المنحى الإيماني في أوامر المليك حفظه الله
لا حديث للناس في الأيام الماضية إلا الأوامر الكريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين حفظه الله التي غمر بها مواطنيه بكل كرمٍ وأريحية , وصدق تفاعلٍ بين المليك وشعبه .
وهو حدثً لا شك يستحق الوقوف طويلاً حول الجوانب الإيمانية التي تمثلت في هذا الموقف العظيم من خلال ما يلي :
1. شكر الله على هذه النعمة العظيمة , نعمة الأمن والإيمان , والرخاء في العيش , وبالشكر تدوم النعم وتزداد ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) , ونحن ولا شك ننتظر المزيد من أوامر الخير من مليكنا حفظه الله , ولكي نحظى بهذا المزيد علينا أن نتوجه بالشكر إلى المنعم الأعظم جل جلاله , فهو الشكور الحليم , وبيده الأمر كله , وما الخلق إلا مأمورون بأمره سبحانه .
2. في الأوامر الملكية الكريمة , وفرحة الشعب بها فرحاً عظيما , يتجلى ضعف الإنسان بكل صوره , وتتجلى عظمة الباري سبحانه , فمخلوق كريم يتمثل في شخصية الملك حفظه الله استطاع أن يجلب الفرحة بكلمات يسيرة , فكيف بمالك الملوك جل جلاله حين يتكرم على عباده بالمغفرة والتوبة والعتق من النار ؟ ( كتب ربكم على نفسه الرحمة ) ( ورحمتي وسعت كل شيء ) ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ) ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ) {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا}
فكل هذه الأوامر العظيمة من مالك الملك سبحانه أحق بالفرحة والاستبشار , وهو الذي بيده الأمر كله , ولا راد لحكمه سبحانه , فهلا نتأمل هذا الأمر لنلتجئ إلى الله سبحانه ونفزع إليه وحده لا شريك له .
3. حين نخلو بعبادتنا ونتذكر نعمة الله علينا بأن سخر لنا ملكا كريما عظيما فندعو له بجوامع دعاء الخير , فإننا ندعو لأنفسنا قبل أن ندعو له , لأن الدعاء للإمام دعاء للأمة فصلاح الإمام صلاح لها , ولأن الملائكة تقول لك : ولك بمثل .
فكن صادقاً في دعائك لولي أمرك تحظَ بهذا الفضل العظيم .
وصلى الله على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين .
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ
[ محمود سامي البارودي ]
|