الله تعالى هو المراد بعبادة الشيطان في قوله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿٦٠﴾ وَأَنِ اعْبُدُونِي ۚ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} [سورة يس: 60-61]، وقوله تعالى عن إبراهيم: {يَا أَبَتِ لا تَعْبُدْ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً} [سورة مريم: 44]، وقوله تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَرِيدا} [سورة النساء: 117]، أي ما يعبدون إلا شيطانا، أي وذلك باتباع تشريعه".. إلى أن قال: "ومن أصرح الأدلة فى هذا أن الله جل وعلا فى سورة النساء بيّن أن من يريدون أن يتحاكموا إلى غير ما شرعه الله يتعجب من زعمهم أنهم مؤمنون، وما ذلك إلا لأن دعواهم الإيمان مع إرادة التحكم إلى الطاغوت بالغة من الكذب ما يحصل منه العجب وذلك في قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً} [سورة النساء: 60]، وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهر غاية الظهور أن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله أنه لا يشك فى كفرهم وشركهم إلا من طمس الله بصيرته وأعماه عن نور الوحى مثلهم".. إلى أن قال: "فتحكيم هذا النوع من النظام (يريد التشريع) المخالف لتشريع خالق السماوات والأرض في أنفس المجتمع وأموالهم وأعراضهم وأنسابهم وعقولهم وأديانهم كفر بخالق السماوات والأرض وتمرُّد على نظامه" (الأضواء بتصرف واختصار).
__________________
غربة غريب غير متصل