تَهْــويدُ الــهَــويَّــةُ السُّعوديَّــةْ !!
مَعْشَرَ حُكَّام المُسلمين يَقُولُ اللهُ تَعَالى : [ وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً ]
* رُبَّمَا يَكُونُ التَّهويدُ مَعْنَاهـُ في الأَصْلِ جَعْل الهَويَّة يَهُوديَّة كَمَا يُهوَّدَ القُدْس ، لَكني سَأسْتَخْدِمُهُ كِنَايَة عَنْ تَغييرِ الهَويَّة الأصْليَّة للشَّيء لأَنَّ التَّهويدَ عُرِفَ مِنْ اليَهودِ في تَهويدِ فلسطين .
***
لَمْ يَجْعَلِ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى وِحْدَة هَذهـِ البلادْ لِغَنَاةِ أَرْضِهَا وَثَروَاتِهَا ، وَلكِنْ الهَويَّةَ الإسلاميَّةَ التيْ فُطِرَتْ عَليْهَا قُلوبِ أَهْلِهَا بِقدَاسَةِ أَرضِهَا والرُّوح الإيمانيَّة هُوَ مَنْ وَحَّد الصَّف وَجَمَعَ الشَّتَاتْ ، وَإنْ كَانَتْ القَوَاعِدُ لِتأسيس الوِحْدَة هِي قَاعِدَةً شَرْعيَّةٍ رَبَّانيَّة ، وَإنْ كَانَتِ الوِحْدَةُ تَمّت عَلى ذَلِكَ فَإنَّ خَيْطَ زَلْزَلَةِ هَذهـِ الوَحْدَة يَكُونُ بِالسَّيْرِ عَلى نَقيضِهَا وَتَهْويدِ هَذهـِ الهَويَّة لِمَرْكَزِ الإسْلامِ وَقِبْلَتِهِ ، لأنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعالى لَم يَجْمَعْ هَذهـِ البلاد المُتَرَاميَةَ الأَطْرَافِ عَلى قَوميَّةٍ عَربيَّة ، أَو نِزَاعَاتٍ قَبليَّة ، أَوْ مَصَالِحَ سِيَاسيَّةٍ بَلْ هُوَ جَمْعٌ مُبَارَكٌ عَلى هَويَّةٍ وَاحِدَةْ فِيْ أَرْضٍ وَاحِدَةٍ مِنْهَا بزَغَ الإسْلامِ نُورٌ وانْجَلَى فِيهِ ظلامُ الجَاهليَّة .
إِنَّ هَذهـِ الأَرْض المُبَارَكة كَانَتْ يَومًا مِنْ الأَيّامِ تَعْصِفُ بِهَا عَوَاصفُ البِدَعِ والجَهْلِ وَ الفَسَادْ ، حَتَّى جَاءَ مِنْ جَاءَ يُجَدّدُ لِهَذهِـ الأَرْضِ هَويَّتهَا ، وَيَمْسَحُ عَنْهَا غبَار الدَّمَارِ والخَرَاب العَقَائِديُّ والأَخْلاقي ، حَتى اجْتَمَعَتِ الأفْئِدَةُ عَلى هَدَفٍ سَامٍ وَ مَعْنى أَسْمَى تَحْتَ رَايَةِ التَّوحِيدِ وَالعَقيدَة الصّافيَةْ ، لِتَكُونَ الأَرْضُ بِاخْتِلافِ لَهَجَاتِ أَهْلِهَا ، وَبُعْدِ مَسَافَاتٍ بَيْنَ جِهَاتِهَا ، وَ طَبِيعَة تَخْتَلِفُ باخْتِلافِ مَنَاطِقِهَا عَلى نَهْجٍ وَاحِدٍ وَهَويَّةٍ وَاحِدَةْ .
إِنَّ هَذا الإجْتِمَاعَ المُبَارَكُ تَحْتَ رَايَةُ التَّوحيدِ والسُّنْة ، أَقَضَّ مَضَاجِعَ الأَعْدَاءِ الذيْنَ لَمْ يَجِدُوا فِيْ هَذهِـ الأَرْضِ الطَّيبَةِ المُبَارَكَة مَوْضِعَ قَدمٍ يَغْرُسوا فِيهِ مَبَادِئَ لَهُمْ ، وَ لا اْعتِرَافًا بِمَنَاهِجِهِمْ ، بَلْ سُرْعَانَ مَا يَلْفِضُ أَنْفَاسَهُ الأَخِيرَةُ حِينمَا يُحَاوِلُ أَنْ يَشُمَّ عَبَقَ رَحيقهَا إِذْ أَنّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعالى قَدْ أَوْضَحَ فيْ كِتَابِهِ حِينمَا قَالْ : [ وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ] وَ بِه ضَرَبَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعالى مَثَلاً فِيْ الكَلِمَةِ الطَّيبَةِ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا في السَّمَاءْ ، وَبِالمُعْتَقَدِ الطَّيبِ والعَقيدَة الصَّافيَةِ بَنَى نَبيُّ هَذهِـ الأُمَّةِ صَلى اللهُ عَليْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ ، وَ مَازَالَتْ رُغْمَ المِحَنُ وَ الفِتَنُ تَصُدُّ أَعَاصِيرَ البَاطِلِ وَ طُغْيَانِ البَشَرِ وَ أُمَمِ الكُفْرِ والإلْحَادْ ، وَ حَاشَا للهِ أَنْ يُرْسَلَ شَريعَةً تُغْرَسُ فيْ أَرْضِهِ وَيَتَخَلَّى عَنْهَا بَل العَاقِبَةُ للمُتَّقينْ .
وَلَمَّا كَانَتْ قِبْلَةُ الإسْلامِ وَمَهْبِط الوَحي هَويَّة إِسْلاميَّة ، فَإنَّ الدَّولَةَ التيْ تَحْتَضِنُ مُقَدّسَات الإسْلامِ لَنْ يَقُومَ لَهَا رَايَةٌ بِهَويَّةً تَنْقُضُ هَويَّةَ الأرْض ، وَبِهِ قَامَتْ مَمْلَكُتُنَا – حَرَسَهَا الله – إِلاَّ أَنَّ الفَتَرَات الأَخَيرَةُ بَاتَتْ تَشْهَدُ ضَرَبَاتٍ مُوجِعَةٍ تُؤَرِّقُ كُلَّ غَيُورٍ يَفْتَرِشُ أَرْضَهَا وَيَلْتَحِفُ سَمَائَهَا ، ضَربَاتٍ فِيْ فُؤَادِهَا وَمَنْهَجِهَا لِتَهْويدِ هَويَّتِهَا الإسلاميّةُ الصَّافيَةْ ، حَتَّى اسْتَقَرَّ للعَدوِّ قَبْضَةُ إِحْكَامٍ فِيْ تَوْجِيهِ هَذهِـ الضَّرَبَاتِ حِينمَا اسْتَغلَّ عُقولاً تَحْمِلُ هَذهـِ الهَويَّةَ شَكْلاً وَمَظْهرَاً ، وَتُخَالِفُهَا بَاطِناً وَمُعْتَقَداً ، وَمِنْهُ شَهِدَتِ هَذهـِ البِلادُ مَعَارِكَ طَاحِنَةٍ فكْريَّةٍ بَيْنَ أُنَاسٍ شابَتْ لِحَاهُمْ بِالعِلْمِ وَالإيمَانِ وَقُلوبٍ يَمْلئُهَا حُبُّ الدِّينِ والغَيْرَةِ ، وَبَيْنَ عُقُولٍ مُهَجَّنَةٍ تَغْريبيَّةٍ سِلاحُهَا لَيْسَ إلا أَنَّهُمْ مَسَكُوا زُمَامَ أُمورٍ يَسْتَطيعُوا مِنْ خِلالِهِ فَرْضَ سَيْطَرَتِهِمْ واسْتِفْزَازِ مَشَاعِرِ العَامَّةِ ورُموزِ الدِّينْ ، وَمَا فَتئُوا فِيْ السَّب والشَّتْمِ وِإقْصَاءِ رِجَالِ الدِّينِ الذيْنَ هُمْ مَنْبَعُ هَذهِـ الهَويَّة فِيْ هَذا الزَّمَنْ .
وَجَاءَتِ الاسْتِفْزَازَاتِ مُغَلَّفَةً بِمَلَفَّاتٍ وَهْميَّةٍ وَ خَدَّاعَةٍ تَحْتَ مُسَمَّى الحُقوقِ وَ الإصْلاحَاتِ والحُريَّة ، وَكُلُّ هَذهـِ المَلفَّاتُ لا تُفْتَحُ إلا بِمَا يُنَاسِبُ ضَرَبَاتِ الجَمَاعَاتِ التَّغرِيبيَّة لِهَويَّةِ هَذهـِ البِلادْ .
مُنْذُ َمَتى وَبِلادُ الحَرمينِ – حَرَسَها اللهُ – تَسْتَضيفُ كُتُبًا إِلحَاديَّةٍ وَصَفويَّةٍ وَ إِيحَاءَاتٍ جِنسْيَّةٍ ، وَ هُو مَا امْتَلأتْ بِهِ أَرْفُفُ المَعَارِضِ التيْ تُقَامْ ، وَلَمْ يَكُنْ هَذا سِوى في السَّنوَاتِ الأَخيرَةْ فِي تَحَدٍّ وَمُواجَهَةٍ وَاسْتِفْزازٍ لأَهْلِ هَذهِـ البِلادِ وَهويَّتهم وَعَقيدَتُهمْ ، فَمِنْ سَابٍّ لِذَاتِ الإلَهِ إلى رِوَايَةِ انْحلالٍ وَفِسْقٍ وَزْعمٌ بِالغَرَامْ ، إِلى التَّشريدِ بِهَيْبَةِ العُلمَاءِ والدِّينِ فِي صُحُفِ الدَّولَةِ الرَّسميَّةِ - مَعْ أَنَّهَا مُخَالفَةً صَريحَةً لِدُسْتورِ البِلادْ –وَ مِنْهَا اَنْتَقَلتِ العَدْوَى إِلى وُزَارَةٍ أُخْرَى سَقطَ عَقْلُ وَزيرِهَا فيْ عَوْرَتِهِ حِينمَا نَسيَ مَهَامَّ الوُزَارَةِ لِيَلْهَثَ خَلْفَ " التلاحُمَ الجَسديَّ" الذيْ بِه يُنَاديْ لاسْتِعبَادِ نِسَاءٍ لَطَالَمَا عِشْنَ حَيَاةً كَريمَةً مَصُونَةً بِصِيَانَةِ هَذا الشَّرْعِ الحَكيمِ وَهَويَّةً نَقيَّة بَيْنَ بِيئَةٍ نِسَائيَّةٍ أَوْ بَيْتٍ آمِنْ ، وَ رُغْمَ الضَّحكاتِ وَالجَلسَاتِ المُطَوَّلةِ بَيْنَ النِّسَاءِ إلا أَنَّ الأرْضَ ضَاقَتْ بِهِ ذَرْعاً حِينمَا تَحَلقَّ حَوْلُهُ أَهْلُ العِلْمِ والدِّينْ .
إِنَّ التَّهْويدَ لِهَويَّةِ هَذهـِ الدَّوْلَةِ السُّنيَّةَ المُسْلِمَةَ يُدَارُ وَيُحَاكَ بِأيدٍ تَسْتَخِدُم نُفوذَهَا بِإقْصَاءِ وَتَعيينِ مَنْ يُرونَ بِهِ قُدْرَةً على الصُّمودِ فِيْ وَجْهِ المُجْتَمَعِ البَريءِ المَجْني عَليْهِ بِهَذا التَّهويدِ ، لإِخْرَاجِ المُجْتَمَعِ مِنْ ثَقَافَةِ التَّوحيدِ والمُحَافَظَةِ إِلى ثَقَافَة التَّغريبِ والإنْحِلالِ والفَسَادِ والقَضَاء عَلى الصَّوْت الشَّرعي فِيْ بَلدٍ قَامَ على الشَّريعَةِ الإسلاميَّة دُستوراً وَأرْضاً وَفِطْرَة .
لَقَدْ اجْتَمَعَ التَّغريبيُّونَ لِتِهَوْيدِ هَذهـِ البِلادْ بِمِلَّةٍ وَاحِدَةٍ وَهَدفٍ وَاحِدْ ، وَحِينمَا شَنَّوا حَمَلاتِهِمْ عَلى أَحدِ العُلمَاء شَتَموا وَلَمُزوا بِجنسّيتِهِ ، ونَسُوا أُولئِكَ الذِينَ أَتُوا بَحْراُ وَجَوّا وَعَاشُوا سِنينَ طَويلَةً مُتَخلّفينَ بِلا هَويَّة دُخلاء عَلى مُجْتمَعاتِنَا لِهَدْمِهَا ، وَإلا فَإنَّنَا وللهِ الحَمْد فَنحْنُ مُجْتَمَع نَتَشَرَّفُ بِالبَشَرِ بِهَويَّةِ عَقيدَتِهِم وَأخْلاقِهِم لا جِنسيَّتِهِم وَ أُصُولِهم .
الأَخْبَارُ أَتَتْ هَكَذا :
* أقيم اليوم حفلاً غنائيا وموسيقى صاخبة ومجموعة راقصات في مبنى وزارة التربية والتعليم / القسم النسائي بحضور نائبة الوزير نورة الفايز احتفاءً بالملك !!
* فَنَّانٌ يُمْنَحُ هَويَّةً سُعوديَّةْ !! [ مَعْ أَنَّ طُلابُ عِلمٍ لَمْ يَحضوا بِهَا ]
* السَّمَاحُ لِكُتُبٍ تُخالفُ العَقيدَةَ والأخْلاق في مَعْرَضِ الكِتاب !!
* مَهَى فِتيحيْ تَقُودُ الكَشَّافَةَ النِّسَائيَّة !!
* مُنْتَدى الخَديعَة في جَدَّة !!
* إِغلاقْ حَلقَات تَحفيظ القُرآن !!
* دَمْج الصُّفوف الأوليَّة !!
* جَامِعَة مُخْتَلطَة !!
أَبَعْدَ هَذا مِنْ اسْتِفْزَاز ؟!
وَ اللهِ لَوْ كَانَ في المَعْرَضِ كُتُبٌ تُرَوِّجُ لأفكَارِ القَاعِدَةِ لأُلغيَ عَنْ بَكْرَةِ أَبيهِ ، رُغْمَ أَنَّ كِلاهُمَا القَاعِديُّ والتَغريبيُّ دَمارٌ للبِلادِ والعِبَادْ .
***
أَخْشَى أَنْ يَأتيْ يَومًا نَقُولُ فيهِ إِنَّ الشَّعبَ الحُرَّ المُسْلِم لا يُريدُ مَكَرَمَةً مَلكيَّةً في حَقَّهِ في المَعيشَة ، إِنّمَا يُريدُ مَكْرَمَةً مَلكيَّةً في حَقَّ رَبِّهِ في تَطْبيقِ شَرعِهِ في بَلدٍ إِسلاميّ مُحَافِظْ .
قَالَ إِبرَاهِيمَ السَّكْرَانِ حَفِظَهُ الله :
مَا يَجِبُ أَنْ يَفْهَمَهُ صَانِعُوا القَرَار اليَوْمَ أَنَّ: " الأَمْنَ السِّيَاسِيُّ لأَهْلِ السُّنْةِ مُرْتَبِطٌ بِالأَمْنِ العَقدِيُّ لَهُمْ.. وَأتَمَنّى أَنْ لا يَأْتِيْ اليَومَ الذّيْ نَقُولُ فِيهِ : أُكِلْنَا حِينَ لَمْ نُقدر صَرْخَةَ نِمر النِّمر حَقَّ قَدْرِهَا " أهـ
إِنَّ الدَّوْلَةَ التي قَامَتْ عَلى الفِهْمِ الصَّحيح للكِتَابِ والسُّنْة ، لا تُهْدَمْ إِلا بِالجَهْلِ بِهِمَا .
نَسْأل اللهَ العَظيمَ بِمنِّ وَكَرَمِهِ أَنْ يَحفَظَنَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَفِتْنَة ، وَيَحْفَظَ أَمْنَنا واسْتِقْرارَنَا وَيَكْفينَا شَرَّ مَنْ بِهِ شَرٌّ عَلينَا بِديننا وَحيَاتِنَا وَأمْنِنَا وَاعْرَاضَنَا ، وَيُصْلحَ ولاةَ اُمورِنَا وَيُوفِّقُهم لِمَا فيهِ صَلاحُ البلادِ والعِبَاد .
إِنْ صَوَابًا فَمِن اللهِ وَإِنْ خَطأَ فَمِنْ نَفْسي والشَّيْطَانْ
دُمْتُم بِحِفْظِ الرَّحْمَنِ وَرِعَايتهِ