لغتنا حياتنا وعزنا
إذا نظرت إلى حياتنا ، وواقع لغتنا ، رأيت عجباً عجاباً ، وصراعاً غير معقول ولا مقبول ، وتصرفات غير مسؤولة.
فبينما نحن نملك أعظم ، وأقدر ، وأعز , وأجمل لغة في العالم بشهادة أعدائها قبل أصدقائها ، تجدنا رغم ذلك نتهافت على لغة أعدائنا تهافت الفراش على النار . لنقيم لغة العدو ، ونرفع رؤوس أهلها ، وندمر لغتنا ونحبط أهلها ، ديناً , ودنيا ، وعزاً ، واستقلالاً.
أما تدمير الدين :
فإن فرض اللغة الإنجليزية وياللعار على جميع المتعلمين في مختلف مراحل التعليم بصورة ليس لها مثيل ولا في الدول المستعمرة ، يؤدي إلى تجهيل الأجيال بعد الأجيال بلغتهم الأم ، وإبعادهم عنها ، وهذا يؤدي يقيناً إلى احتقارها وعداوتها ، والاستخفاف بها وبأهلها ، وبكل ماتحمله هذه اللغة المغلوبة المقهورة ، من قرآن ، وسنة ، وفكر ، وعقل ، وحكمة سطرها سلف هذه الأمة ليتربى عليها خلفها.
أما تدمير الدنيا :
فإن أبنائنا لن يروا الفلاح بتقنية ، أو هندسة ، أو صناعة ، أو خبرة علمية أياً كان نوعها وهم عبيد للغة أعدائهم يصارعونها بالليل والنهار ، وهي صارعتهم ، وموهنتهم ، ومانعتهم من كل خير ، وحاجبتهم من الخبرة ، والتقنية والتصنيع ، ومضيعة لممتلكاتهم وخيرات بلادهم.
فهاهي مثلاً الشركات العاملة في بلادنا تطرد أبنائنا من العمل لديها ، وتحرمهم من الخبرة ، والدراية ، والقدرة على ممارسة الأعمال الصناعية والفنية ، والإدارية ، والإقتصادية ، بحجة عدم إتقانهم للغة الإنجليزية ، وتأتي بدلاً منهم بكل ساقط ، من نصراني ، وبوذي ، وهندوسي ، وغيرهم ليأكلوا خيرات بلادنا ، ويدمروا ديننا ودنيانا.
أحرام على بلابله الدوح ..................... حلال للطير من كل جنس
وحقاً ماكان لهذه الشركات ، أو المصانع أن تعمل في بلادنا إلا بلغتنا ، ولا قبول لأي عذر ، فجميع بلاد العالم ذات السيادة تجبر جميع الشركات العاملة لديها وطنية كانت ، أو أجنبية على أن لا يتعاملوا إلا بلغة البلاد ، ولو كانت لغة البلاد أحط اللغات.
كما تجبرهم على توظيف أبناء البلد في كل الوظائف ، وتدريبهم عليها ، ليقوموا بأعمال الشركات أو المصانع أو المؤسسات دون الاعتماد على أي أجنبي . وبذلك يقوم الاقتصاد الوطني ، ويكتسب أبناء الخبرة ، والقدرة على بناء حياة كريمة ، واقتصاد صاعد ، يحقق مصالح الأجيال الحاضرة ، ويبني القواعد المتينة للأجيال القادمة.
وأما تدمير عزنا :
فلا عزة لنا ولا كرامة ، ولغتنا مذلة مهانة ، وهي أكرم ، وأعز لغة تحدث بها إنسان ، وما أذلها إلا أهلها ، الذين أبعدوها ، واحتقروها ، وحاربوها بكل سلاح ، ونصروا عليها لغة أعدائهم وماصي دمائهم . يقول الرافعي رحمه الله : (( ما أعز الله قوماً أذلوا لغتهم )) .
وأما تدمير استقلالنا :
فإنه لا استقلال للإنسان ولسانه عبد لأعدائه ، واللسان هو عنوان الإنسان ، فإن استقل استقل حامله .
ولذا نجد جميع الأمم ذات الطموح والأهداف تتنافس في إقامة لغتها في كل الميادين لتحمي وجودها ، وفكرها ، وحضارتها واعتبارها .
(( لا حياة لأمة من غير فكر ، ولا فكر من غير لغة ، ولا لغة من غير قوامة ))
نسأل الله البصيرة في الأمر كله .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
__________________
|