إن الحياة تكون بالشكل الذي ننظر إليها , فالشمس تشرق على السعيد و الحزين على المبتلى و المعافى لكن لكل منظاره و طريقة تفكيره وتعامله مع تقلبات حياته و آلالامه و لم أرَ للحزين و المبتلى منظاراً أبها و أجمل من الإسلام و أحكامه و هذا مما لا نختلف عليه .
قد تتحطم طموحاتنا و لا نصل لأهدافنا لكن قد تكون هذه نعمة و فضل من الله سبحانه على رغم ما تحمله بين طياتها من آلالام تفتك بالقلب و تدمع الأعين و تسوّد حياتنا في أعيننا فلا نرى هذه الحياة إلا صحراء مقفرة , دعينا نتأمل فيمن حولنا ـ ممن نعرفهم حق المعرفة ونخبر حياتهم جيداً ـ حق التأمل وننظر لحياتهم هل خلت من منغصات و مصائب مما يظهر إلينا مع أن كثير من الناس حتى المقربين لا يظهرون جزء من هذه لنا , لا نركن إلى ظواهر الناس و ما نراه عليهم بل لنرى القريبين ممن نعرف أحوالهم و أخبارهم و قصص حياتهم لندرك حقاً أن جزء كبير من الحياة يطلب منا مكابدة للنفس وشدة تحمل للمصائب لنقطع تلك المفازة إلى أرض خضراء ممرعة فيها أنهار جارية و مروج و ورود , و قد تعود تلك الصحراء المقفرة إلينا مرة أخرى لكن لا تلبث أن تذهب سريعاً لتعود السعادة إلى حياتنا , فيعقب الشتاء الباكي ربيع ضاحك .
هناك أشخاص لا يواصلون السير ليقطعوا تلك المفازة أو الصحراء بل يمكثوا في أماكنهم و يبكوا على حالهم والناس يسيرون من حولهم ليتجاوزوا مصاعب هذا الصحراء شدة حرارتها بردها إلى حيث الدفء و السعادة .
و يكفي لإثبات صحة ذلك دليلاً وهو آيتان في سورة الشرح , قال تعالى (
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا )
يقول ابن سعدي في تفسيره رحمه الله "
بشارة عظيمة، أنه كلما وجد عسر وصعوبة، فإن اليسر يقارنه ويصاحبه، حتى لو دخل العسر جحر ضب لدخل عليه اليسر، فأخرجه كما قال تعالى:[سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا] وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" وإن الفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا", وتعريف" العسر" في الآيتين، يدل على أنه واحد، وتنكير" اليسر"يدل على تكراره، فلن يغلب عسر يسرين. , وفي تعريفه بالألف واللام، الدالة على الاستغراق والعموم يدل على أن كل عسر -وإن بلغ من الصعوبة ما بلغ- فإنه في آخره التيسير ملازم له. " ا.هـ
إذا كان هذ الطريق غير مناسب أو كان مسدوداً لنسلك طريقاً آخر , إذا أغلقت الأرض كلها دونكِ فاصعدي للسماء , و لا تقفي أبداً و تستسلمي للحزن و آلالامه , هذا الألم الشديد و الهم و الكرب قد يمر بنا كثيراً فيعصر قلوبنا وينهك أجسادنا و لكن مع هذا يجب أن نبحث عن الطريق لنتجاوزه , فلا بد أن هناك طرق و ليس طريق واحد فكلما أغلق بوجهك طريق فتح طريقان و إن لم يفتح فهناك تصدع ينتظرك ليفتح لك طريق واسع واضح المعالم , فقط نحن بحاجة للصبر مع التأمل و النظر و تقييم الوضع جيداً والاستعانة بالله قبل ذلك , رأيت الكثير من أهل المصائب و الالام و رأيت التباين الكبير بين نظرة كل واحد منهم و كيف أن هذا الشخص أتاه من المصائب ما عجبت لشدة تحمله و لكنه شق طريقاً فانهال عليه الماء كالسيل الجارف ليخرجه مما هو فيه فقط لأنه تحرك و سعى بينما الآخر مكث و لم يعمل شيء فتأخر قليلاً و أضاع من عمره الكثير مع أن الفرج و اليسر قد جاءه و لكن بعدما أضاع الكثير من وقته .
و لا أريد أن أزيد لأن الكلام يطول في هذا كثيراً , فمهما كانت آلالامك و أحزانك ومهما بلغت فإن اليسر سيأتي معها حتى و لو تأخر فهو آت لا محالة , لذلك لا تنتظريه بل اسعي إليه و استعيني بالله لتبلغيه , أما إن استسلمت لحزنك و آلالامك وما يواجهك من مصاعب جمة فقد يأتيك لكن بعد أن يأخذ من عمرك ووقتك الكثير و ربما ضاعت عليك فرص كنت ستدركينها لو سعيتِ و لم تقفي .
قال الشاعر :
كم تشتكي و تقول إنّك معدم***و الأرض ملكك و السماو الأنجم ؟
(
القصيدة كاملة هنا و هي رائعة )
فرج الله همك و أسعد أيامك و أزاح عن حياتك الحزن والألم و كل مكروب و مهموم من المسلمين