((لولا مصائب الدنيا لوردنا الجنة مفاليس))
ما الذي تحتسبيه في صبرك أختي؟
لماذا أنت حزينة هكذا ؟ ...
وما هذه الهموم التي بين أضلعك ؟...
لقد أتعبك الأرق والسهر، وذوى عودك وذهبت نضرتك...لماذا كل هذه المعاناة...؟ فهذا أمر قد جرى وقدر، ولا تملك دفعه إلا أن يدفعه الله عنك، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها فلا تكلف نفسك من الأحزان مالا تطيق !...
استغلي مصيبتك لصالحك لتكسبي أكثر مما تخسرين،
كي تتحول أحزانك إلى عبادة الصبر العظيمة – عفواً – إنها عبادات كثيرة وليست واحدة !.. كالتوكل ... والرضا .. والشكر.
فسيبدل الله بعدها أحزانك سروراً في الدنيا قبل الآخرة لأن من ملأ الرضا قلبه فلن يجزع من مصيبته وهذا والله من السعادة ...
ألا تري أن أهل الإيمان أبش الناس وجوها مع أنهم أكثرهم بلاء !
فكوني فطنه ... فالدنيا لا تصفو لأحد وكلما انتهت مصيبة أتت أختها ....
وقد قيل : إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
أيتها الأخت
وأنتي بما أنك في بحر الأحزان تغالبين أمواج الهموم القاتلة وهي تعصف بزورقك الصغير... بينما تجدفين بحذر يمنة ويسرة... ولكن الأمواج كانت أعلى منك بكثير ولم يبق إلا أن تطيح بك... وفي تلك اللحظات السريعة أيقنتي بأن لا مفر لك من الله إلا إليه فذرفت عيناك... وخضع قلبك معها... واتجه كيانك كله إلى الله يدعوه يا رب ... يا رب ... يا فارج الهم فرج لي...
هنا سكن بحر الأحزان... وهدأت الأمواج العالية... وسار قاربك فوقه بهدوء واطمئنان... إن شيئاً من الواقع لم يتغير سوى ما بداخلك... قال الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد: 11). لقد تحول جزعك إلى تسليم، وسخطك إلى رضى ...
فاجعل هذه الهموم والأحزان أفراحا لك في الآخرة فهي والله أيامك في الدنيا ولياليك فاصبري واحتسبي:
انظري إلى الأشجار في فصل الخريف كيف تتساقط أوراقها ما أروع هذا المنظر!.. إن احتسابك للمعصية سيجعل ذنوبك تتساقط كما تحط الشجرة ورقها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله [ به] سيئاته كما تحط الشجرة ورقها"[1].
الصبر - يا أختي - ليس فقط على أقدار الله المؤلمة… إنما هناك أيضا الصبر على طاعة الله وتنفيذ أوامره كذلك الصبر عن فعل المعاصي… فلا تنسي أن تحتسب تلك الأجور في جميع أنوع الصبر…
قال بعض السلف:
(لولا مصائب الدنيا لوردنا القيامة مفاليس).
|